للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالْهَيْئَةِ حَتَّى قَامَ عَلَيْهِمْ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ بَشِّرْ الْكَانِزِينَ بِرَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفِهِ وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيِهِ يَتَزَلْزَلُ ثُمَّ وَلَّى فَجَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ وَتَبِعْتُهُ وَجَلَسْتُ إِلَيْهِ وَأَنَا لَا أَدْرِي مَنْ هُوَ فَقُلْتُ لَهُ لَا أُرَى الْقَوْمَ إِلاَّ قَدْ كَرِهُوا الَّذِي قُلْتَ قَالَ إِنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا"

١٤٠٨ - قَالَ لِي خَلِيلِي قَالَ قُلْتُ مَنْ خَلِيلُكَ قال النبي : "يَا أَبَا ذَرٍّ أَتُبْصِرُ أُحُدًا قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَى الشَّمْسِ مَا بَقِيَ مِنْ النَّهَارِ وَأَنَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ يُرْسِلُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ كُلَّهُ إِلاَّ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ" وَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَعْقِلُونَ إِنَّمَا يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا لَا وَاللَّهِ لَا أَسْأَلُهُمْ دُنْيَا وَلَا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ"

قَوْلُهُ: (بَابُ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ) قَالَ ابنُ بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ: وَجْهُ اسْتِدْلَالِ الْبُخَارِيِّ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ الْكَنْزَ الْمَنْفِيَّ هُوَ الْمُتَوَعَّدُ عَلَيْهِ الْمُوجِبُ لِصَاحِبِهِ النَّارَ، لَا مُطْلَقُ الْكَنْزِ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَحَدِيثُ: لَا صَدَقَةَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ. مَفْهُومُهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ فَفِيهِ الصَّدَقَةُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ كُلَّ مَالٍ أُخْرِجَتْ مِنْهُ الصَّدَقَةُ فَلَا وَعِيدَ عَلَى صَاحِبِهِ، فَلَا يُسَمَّى مَا يَفْضُلُ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ الصَّدَقَةُ كَنْزًا. وَقَالَ ابْنُ رَشِيدٍ: وَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ أَنَّ مَا دُونَ الْخَمْسِ، وَهُوَ الَّذِي لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ قَدْ عُفِيَ عَنِ الْحَقِّ فِيهِ، فَلَيْسَ بِكَنْزٍ قَطْعًا، وَاللَّهُ قَدْ أَثْنَى عَلَى فَاعِلِ الزَّكَاةِ، وَمَنْ أُثْنِيَ عَلَيْهِ فِي وَاجِبِ حَقِّ الْمَالِ لَمْ يَلْحَقْهُ ذَمٌّ مِنْ جِهَةِ مَا أُثْنِيَ عَلَيْهِ فِيهِ وَهُوَ الْمَالُ. انْتَهَى.

وَيَتَلَخَّصُ أَنْ يُقَالَ: مَا لَمْ تَجِبْ فِيهِ الصَّدَقَةُ لَا يُسَمَّى كَنْزًا؛ لِأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، فَلْيَكُنْ مَا أُخْرِجَتْ مِنْهُ الزَّكَاةُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عُفِيَ عَنْهُ بِإِخْرَاجِ مَا وَجَبَ مَنْهُ، فَلَا يُسَمَّى كَنْزًا. ثُمَّ إِنَّ لَفْظَ التَّرْجَمَةِ لَفْظُ حَدِيثٍ رُوِيَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَخْرَجَهُ مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْهُ مَوْقُوفًا، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ، وَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: كُلُّ مَا أَدَّيْتَ زَكَاتَهُ وَإِنْ كَانَ تَحْتَ سَبْعِ أَرَضِينَ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ، وَكُلُّ مَا لَا تُؤَدَّى زَكَاتُهُ فَهُوَ كَنْزٌ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. أَوْرَدَهُ مَرْفُوعًا، ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ، وَالْمَشْهُورُ وَقْفُهُ. وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَنْزِ مَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ. وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ بِلَفْظِ: إِذَا أَدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ أَذْهَبْتَ عَنْكَ شَرَّهُ. وَرَجَّحَ أَبُو زُرْعَةَ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَقْفَهُ كَمَا عِنْدَ الْبَزَّارِ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ: إِذَا أَدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ. وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَهُوَ عَلَى شَرْطِ ابْنِ حِبَّانَ. وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ أَيْضًا، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: فِي سَنَدِهِ مَقَالٌ. وَذَكَرَ شَيْخُنَا (١) التِّرْمِذِيِّ أَنَّ سَنَدَهُ جَيِّدٌ.


(١) هو الحافظ العراقي. ولفظه عند أبي داود "عن أم سلمة أنها كانت تلبس أوضاحا من ذهب فقالت: يارسول الله، أكنز هو؟ فقال: ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكي، فليس بكنز". اهـ وسنده جيد كما قال العراقي. وهوحجة ظاهرة على أن الكنز المتوعد عليه بالعذاب هو المال الذي لا تؤدى زكاته. والله أعلم