لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَفَاعِلُ يَصُومُهَا هُوَ عُرْوَةُ، وَالضَّمِيرُ فِيهِ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَكَانَ أَبُوهَا وَعَلَى هَذَا فَالضَّمِيرُ لِعَائِشَةَ وَفَاعِلُ يَصُومُهَا هُوَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ.
قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِيسَى) زَادَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو لَيْلَى جَدُّ أَبِيهِ فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَهُوَ ابْنُ أَخِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْفَقِيهِ الْمَشْهُورِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ أَسَنَّ مِنْ عَمِّهِ مُحَمَّدٍ وَكَانَ يُقَالُ: إِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ عَمِّهِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ.
قَوْلُهُ: (عَنِ الزُّهْرِيِّ) فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ.
قَوْلُهُ: (وَعَنْ سَالِمٍ) هُوَ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ فَهُوَ مَوْصُولٌ.
قَوْلُهُ: (قَالَا: لَمْ يُرَخَّصْ) كَذَا رَوَاهُ الْحُفَّاظُ مِنْ أَصْحَابِ شُعْبَةَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ شُعْبَةَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالطَّحَاوِيِّ: رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ أَنْ يَصُومَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَقَالَ: إِنَّ يَحْيَى بْنَ سَلَّامٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ طَرِيقَ عَائِشَةَ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ هَذِهِ الطُّرُقُ الْمُصَرِّحَةُ بِالرَّفْعِ بَقِيَ الْأَمْرُ عَلَى الِاحْتِمَالِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ فِي قَوْلِ الصَّحَابِيِّ: أُمِرْنَا بِكَذَا وَنُهِينَا عَنْ كَذَا هَلْ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ؟ عَلَى أَقْوَالٍ، ثَالِثُهَا: إِنْ أَضَافَهُ إِلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ فَلَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ وَإِلَّا فَلَا، وَاخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ فِيمَا إِذَا لَمْ يُضِفْهُ، وَيُلْتَحَقُ بِهِ: رُخِّصَ لَنَا فِي كَذَا وَعُزِمَ عَلَيْنَا أَنْ لَا نَفْعَلَ كَذَا كُلٌّ فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ، فَمَنْ يَقُولُ: إِنَّ لَهُ حُكْمَ الرَّفْعِ فَغَايَةُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ رُوِيَ بِالْمَعْنَى، لَكِنْ قَالَ الطَّحَاوِيُّ: إِنَّ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ: لَمْ يُرَخَّصْ أَخَذَاهُ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ﴾؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: فِي الْحَجِّ يَعُمُّ مَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَمَا بَعْدَهُ، فَيَدْخُلُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، فَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ بِمَرْفُوعٍ بَلْ هُوَ بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ مِنْهُمَا عَمَّا فَهِمَاهُ مِنْ عُمُومِ الْآيَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ نَهْيُهُ ﷺ عَنْ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُوَ عَامٌّ فِي
حَقِّ الْمُتَمَتِّعِ وَغَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا فَقَدْ تَعَارَضَ عُمُومُ الْآيَةِ الْمُشْعِرُ بِالْإِذْنِ وَعُمُومُ الْحَدِيثِ الْمُشْعِرُ بِالنَّهْيِ، وَفِي تَخْصِيصِ عُمُومِ الْمُتَوَاتِرِ بِعُمُومِ الْآحَادِ نَظَرٌ، لَوْ كَانَ الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا فَكَيْفَ، وَفِي كَوْنِهِ مَرْفُوعًا نَظَرٌ؟ فَعَلَى هَذَا يَتَرَجَّحُ الْقَوْلُ بِالْجَوَازِ، وَإِلَى هَذَا جَنَحَ الْبُخَارِيُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ فِي طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى (إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ) فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ: إِلَّا لِمُتَمَتِّعٍ أَوْ مُحْصَرٍ.
وتَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ.
قَوْلُهُ في رواية مالك: (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ وَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ.
قَوْلُهُ: (وَتَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) وَصَلَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي الْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا لَمْ يَصُمْ قَبْلَ عَرَفَةَ فَلْيَصُمْ أَيَّامَ مِنًى وَعَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ مِثْلُهُ، وَوَصَلَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِالْإِسْنَادَيْنِ بِلَفْظِ: إِنَّهُمَا كَانَا يُرَخِّصَانِ لِلْمُتَمَتِّعِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ لَكِنْ قَالَ: أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَهَذَا يُرَجِّحُ كَوْنَهُ مَوْقُوفًا لِنِسْبَةِ التَّرْخِيصِ إِلَيْهِمَا، فَإِنَّهُ يُقَوِّي أَحَدَ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى حَيْثُ قَالَ فِيهَا: لَمْ يُرَخَّصْ وَأَبْهَمَ الْفَاعِلَ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمَا مَنْ لَهُ الشَّرْعُ فَيَكُونَ مَرْفُوعًا، أَوْ مَنْ لَهُ مَقَامُ الْفَتْوَى فِي الْجُمْلَةِ فَيَحْتَمِلَ الْوَقْفَ، وَقَدْ صَرَّحَ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَيَحْيَى ضَعِيفٌ وَإِبْرَاهِيمُ مِنَ الْحُفَّاظِ، فَكَانَتْ رِوَايَتُهُ أَرْجَحَ، وَيُقَوِّيهِ رِوَايَةُ مَالِكٍ وَهُوَ مِنْ حُفَّاظِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ فَإِنَّهُ مَجْزُومٌ عَنْهُ بِكَوْنِهِ مَوْقُوفًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ ثَلَاثَةٌ غَيْرُ يَوْمِ عِيدِ الْأَضْحَى لِأَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ لَا يُصَامُ بِالِاتِّفَاقِ، وَصِيَامُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ هِيَ الْمُخْتَلَفُ فِي