لَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ عَلَى الْإِبْهَامِ؛ وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ. قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: وَكَأَنَّهُ مَذْهَبُ الْبُخَارِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَشَارَ بِالتَّرْجَمَةِ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِذَلِكَ الزَّمَنِ، لِأَنَّ عَلِيًّا، وَأَبَا مُوسَى لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمَا أَصْلٌ يَرْجِعَانِ إِلَيْهِ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِحْرَامِ، فَأَحَالَاهُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، وَأَمَّا الْآنَ فَقَدِ اسْتَقَرَّتِ الْأَحْكَامُ وَعُرِفَتْ مَرَاتِبُ الْإِحْرَامِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَأَنَّهُ أَخَذَ الْإِشَارَةَ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِزَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
قَوْلُهُ: (قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ ﵄ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ مَوْصُولًا فِي بَابِ بَعْثِ عَلِيٍّ إِلَى الْيَمَنِ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثًا: فَقَدِمَ عَلَيْنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنَ الْيَمَنِ حَاجًّا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: بِمَا أَهْلَلْتَ فَإِنَّ مَعَنَا أَهْلَكَ؟ قَالَ: أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ الْحَدِيثَ. وإِنَّمَا قَالَ لَهُ: فَإِنَّ مَعَنَا أَهْلَكَ لِأَنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ قَدْ تَمَتَّعَتْ بِالْعُمْرَةِ وَأَحَلَّتْ كَمَا بَيَّنَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ، وَمَرْوَانُ الْأَصْفَرُ يُقَالُ: اسْمُ أَبِيهِ خَاقَانَ، وَهُوَ أَبُو خَلَفٍ الْبَصْرِيُّ، وَرَوَى أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ، عَنْ أَنَسٍ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ الصَّحِيحِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ: لَا أَعْلَمُ رُوَاةً عَنْ سَلِيمِ بْنِ حَيَّانَ غَيْرَ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ.
قَوْلُهُ: (قَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ) سَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي ذِكْرُ سَبَبِ بَعْثِ عَلِيٍّ إِلَى الْيَمَنِ وَأَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَمِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ.
قوله (وزاد محمد بن بكر عن ابن جريج)؛ يعني عن عطاء عن جابر، ثبت هذا التعليق في رواية أبي ذر. وقد وصله الإسماعيلي من طريق محمد بن بشار، وأبو عوانة في صحيحه عن عمار بن رجاء؛ كلاهما عن محمد بن بكر به. وسيأتي معلقا أيضا في المغازي من هذا الوجه مقرونا بطريق مكي بن إبراهيم أيضا هناك أتم، والمذكور في كل من الموضعين قطعة من الحديث، وأورد بقيته بهذين السندين معلقا وموصولا في كتاب الاعتصام. والمراد بقوله في طريق مكي: وذكر قول سراقة أي سؤاله أعمرتنا لعامنا هذا أو للأبد؟ قال: بل للأبد. وسيأتي موصولا في أبواب العمرة من وجه آخر عن عطاء عن جابر.
قوله: (وامكث حراما كما أنت) في حديث ابن عمر المشار إليه قال: فأمسك، فإن معنا هديا.
قَوْلُهُ: (عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ) فِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ بْنِ عَائِذٍ الْآتِيَةِ فِي الْمَغَازِي عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ: سَمِعَتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي مُوسَى) هُوَ الْأَشْعَرِيُّ، وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ الْمَذْكُورَةِ: حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى.
قَوْلُهُ: (بَعَثَنِي النَّبِيُّ ﷺ إِلَى قَوْمِي بِالْيَمَنِ) سَيَأْتِي تَحْرِيرُ وَقْتِ ذَلِكَ وَسَبَبُهُ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ) زَادَ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ، عَنْ قَيْسٍ الْآتِيَةِ فِي بَاب مَتَى يُحِلُّ الْمُعْتَمِرُ؟ مُنِيخٌ؛ أَيْ نَازِلٌ بِهَا، وَذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ قُدُومِهِ.
قَوْلُهُ: (بِمَا أَهْلَلْتَ؟) فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ فَقَالَ: أَحَجَجْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: بِمَا أَهْلَلْتَ؟.
قَوْلُهُ: (قُلْتُ: أَهْلَلْتُ) فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ قُلْتُ: لَبَّيْكَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: أَحْسَنْتَ.
قَوْلُهُ: (فَأَمَرَنِي فَطُفْتُ) فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ: طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
قَوْلُهُ: (فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي) فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ: امْرَأَةً مِنْ قَيْسٍ، وَالْمتُبَادَرُ إِلَى الذِّهْنِ مِنْ هَذَا الْإِطْلَاقِ أَنَّهَا مِنْ قَيْسِ عيلَانَ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَشْعَرِيِّينَ نِسْبَةٌ، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ بْنِ عَائِذٍ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ بَنِي قَيْسٍ، وَظَهَرَ لِي مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَيْسٍ، قَيْسُ بْنُ سُلَيْمٍ وَالِدُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ زَوْجُ بَعْضِ إِخْوَتِهِ، وَكَانَ لِأَبِي مُوسَى مِنَ الْإِخْوَةِ أَبُو رُهْمٍ، وَأَبُو بُرْدَةَ، قِيلَ: وَمُحَمَّدٌ.
قَوْلُهُ: (أَوْ غَسَلَتْ رَأْسِي) كَذَا فِيهِ بِالشَّكِّ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ بِلَفْظِ: وَغَسَلَتْ رَأْسِي؛ بِوَاوِ الْعَطْفِ.
قَوْلُهُ: (فَقَدِمَ عُمَرُ) ظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّ قُدُومَ عُمَرَ كَانَ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلِ الْبُخَارِيُّ اخْتَصَرَهُ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ أَيْضًا بَعْدَ قَوْلِهِ: