وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: يَشَمُّ الْمُحْرِمُ الرَّيْحَانَ، وَيَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ، وَيَتَدَاوَى بِمَا يَأْكُلُ الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: يَتَخَتَّمُ وَيَلْبَسُ الْهِمْيَانَ. وَطَافَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَقَدْ حَزَمَ عَلَى بَطْنِهِ بِثَوْبٍ، وَلَمْ تَرَ عَائِشَةُ بِالتُّبَّانِ بَأْسًا لِلَّذِينَ يَرْحَلُونَ هَوْدَجَهَا
١٥٣٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ يَدَّهِنُ بِالزَّيْتِ، فَذَكَرْتُهُ لِإِبْرَاهِيمَ، قَالَ: مَا تَصْنَعُ بِقَوْلِهِ.
١٥٣٨ - حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مُحْرِمٌ"
١٥٣٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ "كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ"
[الحديث ١٥٣٩ - أطرافه في: ١٧٥٤، ٥٩٢٢، ٥٩٢٨، ٥٩٣٠]
قَوْلُهُ: (بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَمَا يَلْبَسُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ وَيَتَرَجَّلَ وَيَدَّهِنَ) أَرَادَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْأَمْرَ بِغَسْلِ الْخَلُوقِ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ قَبْلَهُ إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الثِّيَابِ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَلْبَسُ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَأَمَّا الطِّيبُ فَلَا يُمْنَعُ اسْتِدَامَتُهُ عَلَى الْبَدَنِ، وَأَضَافَ إِلَى التَّطَيُّبِ الْمُقْتَصَرِ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ الترَّجْلَ وَالِادِّهَانَ لِجَامِعِ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّرَفُّهِ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: يَلْحَقُ بِالتَّطَيُّبِ سَائِرُ التَّرَفُّهَاتِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ، كَذَا قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ إِلَى مَا سَيَأْتِي بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ مِنْ طَرِيقِ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: انْطَلَقَ النَّبِيُّ ﷺ مِنَ الْمَدِينَةِ بَعْدَ مَا تَرَجَّلَ وَادَّهَنَ، الْحَدِيثَ. وَقَوْلُهُ: تَرَجَّلَ أَيْ سَرَّحَ شَعْرَهُ، وَكَأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: طَيَّبْتُهُ فِي مَفْرِقِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعُ تَرْجِيلٍ، وَسَيَأْتِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِزِيَادَةِ وَفِي أُصُولِ شَعْرِهِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. . . إِلَخْ) أَمَّا شَمُّ الرَّيْحَانِ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا لِلْمُحْرِمِ بِشَمِّ الرَّيْحَانِ. وَرُوِّينَا فِي الْمُعْجَمِ الْأَوْسَطِ مِثْلَهُ عَنْ عُثْمَانَ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ جَابِرٍ خِلَافَهُ. وَاخْتُلِفَ فِي الرَّيْحَانِ؛ فَقَالَ إِسْحَاقُ: يُبَاحُ، وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَحْرُمُ، وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَالْحَنَفِيَّةُ. وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ كُلَّ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الطِّيبُ يَحْرُمُ بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا. وَأَمَّا النَّظَرُ فِي الْمِرْآةِ فَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي جَامِعِهِ رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيِّ عَنْهُ: عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْمِرْآةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ هِشَامٍ بِهِ، وَنَقَلَ كَرَاهَتَهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَأَمَّا التَّدَاوِي فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: يَتَدَاوَى الْمُحْرِمُ بِمَا يَأْكُلُ. وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا شُقِّقَتْ يَدُ الْمُحْرِمِ أَوْ رِجْلَاهُ فَلْيَدْهُنْهُمَا بِالزَّيْتِ أَوْ بِالسَّمْنِ. وَوَقَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute