ضَجِيجُهُمْ قُلْتُ لِرَجُلٍ قَرِيبٍ مِنِّي: أَيْ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، مَاذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي آخِرِ كَلَامِهِ؟ قَالَ: قَالَ: قَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ. انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَفِي الْكُسُوفِ مِنْ طَرِيقِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِتَمَامِهِ، وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ: يُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ لَهُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ. الْحَدِيثَ، فَلَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ مَا بَيَّنَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ تَفْهِيمِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ لِأَسْمَاءَ فِيهِ. وَأَخْرَجَهُ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ مِنْ طَرِيقِ فَاطِمَةَ أَيْضًا، وَفِيهِ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، لَغَطَ نِسْوَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَنَّهَا ذَهَبَتْ لِتُسْكِتَهُنَّ، فَاسْتَفْهَمَتْ عَائِشَةُ عَمَّا قَالَ. فَيُجْمَعُ بَيْنَ مُخْتَلِفِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهَا احْتَاجَتْ إِلَى الِاسْتِفْهَامِ مَرَّتَيْنِ، وَأَنَّهُ لَمَّا حَدَّثَتْ فَاطِمَةُ لَمْ تُبَيِّنْ لَهَا الِاسْتِفْهَامَ الثَّانِي. وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الرَّجُلِ الَّذِي اسْتَفْهَمَتْ مِنْهُ عَنْ ذَلِكَ إِلَى الْآنَ.
وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَسْمَاءَ مَرْفُوعًا: إِذَا دَخَلَ الْإِنْسَانُ قَبْرَهُ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا احْتَفَّ بِهِ عَمَلُهُ، فَيَأْتِيهِ الْمَلَكُ فَتَرُدُّهُ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ، فَيُنَادِيهِ الْمَلَكُ: اجْلِسْ، فَيَجْلِسْ، فَيَقُولُ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: عَلَى ذَلِكَ عِشْتَ وَعَلَيْهِ مِتَّ وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ. الْحَدِيثَ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَلِيهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ حَدِيثِ أَسْمَاءَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ هُنَا: زَادَ غُنْدَرٌ: عَذَابُ الْقَبْرِ وَهُوَ غَلَطٌ، لِأَنَّ هَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي آخِرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَسْمَاءَ فَلَا رِوَايَةَ لِغُنْدَرٍ فِيهِ.
سَادِسُ أَحَادِيثِ الْبَابِ حَدِيثُ أَنَسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي بَابِ خَفْقِ النِّعَالِ وَعَبْدُ الْأَعْلَى الْمَذْكُورُ فِيهِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى السَّامِيُّ - بِالْمُهْمَلَةِ - الْبَصْرِيُّ، وَسَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ) كَذَا وَقَعَ عِنْدَهُ مُخْتَصَرًا، وَأَوَّلُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ بِهَذَا السَّنَدِ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ دَخَلَ نَخْلًا لِبَنِي النَّجَّارِ، فَسَمِعَ صَوْتًا فَفَزِعَ فَقَالَ: مَنْ أَصْحَابُ هَذِهِ الْقُبُورِ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَاسٌ مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ. قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ،؟ قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَأَفَادَ بَيَانَ سَبَبِ الْحَديثِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ) زَادَ مُسْلِمٌ: إِذَا انْصَرَفُوا. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: يَأْتِيهِ مَلَكَانِ. زَادَ ابْنُ حِبَّانَ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ، يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا: الْمُنْكَرُ، وَلِلْآخَرِ: النَّكِيرُ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ: يُقَالُ لَهُمَا: مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ. زَادَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَعْيُنُهُمَا مِثْلُ قُدُورِ النُّحَاسِ، وَأَنْيَابُهُمَا مِثْلُ صَيَاصِي الْبَقَرِ، وَأَصْوَاتُهُمَا مِثْلُ الرَّعْدِ. وَنَحْوُهُ لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ مُرْسَلِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَزَادَ: يَحْفِرَانِ بِأَنْيَابِهِمَا، وَيَطَآنِ فِي أَشْعَارِهِمَا، مَعَهُمَا مِرْزَبَّةٌ، لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا أَهْلُ مِنًى لَمْ يُقِلُّوهَا. وَأَوْرَدَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ حَدِيثًا فِيهِ: إِنَّ فِيهِمْ رُومَانُ وَهُوَ كَبِيرٌ. وَذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ اسْمَ اللَّذَيْنِ يَسْأَلَانِ الْمُذْنِبَ: مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ، وَأَنَّ اسْمَ اللَّذَيْنِ يَسْأَلَانِ الْمُطِيعَ: مُبَشِّرٌ وَبَشِيرٌ.
قَوْلُهُ: (فَيُقْعِدَانِهِ) زَادَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ: فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ أَحَادِيثِ الْبَابِ، وَزَادَ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَإِذَا كَانَ مُؤْمِنًا كَانَتِ الصَّلَاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَالزَّكَاةُ عَنْ يَمِينِهِ، وَالصَّوْمُ عَنْ شِمَالِهِ، وَفِعْلُ الْمَعْرُوفِ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ. فَيُقَالُ لَهُ: اجْلِسْ، فَيَجْلِسُ، وَقَدْ مَثَلَتْ لَهُ الشَّمْسُ عِنْدَ الْغُرُوبِ. زَادَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: فَيَجْلِسُ فَيَمْسَحُ عَيْنَيْهِ وَيَقُولُ: دَعُونِي أُصَلِّي.
قَوْلُهُ: (فَيَقُولَانِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ؟) زَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي أَوَّلِهِ: مَا كُنْتَ تَعْبُدُ؟ فَإِنْ هَدَاهُ اللَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَعْبُدُ اللَّهَ. فَيُقَالُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ. وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ؟ وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute