أَنَّ لِعَبْدِ اللَّهِ امْرَأَةً فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ غَيْرُهَا، وَوَقَعَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، عَنْ هَنَّادٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ، عَنِ ابْنِ أَخِي زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ، فَزَادَ فِي الْإِسْنَادِ رَجُلًا، وَالْمَوْصُوفُ بِكَوْنِهِ ابْنَ أَخِي زَيْنَبَ هُوَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ نَفْسُهُ، وَكَأنَ أَبَاهُ كَانَ أَخَا زَيْنَبَ لِأُمِّهَا، لِأَنَّهَا ثَقَفِيَّةٌ وَهُوَ خُزَاعِيٌّ.
وَوَقَعَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ابْنِ أَخِي زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْنَبَ، فَجَعَلَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، هَكَذَا جَزَمَ بِهِ الْمِزِّيُّ، وَعَقَدَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي الْأَطْرَافِ تَرْجَمَةً لَمْ يَزِدْ فِيهَا عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ فِي التِّرْمِذِيِّ، بَلْ وَقَفْتُ عَلَى عِدَّةِ نُسَخٍ مِنْهُ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْقَطَّانِ الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَشُعْبَةَ، وَخَالَفَ التِّرْمِذِيَّ فِي تَرْجِيحِ رِوَايَةِ شُعْبَةَ فِي قَوْلِهِ: عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ أَخِي زَيْنَبَ لِانْفِرَادِ أَبِي مُعَاوِيَةَ بِذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَا يَضُرُّهُ الِانْفِرَادُ لِأَنَّهُ حَافِظٌ، وَقَدْ وَافَقَهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَقَدْ زَادَ فِي الْإِسْنَادِ رَجُلًا، لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُتَوَقَّفَ فِي صِحَّةِ الْإِسْنَادِ لِأَنَّ ابْنَ أَخِي زَيْنَبَ حِينَئِذٍ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ. وَقَدْ حَكَى التِّرْمِذِيُّ فِي: الْعِلَلِ الْمُفْرَدَاتِ أَنَّهُ سَأَلَ الْبُخَارِيَّ عَنْهُ، فَحَكَمَ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ بِالْوَهْمِ، وَأَنَّ الصَّوَابَ رِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ابْنِ أَخِي زَيْنَبَ. قُلْتُ: وَوَافَقَهُ مَنْصُورٌ عَنْ شَقِيقٍ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَلَعَلَّ أَبَا وَائِلٍ حَمَلَهُ عَنِ الْأَبِ وَالِابْنِ، وَإِلَّا فَالْمَحْفُوظُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَلَى الصَّوَابِ، فَقَالَ: عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ: فَذَكَرْتُهُ لِإِبْرَاهِيمَ) الْقَائِلُ هُوَ الْأَعْمَشُ، وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَفِي هَذِهِ الطَّرِيقِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ، وَرِجَالُ الطَّرِيقَيْنِ كُلُّهُمْ كُوفِيُّونَ.
قَوْلُهُ: (كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ فَرَأَيْتُ. . . إِلَخْ) فِي هَذَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَقَدِّمِ، وَبَيَانُ السَّبَبِ فِي سُؤَالِهَا ذَلِكَ. وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ الْأَيْتَامِ الَّذِينَ كَانُوا فِي حِجْرِهَا.
قَوْلُهُ: (فَوَجَدْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ) فِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ الْمَذْكُورَةِ: فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَزَادَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: انْطَلَقَتِ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - وَامْرَأَةُ أَبِي مَسْعُودٍ، يَعْنِي عُقْبَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ. قُلْتُ: لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ سَعْدٍ، لِأَبِي مَسْعُودٍ امْرَأَةً أَنْصَارِيَّةً سِوَى هُزَيْلَةَ بِنْتِ ثَابِتِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْخَزْرَجِيَّةَ، فَلَعَلَّ لَهَا اسْمَيْنِ، أَوْ وَهِمَ مَنْ سَمَّاهَا زَيْنَبَ انْتِقَالًا مِنَ اسْمِ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى اسْمِهَا.
قَوْلُهُ: (وَأَيْتَامٍ لِي فِي حِجْرِي) فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ الْمَذْكُورَةِ: عَلَى أَزْوَاجِنَا وَأَيْتَامٍ فِي حُجُورِنَا. وَفِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُمْ بَنُو أَخِيهَا وَبَنُو أُخْتِهَا. وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَلْقَمَةَ لِإِحْدَاهُمَا فَضْلُ مَالٍ وَفِي حِجْرِهَا بَنُو أَخٍ لَهَا أَيْتَامٌ، وَلِلْأُخْرَى فَضْلُ مَالٍ وَزَوْجٌ خَفِيفُ ذَاتِ الْيَدِ وَهَذَا الْقَوْلُ كِنَايَةً عَنِ الْفَقْرِ.
قَوْلُهُ: (وَلَهَا أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ) أَيْ: أَجْرُ صِلَةِ الرَّحِمِ وَأَجْرُ مَنْفَعَةِ الصَّدَقَةِ، وَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَمْ تُشَافِهْهُ بِالسُّؤَالِ وَلَا شَافَهَهَا بِالْجَوَابِ، وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ السَّابِقِ بِبَابَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا شَافَهَتْهُ وَشَافَهَهَا لِقَوْلِهَا فِيهِ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّكَ أَمَرْتَ. وَقَوْلُهُ فِيهِ: صَدَقَ زَوْجُكِ. فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَا قِصَّتَيْنِ، وَيَحْتَمِلُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنْ يُقَالَ: تُحْمَلُ هَذِهِ الْمُرَاجَعَةُ عَلَى الْمَجَازِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ عَلَى لِسَانِ بِلَالٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ دَفْعِ الْمَرْأَةِ زَكَاتَهَا إِلَى زَوْجِهَا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ وَصَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْ أَحْمَدَ، كَذَا أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَرِوَايَةُ الْمَنْعِ عَنْهُ مُقَيَّدَةٌ بِالْوَارِثِ، وَعِبَارَةُ الْجَوْزَقِيِّ: وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ مَؤنَتُهُ، فَشَرَحَهُ ابْنُ قُدَامَةَ بِمَا قَيَّدْتُهُ، قَالَ: وَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute