قَوْلُهُ: (جَاءَ رَجُلٌ) فِي رِوَايَةِ غَيْرِ زَائِدَةَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي تَسْمِيَتِهَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ.
قَوْلُهُ: (جَاءَ رَجُلٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، وَاتَّفَقَ مَنْ عَدَا زَائِدَةَ، وَعَبْثَرَ بْنَ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّ السَّائِلَ امْرَأَةٌ، وَزَادَ أَبُو حَرِيزٍ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّهَا خَثْعَمِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ أُمِّي) خَالَفَ أَبُو حَامِدٍ جَمِيعَ مَنْ رَوَاهُ فَقَالَ: إِنَّ أُخْتِي وَاخْتُلِفَ عَلَى أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ هُشَيْمٌ عَنْهُ: ذَاتُ قَرَابَةٍ لَهَا وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْهُ إِنَّ أُخْتَهَا أَخْرَجَهُمَا أَحْمَدُ، وَقَالَ حَمَّادٌ عَنْهُ ذَاتَ قَرَابَةٍ لَهَا؛ إِمَّا أُخْتُهَا وَإِمَّا ابْنَتُهَا وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ التَّرَدُّدَ فِيهِ مِنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.
قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ) هَكَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَرِيزٍ: خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي خَالِدٍ: شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعِينَ وَرِوَايَتُهُ تَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ الَّذِي عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ بِخِلَافِ رِوَايَةِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهَا مُحْتَمَلَةٌ، إِلَّا رِوَايَةَ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ فَقَالَ: إِنَّ عَلَيهَا صَوْمَ نَذْرٍ وَهَذَا وَاضِحٌ فِي أَنَّهُ غَيْرُ رَمَضَانَ، وَبَيَّنَ أَبُو بِشْرٍ فِي رِوَايَتِهِ سَبَبَ النَّذْرِ، فَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ: أَنَّ امْرَأَةً رَكِبَتِ الْبَحْرَ فَنَذَرَتْ أَنْ تَصُومَ شَهْرًا، فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَصُومَ، فَأَتَتْ أُخْتُهَا النَّبِيَّ ﷺ الْحَدِيثَ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ نَحْوَهُ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. وَقَدِ ادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ اضْطَرَبَ فِيهِ الرُّوَاةُ عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ السَّائِلَ امْرَأَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: رَجُلٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ السُّؤَالَ وَقَعَ عَنْ نَذْرٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهُ بِالصَّوْمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهُ بِالْحَجِّ لِمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الْحَجِّ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمَا قِصَّتَانِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ السَّائِلَةَ فِي نَذْرِ الصَّوْمِ خَثْعَمِيَّةٌ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي حَرِيزٍ الْمُعَلَّقَةِ، وَالسَّائِلَةَ عَنْ نَذْرِ الْحَجِّ جُهَنِيَّةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَوْضِعِهِ. وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَاخِرِ الْحَجِّ أَنَّ مُسْلِمًا رَوَى مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ عَنِ الْحَجِّ وَعَنِ الصَّوْمِ مَعًا.
وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي كَوْنِ السَّائِلِ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً وَالْمَسْئُولِ عَنْهُ أُخْتًا أَوْ أَمَّا فَلَا يَقْدَحُ فِي مَوْضِعِ الِاسْتِدْلَالِ مِنَ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ مَشْرُوعِيَّةُ الصَّوْمِ أَوِ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ، وَلَا اضْطِرَابَ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى كَيْفِيَّةِ الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلَفِ الرِّوَايَاتِ فِيهِ عَنِ الْأَعْمَشِ وَغَيْرِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى) تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُهُ فِي أَوَاخِرِ الْحَجِّ قُبَيْلَ فَضْلِ الْمَدِينَةِ مُسْتَوْفًى.
قَوْلُهُ: (قَالَ سُلَيْمَانُ) هُوَ الْأَعْمَشُ، يَعْنِي: بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا إِلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ الْحَكَمُ) أَيْ: ابْنُ عُتَيْبَةَ، وَسَلَمَةُ أَيْ: ابْنُ كُهَيْلٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَعْمَشَ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَنْفُسٍ، فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ مِنْ مُسْلِمِ الْبَطِينِ: أَوَّلًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ثُمَّ مِنَ الْحَكَمِ، وَسَلَمَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ. وقَدْ خَالَفَ زَائِدَةَ فِي ذَلِكَ أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ. . . إِلَخْ) مُحَصَّلُهُ أَنَّ أَبَا خَالِدٍ جَمَعَ بَيْنَ شُيُوخِ الْأَعْمَشِ الثَّلَاثَةِ، فَحَدَّثَ بِهِ عَنْهُ عَنْهُمْ عَنْ شُيُوخٍ ثَلَاثَةٍ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمْ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمْ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ اللَّفَّ وَالنَّشْرَ بِغَيْرِ تَرْتِيبٍ، فَيَكُونَ شَيْخُ الْحَكَمِ، عَطَاءً، وَشَيْخُ الْبَطِينِ، سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، وَشَيْخُ سَلَمَةَ، مُجَاهِدًا، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ النَّسَائِيَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَغْرَاءَ، عَنِ الْأَعْمَشِ مُفَصَّلًا هَكَذَا، وَهُوَ مِمَّا يُقَوِّي رِوَايَةَ أَبِي خَالِدٍ وَقَدْ وَصَلَهَا مُسْلِمٌ لَكِنْ لَمْ يَسُقِ الْمَتْنَ بَلْ أَحَالَ بِهِ عَلَى رِوَايَةِ زَائِدَةَ، وَهُوَ مُعْتَرَضٌ؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةً سَيَأْتِي بَيَانُهَا. وَوَصَلَهَا أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَالِدٍ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ يَحْيَى) أَيِ: ابْنُ سَعِيدٍ (وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ. . . إِلَخْ) وَافَقَا زَائِدَةَ عَلَى أَنَّ شَيْخَ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ فِيهِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ شُعْبَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَعَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَآخَرُونَ عَنِ الْأَعْمَشِ وَطُرُقُهُمْ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو) أَيِ: الرَّقِّيُّ (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ إِلَخْ) هَذَا يُخَالِفُ رِوَايَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَغْرَاءَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ شَيْخَ الْحَكَمِ فِيهَا عَطَاءٌ وَفِي