للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (بَابٌ إِذَا بَيَّنَ الْبَيِّعَانِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيْ: الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَكْتُمَا) أَيْ: مَا فِيهِ مِنْ عَيْبٍ، وَقَوْلُهُ: (وَنَصَحَا) مِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ، وَحُذِفَ جَوَابُ الشَّرْطِ لِلْعِلْمِ بِهِ وَتَقْدِيرُهُ: بِوَرِكِ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ، وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَصْلُ هَذَا الْبَابِ أَنَّ نَصِيحَةَ الْمُسْلِمِ وَاجِبَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَيُذْكَرُ عَنِ الْعَدَّاءِ) بِالتَّثْقِيلِ وَآخِرُهُ هَمْزَةٌ بِوَزْنِ الْفَعَّالِ ابْنُ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، صَحَابِيٌّ قَلِيلُ الْحَدِيثِ، أَسْلَمَ بَعْدَ حُنَيْنٍ.

قَوْلُهُ: (هَذَا مَا اشْتَرَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ) هَكَذَا وَقَعَ هَذَا التَّعْلِيقُ، وَقَدْ وَصَلَ الْحَدِيثَ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ الْجَارُودِ، وَابْنُ مَنْدَهْ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ النَّبِيُّ ﷺ وَالْمُشْتَرِيَ الْعَدَّاءُ عَكْسَ مَا هُنَا، فَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي وَقَعَ هُنَا مَقْلُوبٌ وَقِيلَ: هُوَ صَوَابٌ وَهُوَ مِنَ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى؛ لِأَنَّ اشْتَرَى وَبَاعَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَلَزِمَ مِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ اسْمِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى اسْمِ الْعَدَّاءِ، وَشَرَحَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَلَى مَا وَقَعَ فِي التِّرْمِذِيِّ فَقَالَ فِيهِ: الْبُدَاءَةُ بِاسْمِ الْمَفْضُولِ فِي الشُّرُوطِ إِذَا كَانَ هُوَ الْمُشْتَرِيَ، قَالَ: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ نَقْضُ عَهْدِهِ لِتَعْلِيمِ الْخَلْقِ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَاطَى صَفَقَاتٍ كَثِيرَةً بِغَيْرِ عُهْدَةٍ، وَفِيهِ كِتَابَةُ الِاسْمِ وَاسْمِ الْأَبِ وَالْجَدِّ فِي الْعُهْدَةِ إِلَّا إِذَا كَانَ مَشْهُورًا بِصِفَةٍ تَخُصُّهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ اسْتَغْنَى بِصِفَتِهِ عَنْ نَسَبِهِ وَنَسَبِ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: وَفِي قَوْلِهِ: هَذَا مَا اشْتَرَى ثُمَّ قَالَ: بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ.

قَوْلُهُ: (بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ) فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْمُسْلِمِ الْخَدِيعَةُ، وَأَنَّ تَصْدِيرَ الْوَثَائِقِ بِقَوْلِ الْكَاتِبِ هَذَا مَا اشْتَرَى أَوْ أَصْدَقَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِوَسْوَسَةِ مَنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَزَعَمَ أَنَّهَا تَلْتَبِسُ بِمَا النَّافِيَةِ.

قَوْلُهُ: (لَا دَاءَ) أَيْ: لَا عَيْبَ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْبَاطِنُ سَوَاءٌ ظَهَرَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا كَوَجَعِ الْكَبِدِ وَالسُّعَالِ قَالَهُ الْمُطَرِّزِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ: قَوْلُهُ: لَا دَاءَ أَيْ: يَكْتُمُهُ الْبَائِعُ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ بِعَبْدٍ دَاءٌ وَبَيَّنَهُ الْبَائِعُ لَكَانَ مِنْ بَيْعِ الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلِمِ، وَمُحَصَّلُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ لَا دَاءَ نَفْيَ الدَّاءِ مُطْلَقًا بَلْ نَفْيَ دَاءٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ مَا لَمْ يُطَّلَعْ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا خِبْثَةَ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَبِضَمِّهَا وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ أَيْ: مَسْبِيًّا مِنْ قَوْمٍ لَهُمْ عَهْدٌ قَالَهُ الْمُطَرِّزِيُّ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْأَخْلَاقُ الْخَبِيثَةُ كَالْإِبَاقِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ الرِّيبَةُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْحَرَامُ كَمَا عَبَّرَ عَنِ الْحَلَالِ بِالطَّيِّبِ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الدَّاءُ مَا كَانَ فِي الْخَلْقِ بِالْفَتْحِ وَالْخِبْثَةُ مَا كَانَ فِي الْخَلْقِ بِالضَّمِّ، وَالْغَائِلَةُ سُكُوتُ الْبَائِعِ عَلَى مَا يُعْلَمُ مِنْ مَكْرُوهٍ فِي الْمَبِيعِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا غَائِلَةَ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ: وَلَا فُجُورَ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْإِبَاقُ، وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: اغْتَالَنِي فُلَانٌ، إِذَا احْتَالَ بِحِيلَةٍ يُتْلِفُ بِهَا مَالِي.

قَوْلُهُ: (قَالَ قَتَادَةُ. . . إِلَخْ) وَصَلَهُ ابْنُ مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ الْأَصْمَعِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْهُ، قَالَ ابْنُ قُرْقُولٍ: الظَّاهِرُ أَنَّ تَفْسِيرَ قَتَادَةَ يَرْجِعُ إِلَى الْخِبْثَةِ وَالْغَائِلَةِ مَعًا.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ: لِإِبْرَاهِيمَ) أَيِ: النَّخَعِيِّ (إِنَّ بَعْضَ النَّخَّاسِينَ) بِالنُّونِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: الدَّلَّالِينَ.

قَوْلُهُ: (يُسَمَّى آرِيَّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ الْمَمْدُودَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ هُوَ مُرْبِطٌ لِلدَّابَّةِ، وَقِيلَ: مُعْلِفُهَا وَرَدَّهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ، وَقِيلَ: هُوَ حَبْلٌ يُدْفَنُ فِي الْأَرْضِ وَيَبْرُزُ طَرَفُهُ تُشَدُّ بِهِ الدَّابَّةُ أَصْلُهُ مِنَ الْحَبْسِ وَالْإِقَامَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ: تَأَرَّى الرَّجُلُ بِالْمَكَانِ أَيْ: أَقَامَ بِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّخَّاسِينَ كَانُوا يُسَمُّونَ مَرَابِطَ دَوَابِّهِمْ بِأَسْمَاءِ الْبِلَادِ لِيُدَلِّسُوا عَلَى الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ؛ لِيُوهِمُوا أَنَّهُ مَجْلُوبٌ مِنْ خُرَاسَانَ وَسِجِسْتَانَ، فَيَحْرِصُ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي وَيَظُنُّ أَنَّهَا قَرِيبَةُ الْعَهْدِ بِالْجَلْبِ، قَالَ عِيَاضٌ: وَأَظُنُّ أَنَّهُ سَقَطَ مِنَ الْأَصْلِ لَفْظَةُ دَوَابِّهِمْ، قُلْتُ: أَوْ سَقَطَتِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ الَّتِي لِلْجِنْسِ، كَأَنَّهُ كَانَ فِيهِ يُسَمَّى الْآرِيَّ أَيْ: الْإِصْطَبْلَ، أَوْ سَقَطَ الضَّمِيرُ كَأَنَّهُ كَانَ فِيهِ يُسَمَّى آرِيَةً، وَقَدْ تَصَحَّفَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ