صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَالْيَوْمُ الْآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ.
[الحديث ١٩٩٠ - طرفه في: ٥٥٧١]
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَنْ قَالَ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ قَالَ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدْ أَصَابَ.
١٩٩١ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عن عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ﵁ قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ، وَعَنْ الصَّمَّاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثوب الواحد.
١٩٩٢ - وَعَنْ صَلَاةٍ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ) أَيْ: مَا حُكْمُهُ؟ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: لَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ فَوَافَقَ يَوْمَ الْعِيدِ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ أَمْ لَا؟ وَسَأَذْكُرُ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مَوْلَى بَنِي أَزْهَرَ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ.
قَوْلُهُ: (شَهِدْتُ الْعِيدَ) زَادَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي رِوَايَتِهِ الْآتِيَةِ فِي الْأَضَاحِيِّ يَوْمَ الْأَضْحَى.
قَوْلُهُ: (هَذَانِ) فِيهِ التَّغْلِيبُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحَاضِرَ يُشَارُ إِلَيْهِ بِهَذَا وَالْغَائِبَ يُشَارُ إِلَيْهِ بِذَاكَ، فَلَمَّا أَنْ جَمَعَهُمَا اللَّفْظُ قَالَ: هَذَانِ تَغْلِيبًا لِلْحَاضِرِ عَلَى الْغَائِبِ.
قَوْلُهُ: (يَوْمُ فِطْرِكُمْ) بِرَفْعِ يَوْمٍ إِمَّا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَحَدُهُمَا، أَوْ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ قَوْلِهِ: يَوْمَانِ، وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ الْمَذْكُورَةِ: أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ قِيلَ: وَفَائِدَةُ وَصْفِ الْيَوْمَيْنِ الْإِشَارَةُ إِلَى الْعِلَّةِ فِي وُجُوبِ فِطْرِهِمَا وَهُوَ الْفَصْلُ مِنَ الصَّوْمِ وَإِظْهَارُ تَمَامِهِ وَحَدِّهِ بِفِطْرِ مَا بَعْدَهُ، وَالْآخَرُ لِأَجْلِ النُّسُكِ الْمُتَقَرَّبِ بِذَبْحِهِ لِيُؤْكَلَ مِنْهُ، وَلَوْ شُرِعَ صَوْمُهُ لَمْ يَكُنْ لِمَشْرُوعِيَّةِ الذَّبْحِ فِيهِ مَعْنًى، فَعَبَّرَ عَنْ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ بِالْأَكْلِ مِنَ النُّسُكِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ النَّحْرَ وَيَزِيدُ فَائِدَةَ التَّنْبِيهِ عَلَى التَّعْلِيلِ، وَالْمُرَادُ بِالنُّسُكِ هُنَا الذَّبِيحَةُ الْمُتَقَرَّبُ بِهَا قَطْعًا، قِيلَ: وَيُسْتَنْبَطُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ تَعَيُّنُ السَّلَامِ لِلْفَصْلِ مِنَ الصَّلَاةِ. وَفِي الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ صَوْمِ يَوْمَيِ الْعِيدِ سَوَاءٌ النَّذْرُ وَالْكَفَّارَةُ وَالتَّطَوُّعُ وَالْقَضَاءُ وَالتَّمَتُّعُ وَهُوَ بِالْإِجْمَاعِ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ قَدِمَ فَصَامَ يَوْمَ عِيدٍ: فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَنْعَقِدُ، وَخَالَفَهُ الْجُمْهُورُ، فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ قُدُومٍ زَيْدٍ فَقَدِمَ يَوْمَ الْعِيدِ فَالْأَكْثَرُ لَا يَنْعَقِدُ النَّذْرُ، وَعنِ الْحَنَفِيَّةِ يَنْعَقِدُ وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، وَفِي رِوَايَةٍ: يَلْزَمُهُ الْإِطْعَامُ، وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ يَقْضِي إِلَّا إِنْ نَوَى اسْتِثْنَاءَ الْعِيدِ، وَعَنْ مَالِكٍ فِي رِوَايَةٍ: يَقْضِي إِنْ نَوَى الْقَضَاءَ وَإِلَّا فَلَا، وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَصْلُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النَّهْيَ هَلْ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ؟ قَالَ الْأَكْثَرُ: لَا.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: نَعَمْ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِلْأَعْمَى لَا يُبْصِرُ؛ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ صَوْمَ يَوْمِ الْعِيدِ مُمْكِنٌ، وَإِذَا أَمْكَنَ ثَبَتَ الصِّحَّةُ. وَأُجِيبَ أَنَّ الْإِمْكَانَ الْمَذْكُورَ عَقْلِيٌّ، وَالنِّزَاعُ فِي الشَّرْعِيِّ، وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ شَرْعًا غَيْرُ مُمْكِنٍ فِعْلُهُ شَرْعًا. وَمِنْ حُجَجِ الْمَانِعِينَ أَنَّ النَّفْلَ الْمُطْلَقَ إِذَا نُهِيَ عَنْ فِعْلِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ مَطْلُوبُ التَّرْكِ سَوَاءٌ كَانَ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لِلتَّنْزِيهِ، وَالنَّفْلُ مَطْلُوبُ الْفِعْلِ فَلَا يَجْتَمِعُ الضِّدَّانِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمْرِ ذِي الْوَجْهَيْنِ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْإِقَامَةِ فِي الْمَغْصُوبِ لَيْسَتْ لِذَاتِ الصَّلَاةِ بَلْ لِلْإِقَامَةِ وَطَلَبِ الْفِعْلِ لِذَاتِ الْعِبَادَةِ، بِخِلَافِ صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ مَثَلًا، فَإِنَّ النَّهْيَ فِيهِ لِذَاتِ الصَّوْمِ فَافْتَرَقَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (قَالَ أَبُو