عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ﵂ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا غَدَا أَوْ رَاحَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ شَهْرًا فَقَالَ إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا"
[الحديث ١٩١٠ - طرفه في: ٥٢٠٣]
١٩١١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ آلَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ نِسَائِهِ وَكَانَتْ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ثُمَّ نَزَلَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ آلَيْتَ شَهْرًا فَقَالَ إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ"
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا) هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لَفْظُ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ سَبَقَ لِلْمُصَنِّفِ فِي أَوَّلِ الصِّيَامِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ بِلَفْظِ: إِذَا رَأَيْتُمُوهُ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي الْبَابِ أَحَادِيثَ تَدُلُّ عَلَى نَفْيِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ رَتَّبَهَا تَرْتِيبًا حَسَنًا: فَصَدَّرَهَا بِحَدِيثِ عَمَّارٍ الْمُصَرِّحِ بِعِصْيَانِ مَنْ صَامَهُ، ثُمَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا بِلَفْظِ: فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ، وَالْآخَرُ بِلَفْظِ: فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ وَقَصَدَ بِذَلِكَ بَيَانَ الْمُرَادِ مِنْ قَوْلِهِ: فَاقْدُرُوا لَهُ، ثُمَّ اسْتَظْهَرَ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا: الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا، وَحَنَسَ الْإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ ثُمَّ ذَكَرَ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مُصَرِّحًا بِأَنَّ عِدَّةَ الثَّلَاثِينَ الْمَأْمُورَ بِهَا تَكُونُ مِنْ شَعْبَانَ، ثُمَّ ذَكَرَ شَاهِدًا لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي كَوْنِ الشَّهْرِ تِسْعًا وَعِشْرِينَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ مُصَرِّحًا فِيهِ بِأَنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ كَذَلِكَ، وَسَأَتَكَلَّمُ عَلَيْهَا حَدِيثًا حَدِيثًا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ صِلَةُ، عَنْ عَمَّارٍ إِلَخْ) أَمَّا صِلَةُ فَهُوَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ ابْنُ زُفَرَ بِزَايٍ وَفَاءٍ وَزْنَ عُمَرَ كُوفِيٌّ عَبْسِيٌّ بِمُوَحَّدَةٍ وَمُهْمَلَةٍ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَفُضَلَائِهِمْ، وَوَهَمَ ابْنُ حَزْمٍ فَزَعَمَ أَنَّهُ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ ابْنُ زُفَرَ، وَكَذَا وَقَعَ مُصَرَّحًا بِهِ عِنْدَ جَمْعٍ مِمَّنْ وَصَلَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْهُ وَلَفْظُهُ عِنْدَهُمْ: كُنَّا عِنْدَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَأُتِيَ بِشَاةٍ مَصْلِيَّةٍ فَقَالَ: كُلُوا. فَتَنَحَّى بَعْضُ الْقَوْمِ فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ عَمَّارٌ: مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَغَيْرِهِ: مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ وَلَهُ مُتَابِعٌ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ أَنَّ عَمَّارًا وَنَاسًا مَعَهُ أَتَوْهُمْ يَسْأَلُونَهُمْ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ، فَاعْتَزَلَهُمْ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ: تَعَالَ فَكُلْ. فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ: إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَتَعَالَ وَكُلْ. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَمَّارٍ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ. وَمِنْهُمْ مَنْ وَصَلَهُ بِذِكْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ ﷺ) اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ؛ لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ لَا يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ رَأْيِهِ، فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْمَرْفُوعِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ مُسْنَدٌ عِنْدَهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ. وَخَالَفَهُمْ الْجَوْهَرِيُّ الْمَالِكِيُّ فَقَالَ: هُوَ مَوْقُوفٌ. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ لَفْظًا مَرْفُوعٌ حُكْمًا. قَالَ الطِّيبِيُّ: إِنَّمَا أَتَى بِالْمَوْصُولِ وَلَمْ يَقُلْ: يَوْمَ الشَّكِّ مُبَالَغَةً فِي أَنَّ صَوْمَ يَوْمٍ فِيهِ أَدْنَى شَكٍّ سَبَبٌ لِعِصْيَانِ صَاحِبِ الشَّرْعِ، فَكَيْفَ بِمَنْ صَامَ يَوْمًا الشَّكُّ فِيهِ قَائِمٌ ثَابِتٌ، وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ أَيِ: الَّذِينَ أُونِسَ مِنْهُمْ أَدْنَى ظُلْمٍ، فَكَيْفَ بِالظُّلْمِ الْمُسْتَمَرِّ عَلَيْهِ؟
قُلْتُ: وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الطُّرُقِ بِلَفْظِ: يَوْمَ الشَّكِّ وَقَوْلُهُ: أَبَا الْقَاسِمِ قِيلَ: فَائِدَةُ تَخْصِيصِ ذِكْرِ هَذِهِ الْكُنْيَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَقْسِمُ بَيْنَ عِبَادِ اللَّهِ أَحْكَامَهُ زَمَانًا وَمَكَانًا وَغَيْرَ ذَلِكَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute