شَيْبَةَ، وَأَبُو يَعْلَى مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَأَرَادَ بِحَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ أَيْضًا وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي نُعَيْمٍ فِي هُبَيْرَةَ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ أَعَانَ الْمُخْتَارَ - وَهُوَ ابْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ - لَمَّا غَلَبَ عَلَى الْكُوفَةِ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَدَعَا إِلَى الطَّلَبِ بِدَمِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَأَطَاعَهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ مِمَّنْ كَانَ يُوَالِي أَهْلَ الْبَيْتِ، فَقَتَلَ الْمُخْتَارُ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا مِمَّنِ اتُّهِمَ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ خَلَائِقَ كَثِيرَةً، وَكَأَنَّ مَنْ وَثَّقَ هُبَيْرَةَ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِيهِ عِنْدَهُ قَدْحًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَأَوِّلًا؛ وَلِذَلِكَ صَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَهُ، وَمِمَّنْ وَثَّقَ هُبَيْرَةَ (١). وَمَعْنَى قَوْلِهِ: يُجْهِزُ وَهُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَجِيمٍ وَزَايٍ: يُكْمِلُ الْقَتْلَ. وَأَمَّا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَهُوَ كُوفِيٌّ نَخَعِيٌّ قَدَّمَ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَلَيْهِ الْحَسَنَ بْنَ عَمْرٍو، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ صَالِحٌ، وَوَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَلَا يُقَاسُ بِالْأَعْمَشِ. انْتَهَى. وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَتَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَلِذَلِكَ اسْتَغْرَبَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَمَّا مُسْلِمٌ فَصَحَّحَ حَدِيثَهُ لِشَوَاهِدِهِ عَلَى عَادَتِهِ، وَتَجَنَّبَ حَدِيثَ عَلِيٍّ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَاسْتَغْنَى الْبُخَارِيُّ عَنِ الْحَدِيثَيْنِ بِمَا أَخْرَجَهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَلَى هَذَا فَمَحَلُّ الْكَلَامِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ عَقِبَ حَدِيثِ مَسْرُوقٍ فِي هَذَا الْبَابِ لَا قَبْلَهُ وَكَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ النُّسَّاخِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي الْحَدِيثِ الْحِرْصُ عَلَى مُدَاوَمَةِ الْقِيَامِ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ إِشَارَةً إِلَى الْحَثِّ عَلَى تَجْوِيدِ الْخَاتِمَةِ، خَتَمَ اللَّهُ لَنَا بِخَيْرٍ آمِينَ.
(١) بياض في غالب النسخ التي اعتمدت في طبعة بولاق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute