للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَحَجَّ بِنَا جَمِيعًا إِلَّا زَيْنَبَ كَانَتْ مَاتَتْ، وَإِلَّا سَوْدَةَ فَإِنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهَا بَعْدَ النَّبِيِّ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَأَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ وَاقِدِ بْنِ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لِنِسَائِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: هَذِهِ ثُمَّ ظُهُورَ الْحُصُرِ زَادَ ابْنُ سَعْدٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَكُنَّ نِسَاءُ النَّبِيِّ يَحْجُجْنَ، إِلَّا سَوْدَةَ وَزَيْنَبَ فَقَالَا: لَا تُحَرِّكُنَا دَابَّةٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَإِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي وَاقِدٍ صَحِيحٌ.

وَأَغْرَبَ الْمُهَلَّبُ فَزَعَمَ أَنَّهُ مِنْ وَضْعِ لِقَصْدِ ذَمِّ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ فِي خُرُوجِهَا إِلَى الْعِرَاقِ لِلْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ فِي قِصَّةِ وَقْعَةِ الْجَمَلِ، وَهُوَ إِقْدَامٌ مِنْهُ عَلَى رَدِّ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَالْعُذْرُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا تَأَوَّلَتِ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ كَمَا تَأَوَّلَهُ غَيْرُهَا مِنْ صَوَاحِبَاتِهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِنَّ غَيْرُ تِلْكَ الْحَجَّةِ، وَتَأَيَّدَ ذَلِكَ عِنْدَهَا بِقَوْلِهِ : لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَمِنْ ثَمَّ عَقَّبَهُ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَكَأَنَّ عُمَرَ كَانَ مُتَوَقِّفًا فِي ذَلِكَ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ الْجَوَازُ فَأَذِنَ لَهُنَّ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ ذُكِرَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ فِي عَصْرِهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.

وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ مِنْ مُرْسَلِ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ قَالَ: مَنَعَ عُمَرُ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَمِنْ طَرِيقِ أُمِّ دُرَّةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَنَعَنَا عُمَرُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرَ عَامٍ فَأَذِنَ لَنَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ الْبَابِ، وَفِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي مُرْسَلِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ حَجِّ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ الثَّالِثِ.

(تَكْمِلَةٌ): رَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ بِإِسْنَادٍ آخَرَ فَقَالَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ عُمَرَ أَذِنَ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ فَحَجَجْنَ فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ، فَلَمَّا ارْتَحَلَ عُمَرُ مِنَ الْحَصْبَةِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أَقْبَلَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ وَقَالَ: أَيْنَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَنْزِلُ؟ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ وَأَنَا أَسْمَعُ: هَذَا كَانَ مَنْزِلَهُ. فَأَنَاخَ فِي مَنْزِلِ عُمَرَ، ثُمَّ رَفَعَ عَقِيرَتَهُ يَتَغَنَّى:

عَلَيْكَ سَلَامٌ مِنْ أَمِيرٍ وَبَارَكَتْ … يَدُ اللَّهِ فِي ذَاكَ الْأَدِيمِ الْمُمَزَّقِ

الْأَبْيَاتَ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لَهُمْ: اعْلَمُوا لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ. فَذَهَبُوا فَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا، فَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: إِنِّي لِأَحْسَبُهُ مِنَ الْجِنِّ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ) هُوَ ابْنُ زِيَادٍ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عَائِشَةَ) فِي رِوَايَةِ زَائِدَةَ، عَنْ حَبِيبٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ.

قَوْلُهُ: (أَلَا نَغْزُو أَوْ نُجَاهِدُ) هَذَا شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، وَهُوَ مُسَدَّدٌ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو كَامِلٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ شَيْخِ مُسَدَّدٍ بِلَفْظِ: أَلَا نَغْزُو مَعَكُمْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَأَغْرَبَ الْكَرْمَانِيُّ فَقَالَ: لَيْسَ الْغَزْوُ وَالْجِهَادُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، فَإِنَّ الْغَزْوَ الْقَصْدُ إِلَى الْقِتَالِ، وَالْجِهَادَ بَذْلُ النَّفْسِ فِي الْقِتَالِ. قَالَ: أَوْ ذَكَرَ الثَّانِي تَأْكِيدًا لِلْأَوَّلِ اهـ. وَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ الْأَلِفَ تَتَعَلَّقُ بِـ نَغْزُو، فَشَرَحَ عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْغَزْوِ بِالْوَاوِ، أَوْ جَعَلَ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ، عَنْ حَبِيبٍ بِلَفْظِ: أَلَا نَخْرُجُ فَنُجَاهِدَ مَعَكَ وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ زَائِدَةَ، عَنْ حَبِيبٍ مِثْلُهُ وَزَادَ فَإِنَّا نَجِدُ الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ حَبِيبٍ لَوْ جَاهَدْنَا مَعَكَ. قَالَ: لَا جِهَادَ، وَلَكِنْ حَجٌّ مَبْرُورٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْحَجِّ مِنْ طَرِيقِ خَالِدٍ، عَنْ حَبِيبٍ بِلَفْظِ: نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ فَظَهَرَ أَنَّ التَّغَايُرَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ مِنَ الرُّوَاةِ فَيَقْوَى أَنَّ أَوْ لِلشَّكِّ.

قَوْلُهُ: (لَكِنَّ أَحْسَنَ الْجِهَادِ) تَقَدَّمَ نَقْلُ الْخِلَافِ فِي تَوْجِيهِهِ فِي أَوَائِلِ الْحَجِّ وَهَلْ هُوَ بِلَفْظِ الِاسْتِثْنَاءِ، أَوْ بِلَفْظِ خِطَابِ النِّسْوَةِ.

قَوْلُهُ: (الْحَجُّ حَجٌّ مَبْرُورٌ) فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ: حَجُّ الْبَيْتِ حَجٌّ مَبْرُورٌ وَسَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ بِلَفْظِ: اسْتَأْذَنَهُ نِسَاؤُهُ فِي الْجِهَادِ فَقَالَ: يَكْفِيكُنَّ الْحَجُّ وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ