قَوْلُهُ: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ) أَيِ: النَّخَعِيُّ (إِذَا فَرَّطَ حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ يَصُومُهُمَا، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ إِطْعَامًا) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ حَتَّى جَازَ بِزَايٍ بَدَلَ الْهَمْزَةِ مِنَ الْجَوَازِ، وَفِي نُسْخَةٍ حَانَ بِمُهْمَلَةٍ وَنُونٍ مِنَ الْحَيْنِ، وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَمِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: إِذَا تَتَابَعَ عَلَيْهِ رَمَضَانَانِ صَامَهُمَا فَإِنْ صَحَّ بَيْنَهُمَا فَلَمْ يَقْضِ الْأَوَّلَ فَبِئْسَمَا صَنَعَ، فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَلْيَصُمْ.
قَوْلُهُ: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلًا، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يُطْعِمُ) أَمَّا أَثَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَوَجَدْتُهُ عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ مَوْصُولًا، فَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَيُّ إِنْسَانٍ مَرِضَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ صَحَّ فَلَمْ يَقْضِهِ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ فَلْيَصُمِ الَّذِي حَدَثَ ثُمَّ يَقْضِ الْآخَرَ وَيُطْعِمْ مَعَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. قُلْتُ لِعَطَاءٍ: كَمْ بَلَغَكَ يُطْعِمُ؟ قَالَ: مُدًّا زَعَمُوا وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ، وَقَالَ فِيهِ: وَأَطْعِمْ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ نَحْوَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ رَقَبَةَ وَهُوَ ابْنُ مِصْقَلَةَ قَالَ: زَعَمَ عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ فِي الْمَرِيضِ يَمْرَضُ وَلَا يَصُومُ رَمَضَانَ، ثُمَّ يَتْرُكُ حَتَّى يُدْرِكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ قَالَ: يَصُومُ الَّذِي حَضَرَهُ ثُمَّ يَصُومُ الْآخَرَ، وَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ نَحْوُهُ.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَوَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ كِلَاهُمَا عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ فَرَّطَ فِي صِيَامِ رَمَضَانَ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ فَلْيَصُمْ هَذَا الَّذِي أَدْرَكَهُ ثُمَّ لْيَصُمْ مَا فَاتَهُ وَيُطْعِمْ مَعَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ بَرْقَانَ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، كُلُّهُمْ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ تَعَالَى الْإِطْعَامَ، إِنَّمَا قَالَ: ﴿فَعِدَّةٌ م نْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَالَهُ تَفَقُّهًا، وَظَنَّ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ أَنَّهُ بَقِيَّةُ كَلَامِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ؛ فَإِنَّهُ مَفْصُولٌ مِنْ كَلَامِهِ بِأَثَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، لَكِنْ إِنَّمَا يَقْوَى مَا احْتَجَّ بِهِ إِذَا لَمْ يَصِحَّ فِي السُّنَّةِ دَلِيلُ الْإِطْعَامِ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الْكِتَابِ أَنْ لَا يَثْبُتَ بِالسُّنَّةِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ مَرْفُوعٌ، وَإِنَّمَا جَاءَ فِيهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ مَنْ ذُكِرَ وَمِنْهُمْ عُمَرُ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَنَقَلَ الطَّحَاوِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ قَالَ: وَجَدْتُهُ عَنْ سِتَّةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لَا أَعْلَمُ لَهُمْ فِيهِ مُخَالِفًا. انْتَهَى. وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَمَالَ الطَّحَاوِيُّ إِلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ فِي ذَلِكَ، وَمِمَّنْ قَالَ بِالْإِطْعَامِ ابْنُ عُمَرَ لَكِنَّهُ بَالَغَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: يُطْعِمُ وَلَا يَصُومُ، فَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَنْ تَابَعَهُ رَمَضَانَانِ وَهُوَ مَرِيضٌ لَمْ يَصِحَّ بَيْنَهُمَا قَضَى الْآخِرَ مِنْهَمَا بِصِيَامٍ، وَقَضَى الْأَوَّلَ مِنْهُمَا بِإِطْعَامِ مُدٍّ مِنْ حِنْطَةٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَمْ يَصُمْ لَفْظُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ: تَفَرَّدَ ابْنُ عُمَرَ بِذَلِكَ.
قُلْتُ: لَكِنْ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: بَلَغَنِي مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، لَكِنَّ الْمَشْهُورَ عَنْ عُمَرَ خِلَافُهُ، فَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: مَنْ صَامَ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ وَأَطْعَمَ مِسْكِينًا فَإِنَّهُمَا يَعْدِلَانِ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ قَتَادَةَ، وَانْفَرَدَ ابْنُ وَهْبٍ بِقَوْلِهِ: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ صَوْمُ يَوْمَيْنِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ) هُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ أَبُو خَيْثَمَةَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ يَحْيَى) هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَوَهَمَ الْكَرْمَانِيُّ تَبَعًا لِابْنِ التِّينِ فَقَالَ: هُوَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَغَفَلَ عَمَّا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَقَالَ فِي نَفْسِ السَّنَدِ: عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هَذَا هُوَ الْأَنْصَارِيُّ وَذَهِلَ مُغَلْطَايْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute