للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَائِشَةَ أَنْ تَضْرِبَ خِبَاءً) فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ الْمَذْكُورَةِ: فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ فَأَذِنَ لَهَا، وَسَأَلَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَسْتَأْذِنَ لَهَا فَفَعَلَتْ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ فُضَيْلٍ الْمَذْكُورَةِ: فَاسْتَأْذَنَتْ عَائِشَةُ أَنْ تَعْتَكِفَ فَأَذِنَ لَهَا فَضَرَبَتْ قُبَّةً، فَسَمِعَتْ بِهَا حَفْصَةُ فَضَرَبَتْ قُبَّةً زَادَ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ: لِتَعْتَكِفَ مَعَهُ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، لَكِنَّ رِوَايَةَ ابْنِ عُيَيْنَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ: ثُمَّ اسْتَأْذَنَتْهُ حَفْصَةُ فَأَذِنَ لَهَا وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَى لِسَانِ عَائِشَةَ.

قَوْلُهُ: (فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ) وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ فُضَيْلٍ: وَسَمِعَتْ بِهَا زَيْنَبُ فَضَرَبَتْ قُبَّةً أُخْرَى وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ: فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ ضَرَبَتْ مَعَهُنَّ وَكَانَتِ امْرَأَةً غَيُورًا وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ أَنَّ زَيْنَبَ اسْتَأْذَنَتْ، وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ أَحَدَ مَا بَعَثَ عَلَى الْإِنْكَارِ الْآتِي.

قَوْلُهُ: (فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّبِيُّ رَأَى الْأَخْبِيَةَ) فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ: فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ إِذَا أَخْبِيَةٌ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ فُضَيْلٍ: فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنَ الْغَدَاةِ أَبْصَرَ أَرْبَعَ قِبَابٍ يَعْنِي: قُبَّةً لَهُ وَثَلَاثًا لِلثَّلَاثَةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا صَلَّى انْصَرَفَ إِلَى بِنَائِهِ الَّذِي بُنِيَ لَهُ لِيَعْتَكِفَ فِيهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَأَبِي دَاوُدَ: فَأَمَرَتْ زَيْنَبُ بِخِبَائِهَا فَضُرِبَ، وَأَمَرَ غَيْرُهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ بِخِبَائِهَا فَضُرِبَ وَهَذَا يَقْتَضِي تَعْمِيمَ الْأَزْوَاجِ بِذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ فُسِّرَتِ الْأَزْوَاجُ فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخْرَى بِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ فَقَطْ، وَبَيَّنَ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: أَرْبَعَ قِبَابٍ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ: فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ إِذَا هُوَ بِأَرْبَعَةِ أَبْنِيَةٍ، قَالَ: لِمَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: لِعَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ.

قَوْلُهُ: (آلْبِرَّ) بِهَمْزَةِ اسْتِفْهَامٍ مَمْدُودَةٍ وَبِغَيْرِ مَدٍّ، وَآلْبِرَّ بِالنَّصْبِ، وَقَوْلُهُ: تُرَوْنَ بِهِنَّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ: تَظُنُّونَ، وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ آلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ أَيْ: تَظُنُّونَ، وَالْقَوْلُ يُطْلَقُ عَلَى الظَّنِّ قَالَ الْأَعْشَى:

أَمَّا الرَّحِيلُ فَدُونَ بَعْدَ غَدِ … فَمَتَى تَقُولُ الدَّارَ تَجْمَعُنَا

أَيْ: تَظُنُّ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ: آلْبِرَّ أَرَدْنَ بِهَذَا وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: آلْبِرَّ تَقُولُونَ يُرِدْنَ بِهَذَا وَالْخِطَابُ لِلْحَاضِرِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَغَيْرِهِمْ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ فُضَيْلٍ: مَا حَمَلَهُنَّ عَلَى هَذَا، آلْبِرُّ؟ انْزِعُوهَا فَلَا أَرَاهَا، فَنُزِعَتْ وَمَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ، وَآلْبِرُّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَرْفُوعٌ، وَقَوْلُهُ: فَلَا أَرَاهَا زَعَمَ ابْنُ التِّينِ أَنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ الْأَلِفِ مِنْ أَرَاهَا قَالَ: لِأَنَّهُ مَجْزُومٌ بِالنَّهْيِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ.

قَوْلُهُ: (فَتَرَكَ الِاعْتِكَافَ) فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ: فَأَمَرَ بِخِبَائِهِ فَقُوِّضَ وَهُوَ بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ الْمَكْسُورَةِ بَعْدَهَا ضَادٌ مُعْجَمَةٌ أَيْ: نُقِضَ، وَكَأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ الْحَامِلُ لَهُنَّ عَلَى ذَلِكَ الْمُبَاهَاةَ وَالتَّنَافُسَ النَّاشِئَ عَنِ الْغِيرَةِ حِرْصًا عَلَى الْقُرْبِ مِنْهُ خَاصَّةً فَيَخْرُجُ الِاعْتِكَافُ عَنْ مَوْضُوعِهِ، أَوْ لَمَّا أَذِنَ لِعَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ أَوَّلًا كَانَ ذَلِكَ خَفِيفًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يُفْضِي إِلَيْهِ الْأَمْرُ مِنْ تَوَارُدِ بَقِيَّةِ النِّسْوَةِ عَلَى ذَلِكَ فَيَضِيقُ الْمَسْجِدُ عَلَى الْمُصَلِّينَ، أَوْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَنَّ اجْتِمَاعَ النِّسْوَةِ عِنْدَهُ يُصَيِّرُهُ كَالْجَالِسِ فِي بَيْتِهِ، وَرُبَّمَا شَغَلْنَهُ عَنِ التَّخَلِّي لِمَا قَصَدَ مِنَ الْعِبَادَةِ فَيَفُوتُ مَقْصُودُ الِاعْتِكَافِ.

قَوْلُهُ: (فَتَرَكَ الِاعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ) فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ: فَرَجَعَ فَلَمَّا أَنِ اعْتَكَفَ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ فُضَيْلٍ: فَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رَمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِي آخِرِ الْعَشْرِ مِنْ شَوَّالٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ: فَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رَمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ شَوَّالٍ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رِوَايَةِ ابْنِ فُضَيْلٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: آخِرَ الْعَشْرِ مِنْ شَوَّالٍ انْتِهَاءُ اعْتِكَافِهِ، قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاعْتِكَافِ بِغَيْرِ صَوْمٍ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ شَوَّالٍ هُوَ يَوْمُ الْفِطْرِ وَصَوْمُهُ حَرَامٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: فِي اعْتِكَافِهِ فِي شَوَّالٍ