للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ.

[الحديث ٢١٣٤ - طرفاه في: ٢١٧٠، ٢١٧٤

قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ وَالْحُكْرَةِ) أَيْ: بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ: حَبْسُ السِّلَعِ عَنِ الْبَيْعِ، هَذَا مُقْتَضَى اللُّغَةِ، وَلَيْسَ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ لِلْحُكْرَةِ ذِكْرٌ كَمَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَنْبَطَ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْرِ بِنَقْلِ الطَّعَامِ إِلَى الرِّحَالِ، وَمَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ، فَلَوْ كَانَ الِاحْتِكَارُ حَرَامًا لَمْ يَأْمُرْ بِمَا يَئُولُ إِلَيْهِ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ حَدِيثُ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا: لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، لَكِنْ لِمُجَرَّدِ إِيوَاءِ الطَّعَامِ إِلَى الرِّحَالِ لَا يَسْتَلْزِمُ الِاحْتِكَارَ الشَّرْعِيَّ؛ لِأَنَّ الِاحْتِكَارَ الشَّرْعِيَّ إِمْسَاكُ الطَّعَامِ عَنِ الْبَيْعِ، وَانْتِظَارُ الْغَلَاءِ مَعَ اسْتِغْنَاءٍ عَنْهُ وَحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَبِهَذَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ رَفَعَ طَعَامًا مِنْ ضَيْعَتِهِ إِلَى بَيْتِهِ: لَيْسَتْ هَذِهِ بِحُكْرَةٍ. وَعَنْ أَحْمَدَ إِنَّمَا يَحْرُمُ احْتِكَارُ الطَّعَامِ الْمُقْتَاتِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْبُخَارِيُّ أَرَادَ بِالتَّرْجَمَةِ بَيَانَ تَعْرِيفِ الْحُكْرَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا يُفَسِّرُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ، فَسَاقَ الْأَحَادِيثَ الَّتِي فِيهَا تَمْكِينُ النَّاسِ مِنْ شِرَاءِ الطَّعَامِ وَنَقْلِهِ، وَلَوْ كَانَ الِاحْتِكَارُ مَمْنُوعًا لَمُنِعُوا مِنْ نَقْلِهِ، أَوْ لَبُيِّنَ لَهُمْ عِنْدَ نَقْلِهِ الْأَمَدُ الَّذِي يَنْتَهُونَ إِلَيْهِ، أَوْ لَأُخِذَ عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنْ شِرَاءِ الشَّيْءِ الْكَثِيرِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ الِاحْتِكَارِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الِاحْتِكَارَ إِنَّمَا يُمْنَعُ فِي حَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَمِّ الِاحْتِكَارِ أَحَادِيثُ: مِنْهَا حَدِيثُ مَعْمَرٍ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا، وَحَدِيثُ عُمَرَ مَرْفُوعًا: مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالْجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَعَنْهُ مَرْفُوعًا قَالَ: الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرِ مَلْعُونٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: مَنِ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللَّهِ وَبَرِئَ مِنْهُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْحَاكِمُ وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: مَنِ احْتَكَرَ حُكْرَةً يُرِيدُ أَنْ يُغَالِيَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ خَاطِئٌ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَحَادِيثَ.

الْأَوَّلُ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي تَأْدِيبِ مَنْ يَبِيعُ الطَّعَامَ قَبْلَ أَنْ يُؤْوِيَهِ إِلَى رَحْلِهِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ بَابٍ.

الثَّانِي وَالثَّالِثُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ.

الرَّابِعُ: حَدِيثُ عُمَرَ الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا وَمُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ اشْتِرَاطِ قَبْضِ الشَّعِيرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الرِّبَوِيَّاتِ فِي الْمَجْلِسِ، فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَبْضِ الطَّعَامِ بِغَيْرِ شَرْطٍ آخَرَ. وَقَدِ اسْتَشْعَرَ ابْنُ بَطَّالٍ مُبَايَنَتَهُ لِلتَّرْجَمَةِ، فَأَدْخَلَهُ فِي تَرْجَمَةِ بَابِ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَهُوَ مُغَايِرٌ لِلنُّسَخِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ الْبُخَارِيِّ. وَقَوْلُهُ: فِي حَدِيثِ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ هُوَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَسُفْيَانُ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَقَوْلُهُ: كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يُحَدِّثُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ عِنْدَهُ صَرْفٌ؟ فَقَالَ طَلْحَةُ - أَيِ: ابْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ - أَنَا حَتَّى يَجِيءَ خَازِنُنَا مِنَ الْغَابَةِ تَأْتِي بَقِيَّتُهُ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ بَعْدَ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ بَابًا.

قَوْلُهُ: (قَالَ سُفْيَانُ) هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، وَقَوْلُهُ: هَذَا الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ أَشَارَ إِلَى الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَنَّهُ حَفِظَ مِنَ الزُّهْرِيِّ الْمَتْنَ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ، وَقَدْ حَفِظَهَا مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَأَبْعَدَ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ: غَرَضُ سُفْيَانَ تَصْدِيقُ عَمْرٍو، وَأَنَّهُ حَفِظَ نَظِيرَ مَا رُوِيَ.

قَوْلُهُ: (الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ) هَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْهُ، وَهِيَ رِوَايَةُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ كَمَا سَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ فِي آخِرِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) أَيِ الْمُصَنِّفُ (مُرْجِئُونَ) أَيْ: مُؤَخِّرُونَ، وَهَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي