للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَجًّا كَانَ أَوْ عُمْرَةً جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ بِأَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ وَيَنْحَرَ هَدْيَهُ وَيَحْلِقَ رَأْسَهُ أَوْ يُقَصِّرَ مِنْهُ. وَفِيهِ جَوَازُ إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، لَكِنَّ شَرْطَهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْوَاطٍ صَحَّ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ، وَقِيلَ: بَعْدَ تَمَامِ الطَّوَافِ، وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ. وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ أَبَا ثَوْرٍ شَذَّ فَمَنَعَ إِدْخَالَ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ قِيَاسًا عَلَى مَنْعِ إِدْخَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ. وَفِيهِ أَنَّ الْقَارِنَ يَقْتَصِرُ عَلَى طَوَافٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي بَابِهِ. وَفِيهِ أَنَّ الْقَارِنَ يُهْدِي، وَشَذَّ ابْنُ حَزْمٍ فَقَالَ: لَا هَدْيَ عَلَى الْقَارِنِ. وَفِيهِ جَوَازُ الْخُرُوجِ إِلَى النُّسُكِ فِي الطَّرِيقِ الْمَظْنُونِ خَوْفُهُ إِذَا رَجَى السَّلَامَةَ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.

قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ: (أنَّ بَعْضَ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ) قَدْ تَقَدَّمَ اسْمُهُ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَأَنَّهُ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ أَخُوهُ عُبَيْدُ اللَّهِ أَوْ عَبْدُ اللَّهِ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِي مَنِ الَّذِي تَوَلَّى مُخَاطَبَتَهُ مِنْهُمْ.

(تَنْبِيهٌ): وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ فِي أَوَّلِ أَحَادِيثِ الْبَابِ فِي آخِرِ قِصَّةِ ابْنِ عُمَرَ زِيَادَةٌ، وَهِيَ: وَأَهْدَى شَاةً قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هِيَ زِيَادَةٌ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُفَسِّرُ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ بِأَنَّهُ بَدَنَةٌ دُونَ بَدَنَةٍ، أَوْ بَقَرَةٌ دُونَ بَقَرَةٍ، فَكَيْفَ يُهْدِي شَاةً.

قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي آخِرِ الْبَابِ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ) كَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ، فَجَزَمَ الْحَاكِمُ بِأَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَأَبُو مَسْعُودٍ بِأَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ وَارَةَ، وَذَكَرَ الْكَلَابَاذِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ، وَذَكَرَ أَنَّهُ رَآهُ فِي أَصْلٍ عَتِيقٍ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْحَدِيثَ وُجِدَ مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ الْمَذْكُورِ، كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجَيْهِمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَاتِمٍ، وَرِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَنْهُ فِي بَابِ الذَّبْحِ، فَإِنَّهُ رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ. قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيَّ، فَقَدْ وَجَدْتُ الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ كَمَا سَأَذْكُرُهُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) هَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ، وَهُوَ يَقْتَضِي سَبْقَ كَلَامٍ يَعْقُبُهُ قَوْلُهُ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ شُرَّاحِ هَذَا الْكِتَابِ، وَلَا بَيَّنَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَلَا أَبُو نُعَيْمٍ؛ لِأَنَّهُمَا اقْتَصَرَا مِنَ الْحَدِيثِ عَلَى مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَدْ بَحَثْتُ عَنْهُ إِلَى أَنْ يَسَّرَ اللَّهُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ، فَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ لِابْنِ السَّكَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا الصَّغَانِيُّ، هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَحَدُ شُيُوخِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَامٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عِكْرِمَةَ، فَقَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا سَأَلَتِ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ عَمَّنْ حُبِسَ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ عَرِجَ أَوْ كُسِرَ أَوْ حُبِسَ فَلْيُجْزِئْ مِثْلَهَا وَهُوَ فِي حِلٍّ.

قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: صَدَقَ، وَحَدَّثْتُهُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: قَدْ أُحْصِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَحَلَقَ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ، وَجَامَعَ نِسَاءَهُ، حَتَّى اعْتَمَرَ عَامًا قَابِلًا، فَعُرِفَ بِهَذَا السِّيَاقِ الْقَدْرُ الَّذِي حَذَفَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، وَالسَّبَبُ فِي حَذْفِهِ أَنَّ الزَّائِدَ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ فِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، مَعَ كَوْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، فَأَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طُرُقٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ الصَّوَّافِ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بِهِ، وَقَالَ فِي آخَرِهِ: قَالَ عِكْرِمَةُ: فَسَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَا صَدَقَ.

وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَغَيْرِهِ فِي سِيَاقِهِ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَتَابَعَ مَعْمَرًا عَلَى زِيَادَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، وَسَمِعْتُ مُحَمَّدًا، يَعْنِي: الْبُخَارِيَّ، يَقُولُ: رِوَايَةُ مَعْمَرٍ، وَمُعَاوِيَةَ أَصَحُّ، انْتَهَى. فَاقْتَصَرَ الْبُخَارِيُّ عَلَى مَا هُوَ مِنْ شَرْطِ كِتَابِهِ، مَعَ أَنَّ الَّذِي حَذَفَهُ لَيْسَ بَعِيدًا مِنَ الصِّحَّةِ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ عِكْرِمَةُ سَمِعَهُ مِنَ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو فَذَاكَ، وَإِلَّا فَالْوَاسِطَةُ بَيْنَهُمَا