طَرِيقِ مَرْوَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ مُعْتَكِفًا فِي الْمَسْجِدِ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نِسَاؤُهُ ثُمَّ تَفَرَّقْنَ، فَقَالَ لِصَفِيَّةَ: أَقْلِبُكِ إِلَى بَيْتكِ. فَذَهَبَ مَعَهَا حَتَّى أَدْخَلَهَا بَيْتَهَا وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ الْمَذْكُورَةِ: وَكَانَ بَيْتُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ زَادَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ: وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَيِ: الدَّارِ الَّتِي صَارَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ لِأَنَّ أُسَامَةَ إِذْ ذَاكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ دَارٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِحَيْثُ تَسْكُنُ فِيهَا صَفِيَّةُ، وَكَانَتْ بُيُوتُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ حَوَالَيْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ صِحَّةُ تَرْجَمَةِ الْمُصَنِّفِ.
قَوْلُهُ: (فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً) زَادَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَدَبِ سَاعَةً مِنَ الْعِشَاءِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ) أَيْ: تَرُدُّ إِلَى بَيْتِهَا (فَقَامَ مَعَهَا يَقْلِبُهَا) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْقَافِ أَيْ: يَرُدُّهَا إِلَى مَنْزِلِهَا.
قَوْلُهُ: (حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ: الَّذِي عِنْدَ مَسْكَنِ أُمِّ سَلَمَةَ وَالْمُرَادُ بِهَذَا بَيَانُ الْمَكَانِ الَّذِي لَقِيَهُ الرَّجُلَانِ فِيهِ لِإِتْيَانِ مَكَانِ بَيْتِ صَفِيَّةَ.
قَوْلُهُ: (مَرَّ رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِمَا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ، إِلَّا أَنَّ ابْنَ الْعَطَّارِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ زَعَمَ أَنَّهُمَا أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ لِذَلِكَ مُسْتَنَدًا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ الْآتِيَةِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ فَأَبْصَرَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِالْإِفْرَادِ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ إِنَّهُ وَهَمٌ، ثُمَّ قَالَ: يَحْتَمِلُ تَعَدُّدَ الْقِصَّةِ. قُلْتُ: وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا كَانَ تَبَعًا لِلْآخَرِ، أَوْ خُصَّ أَحَدُهُمَا بِخِطَابِ الْمُشَافَهَةِ دُونَ الْآخَرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الزُّهْرِيُّ كَانَ يَشُكُّ فِيهِ فَيَقُولُ تَارَةً: رَجُلٌ وَتَارَةً: رَجُلَانِ، فَقَدْ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: لَقِيَهُ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ بِالشَّكِّ، وَلَيْسَ لِقَوْلِهِ رَجُلٌ مَفْهُومٌ، نَعَمْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِالْإِفْرَادِ، وَوَجْهُهُ مَا قَدَّمْتُهُ مِنْ أَنَّ أَحَدَهُمَا كَانَ تَبَعًا لِلْآخَرِ، فَحَيْثُ أَفْرَدَ ذَكَرَ الْأَصْلَ، وَحَيْثُ ثَنَّى ذَكَرَ الصُّورَةَ.
قَوْلُهُ: (فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ) فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ: فَنَظَرَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ أَجَازَا أَيْ: مَضَيَا، يُقَالُ: جَازَ وَأَجَازَ بِمَعْنًى، وَيُقَالُ جَازَ الْمَوْضِعَ إِذَا سَارَ فِيهِ وَأَجَازَهُ إِذَا قَطَعَهُ وَخَلَّفَهُ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ: ثُمَّ نَفَذَا وَهُوَ بِالْفَاءِ وَالْمُعْجَمَةِ أَيْ: خَلَّفَاهُ، وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ: فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ ﷺ أَسْرَعَا أَيْ: فِي الْمَشْيِ، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ: فَلَمَّا رَأَيَاهُ اسْتَحْيَيَا فَرَجَعَا فَأَفَادَ سَبَبَ رُجُوعِهِمَا وَكَأَنَّهُمَا لَوِ اسْتَمَرَّا ذَاهِبَيْنِ إِلَى مَقْصِدِهِمَا مَا رَدَّهُمَا بَلْ لَمَّا رَأَى أَنَّهُمَا تَرَكَا مَقْصِدَهُمَا وَرَجَعَا رَدَّهُمَا.
قَوْلُهُ: (عَلَى رِسْلِكُمَا) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا أَيْ: عَلَى هِينَتِكُمَا فِي الْمَشْيِ فَلَيْسَ هُنَا شَيْءٌ تَكْرَهَانِهِ، وَفِيهِ شَيْءٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ امْشِيَا عَلَى هِينَتِكُمَا، وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ: فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ ﷺ: تَعَالَيَا وَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ قَالَ الدَّاوُدِيُّ أَيْ: قِفَا، وَأَنْكَرَهُ ابْنُ التِّينِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَنْ مَعْنَاهُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ: فَلَمَّا أَبْصَرَهُ دَعَاهُ فَقَالَ: تَعَالَ.
قَوْلُهُ: (إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ) فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ: هَذِهِ صَفِيَّةُ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَا سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا) زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ ذَلِكَ، ومِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مُسَافِرٍ الْآتِيَةِ فِي الْخَمْسِ، وَكَذَا لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ: وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا مَا قَالَ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ: فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا وَفِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَظُنُّ بِكَ إِلَّا خَيْرًا.
قَوْلُهُ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنِ ابْنِ آدَمَ مَبْلَغَ القدم) كَذَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ مُسَافِرٍ، وَابْنِ أَبِي عَتِيقٍ ; وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ: يَجْرِي مِنَ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ وَكَذَا لِابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، زَادَ عَبْدُ الْأَعْلَى فَقَالَ: إِنِّي خِفْتُ أَنْ تَظُنَّا ظَنًّا، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي، إِلَخْ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ: مَا أَقُولُ لَكُمَا هَذَا أَنْ تَكُونَا تَظُنَّانِ شَرًّا، وَلَكِنْ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ.
قَوْلُهُ: (ابْنِ آدَمَ) الْمُرَادُ جِنْسُ أَوْلَادِ آدَمَ فَيَدْخُلُ