للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِنْ كَانَ لَكَ بِالشَّامِ حَاجَةٌ فَابْعَثْ إِلَى أَبِي ذَرٍّ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ أَنِ اقْدَمْ عَلَيَّ، فَقَدِمَ.

قَوْلُهُ: (فِي وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) سَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ بَرَاءَةٌ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ، عَنْ حُصَيْنٍ بِلَفْظِ: فَقَرَأْتُ: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.

قَوْلُهُ: (نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ) فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ مَا هَذِهِ فِينَا.

قَوْلُهُ: (فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاسُ حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي) فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ: أَنَّهُمْ كَثُرُوا عَلَيْهِ يَسْأَلُونَهُ عَنْ سَبَبِ خُرُوجِهِ مِنَ الشَّامِ، قَالَ: فَخَشِيَ عُثْمَانُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا خَشِيَهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ.

قَوْلُهُ: (إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتُ) فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ: فَقَالَ لَهُ: تَنَحَّ قَرِيبًا. قَالَ: وَاللَّهِ لَنْ أَدَعَ مَا كُنْتُ أَقُولُهُ. وَكَذَا لِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ وَرْقَاءَ، عَنْ حُصَيْنٍ بِلَفْظِ وَاللَّهِ لَا أَدَعُ مَا قُلْتُ.

قَوْلُهُ: (حَبَشِيًّا) فِي رِوَايَةِ وَرْقَاءَ عَبْدًا حَبَشِيًّا وَلِأَحْمَدَ، وَأَبِي يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهُ: كَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْهُ؟ أَيِ الْمَسْجِدُ النَّبَوِيُّ، قَالَ: آتِي الشَّامَ. قَالَ: كَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْهَا؟ قَالَ: أَعُودُ إِلَيْهِ، أَيِ الْمَسْجِدَ، قَالَ: كَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْهُ؟ قَالَ: أَضْرِبُ بِسَيْفِي، قَالَ: أَدُلُّكَ (١) عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ ذَلِكَ وَأَقْرَبُ رُشْدًا، قَالَ: تَسْمَعُ وَتُطِيعُ وَتَنْسَاقُ لَهُمْ حَيْثُ سَاقُوكَ، وَعِنْدَ أَحْمَدَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ نَحْوَهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ إِنْكَارَ أَبِي ذَرٍّ كَانَ عَلَى السَّلَاطِينِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الْمَالَ لِأَنْفُسِهِمْ، وَلَا يُنْفِقُونَهُ فِي وَجْهِهِ. وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِالْإِبْطَالِ، لِأَنَّ السَّلَاطِينَ حِينَئِذٍ كَانُوا مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَخُونُوا. قُلْتُ: لِقَوْلِهِ مَحْمَلٌ، وَهُوَ أَنَّهُ أَرَادَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ حِينَئِذٍ مَنْ يَفْعَلُهُ.

وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ: أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ لِاتِّفَاقِ أَبِي ذَرٍّ، وَمُعَاوِيَةَ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، وَفِيهِ مُلَاطَفَةُ الْأَئِمَّةِ لِلْعُلَمَاءِ، فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَجْسُرْ عَلَى الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ حَتَّى كَاتَبَ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فِي أَمْرِهِ، وَعُثْمَانُ لَمْ يَحْنَقْ عَلَى أَبِي ذَرٍّ مَعَ كَوْنِهِ كَانَ مُخَالِفًا لَهُ فِي تَأْوِيلِهِ، وَفِيهِ التَّحْذِيرُ مِنَ الشِّقَاقِ وَالْخُرُوجِ عَلَى الْأَئِمَّةِ، وَالتَّرْغِيبُ فِي الطَّاعَةِ لِأُولِي الْأَمْرِ، وَأَمْرُ الْأَفْضَلِ بِطَاعَةِ الْمَفْضُولِ خَشْيَةَ الْمَفْسَدَةِ، وَجَوَازُ الِاخْتِلَافِ فِي الِاجْتِهَادِ، وَالْأَخْذُ بِالشِّدَّةِ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى فِرَاقِ الْوَطَنِ، وَتَقْدِيمِ دَفْعِ الْمَفْسَدَةِ عَلَى جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ لِأَنَّ فِي بَقَاءِ أَبِي ذَرٍّ بِالْمَدِينَةِ مَصْلَحَةٌ كَبِيرَةٌ مِنْ بَثِّ عِلْمِهِ فِي طَالِبِ الْعِلْمِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَرَجَحَ عِنْدَ عُثْمَانَ دَفْعُ مَا يُتَوَقَّعُ مِنَ الْمَفْسَدَةِ مِنَ الْأَخْذِ بِمَذْهَبِهِ الشَّدِيدِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ مُجْتَهِدًا.

قَالَ لِي خَلِيلِي قَالَ قُلْتُ مَنْ خَلِيلُكَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ يَا أَبَا ذَرٍّ أَتُبْصِرُ أُحُدًا قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَى الشَّمْسِ مَا بَقِيَ مِنْ النَّهَارِ وَأَنَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُرْسِلُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ كُلَّهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ وَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَعْقِلُونَ إِنَّمَا يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا لَا وَاللَّهِ لَا أَسْأَلُهُمْ دُنْيَا وَلَا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ) هُوَ ابْنُ الْوَلِيدِ الرَّقَّامُ، وَعَبْدُ الْأَعْلَى هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَالْجُرَيْرِيُّ بِضَمِّ الْجِيمِ هُوَ سَعِيدٌ، وَأَبُو الْعَلَاءِ هُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ. وَأَرْدَفَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْإِسْنَادَ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ أَنْزَلَ مِنْهُ لِتَصْرِيحِ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ فِيهِ بِتَحْدِيثِ أَبِي الْعَلَاءِ، لِلْجُرَيْرِيِّ، وَالْأَحْنَفِ، لِأَبِي الْعَلَاءِ. وَقَدْ رَوَى الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ يَزِيدَ الْمَذْكُورِ عَنْ أَخِيهِ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ طَرَفًا مِنْ آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِعِلَّةٍ لِحَدِيثِ الْأَحْنَفِ، لِأَنَّ حَدِيثَ الْأَحْنَف أَتَمُّ سِيَاقًا وَأَكْثَرُ فَوَائِدَ، وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ لِيَزِيدَ فِيهِ شَيْخَانِ.

قَوْلُهُ: (جَلَسْتُ إِلَى مَلَأٍ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَبَيْنَمَا أَنَا فِي حَلْقَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ.

قَوْلُهُ: (خَشِنُ الشَّعْرِ إِلَخْ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِمُعْجَمَتَيْنِ مِنَ الْخُشُونَةِ، وَلِلْقَابِسِيِّ بِمُهْمَلَتَيْنِ مِنَ الْحُسْنِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: أَخْشَنُ الثِّيَابِ أَخْشَنُ الْجَسَدِ أَخْشَنُ الْوَجْهِ، فَقَامَ عَلَيْهِمْ وَلِيَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنِ الْأَحْنَفِ: قَدِمْتُ


(١) في المخطوطة "ألا أدلك".