للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٤٩٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ.

الحديث ١٤٩٩ - أطرافه في: ٢٣٥٥، ٦٩١٢، ٦٩١٣]

قَوْلُهُ: (بَابٌ: فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ) الرِّكَازُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْكَافِ وَآخِرُهُ زَايٌ: الْمَالُ الْمَدْفُونُ مَأْخُوذٌ مِنَ الرَّكْزِ بِفَتْحِ الرَّاءِ، يُقَالُ: رَكَزَهُ يَرْكُزُهُ رَكْزًا إِذَا دَفَنَهُ فَهُوَ مَرْكُوزٌ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْمَعْدِنِ كَمَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ: الرِّكَازُ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ. . . إِلَخْ) أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: الْمَعْدِنُ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ، تُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ كَمَا تُؤْخَذُ مِنَ الزَّرْعِ حَتَّى يُحْصَدَ، قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِرِكَازٍ، إِنَّمَا الرِّكَازُ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطْلَبَ بِمَالٍ وَلَا يَتَكَلَّفُ لَهُ كَثِيرَ عَمَلٍ. انْتَهَى. وَهَكَذَا هُوَ فِي سَمَاعِنَا مِنْ الْمُوَطَّأِ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، لَكِنْ قَالَ فِيهِ: عَنْ مَالِكٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْخُمُسُ. فَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ كَذَلِكَ، وَفِيهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ عَنْهُ اخْتِلَافٌ، وَقَوْلُهُ: دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ بِكَسْرِ الدَّالِ وَسُكُونِ الْفَاءِ: الشَّيْءُ الْمَدْفُونُ؛ كَذِبْحٍ بِمَعْنَى مَذْبُوحٍ، وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ الْمَصْدَرُ وَلَا يُرَادُ هُنَا. وَأَمَّا ابْنُ إِدْرِيسَ، فَقَالَ ابْنُ التِّينِ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ يُقَالُ: إِنَّ إِدْرِيسَ هُوَ الشَّافِعِيُّ، وَيُقَالُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ الْكُوفِيُّ، وَهُوَ أَشْبَهُ، كَذَا قَالَ، وَقَدْ جَزَمَ أَبُو زَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ أَحَدُ الرُّوَاةِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ بِأَنَّهُ الشَّافِعِيُّ، وَتَابَعَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَجُمْهُورُ الْأَئِمَّةِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ ذَلِكَ وُجِدَ فِي عِبَارَةِ الشَّافِعِيِّ دُونَ الْأَوْدِيِّ، فَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالرِّكَازُ الَّذِي فِيهِ الْخُمُسُ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ مَا وُجِدَ فِي غَيْرِ مِلْكٍ لِأَحَدٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْخُمُسُ.

فَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَاخْتَارَهُ، وَأَمَّا الْجَدِيدُ فَقَالَ: لَا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ حَتَّى يَبْلُغَ نِصَابَ الزَّكَاةِ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَيْضًا، وَهُوَ مُقْتَضَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ فِي الْمَعْدِنِ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ) أَيْ فَغَايَرَ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا وَصَلَهُ فِي آخِرِ الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنْ كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً) وَصَلَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ نَحْوُهُ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ جَعَلَ الْمَعْدِنَ بِمَنْزِلَةِ الرِّكَازِ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْخُمُسُ، ثُمَّ عَقَّبَ بِكِتَابٍ آخَرَ فَجَعَلَ فِيهِ الزَّكَاةَ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحَسَنُ: مَا كَانَ مِنْ رِكَازٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَفِيهِ الْخُمُسُ، وَمَا كَانَ فِي أَرْضِ السِّلْمِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ، الْأَحْوَلِ عَنْهُ بِلَفْظِ: إِذَا وُجِدَ الْكَنْزُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَفِيهِ الْخُمُسُ، وَإِذَا وُجِدَ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا فَرَّقَ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ غَيْرَ الْحَسَنِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ وُجِدَتِ اللُّقَطَةُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَعَرَّفَهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْعَدُوِّ فَفِيهَا الْخُمُسُ) لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مَوْصُولًا وَهُوَ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الْمَعْدِنُ رِكَازٌ. . . إِلَخْ) قَالَ ابْنُ التِّينِ: الْمُرَادُ بِبَعْضِ النَّاسِ أَبُو حَنِيفَةَ. قُلْتُ: وَهَذَا أَوَّلُ مَوْضِعٍ ذَكَرَهُ فِيهِ الْبُخَارِيُّ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَبَا حَنِيفَةَ وَغَيْرَهُ مِنَ الْكُوفِيِّينَ مِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ، قَالَ ابنُ بَطَّالٍ: ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمَا إِلَى أَنَّ الْمَعْدِنَ كَالرِّكَازِ، وَاحْتَجَّ لَهُمْ بِقَوْلِ الْعَرَبِ: أَرْكَزَ الرَّجُلُ إِذَا أَصَابَ رِكَازًا، وَهِيَ قِطَعٌ مِنَ الذَّهَبِ تُخْرَجُ مِنَ الْمَعَادِنِ. وَالْحُجَّةُ لِلْجُمْهُورِ تَفْرِقَةُ النَّبِيِّ بَيْنَ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ بِوَاوِ الْعَطْفِ