للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رَسُولُ اللَّهِ : الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ بَيْعِ الشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ) أَيْ: مَا حُكْمُهُ؟

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفًا) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: مِنَ الدَّرَاهِمِ بِذَهَبٍ كَانَ مَعَهُ، وَبَيَّنَ ذَلِكَ اللَّيْثُ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَلَفْظُهُ: عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ: أَقْبَلْتُ أَقُولُ مَنْ يَصْطَرِفُ الدَّرَاهِمَ؟.

قَوْلُهُ: (فَتَرَاوَضْنَا) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ: تَجَارَيْنَا الْكَلَامَ فِي قَدْرِ الْعِوَضِ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ كَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ يُرَوِّضُ صَاحِبَهُ وَيُسَهِّلُ خُلُقَهُ، وَقِيلَ: الْمُرَاوَضَةُ هُنَا الْمُوَاصَفَةُ بِالسِّلْعَةِ، وَهُوَ أَنْ يَصِفَ كُلٌّ مِنْهُمَا سِلْعَتَهُ لِرَفِيقِهِ.

قَوْلُهُ: (فَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا) أَيِ: الذَّهَبَةَ، وَالذَّهَبُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَيُقَالُ: ذَهَبٌ وَذَهَبَةٌ. أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ ضَمَّنَ الذَّهَبَ مَعْنَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْمِائَةُ فَأَنَّثَهُ لِذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ فَقَالَ طَلْحَةُ إِذَا جَاءَ خَادِمُنَا نُعْطِيكَ وَرِقَكَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ الْخَازِنِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ طَلْحَةُ.

قَوْلُهُ: (مِنَ الْغَابَةِ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ مُوَحَّدَةٌ يَأْتِي شَرْحُ أَمْرِهَا فِي أَوَاخِرِ الْجِهَادِ فِي قِصَّةِ تَرِكَةِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَكَأَنَّ طَلْحَةَ كَانَ لَهُ بِهَا مَالٌ مِنْ نَخْلٍ وَغَيْرِهِ، وَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ) أَيْ: عِوَضُ الذَّهَبِ، فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ: وَاللَّهِ لَتُعْطِيَنَّهُ وَرِقَهُ أَوْ لَتَرُدَّنَّ إِلَيْهِ ذَهَبَهُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَذَكَرَهُ.

قَوْلُهُ: (الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى مَالِكٍ فِيهِ وَحَمَلَهُ عَنْهُ الْحُفَّاظُ حَتَّى رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، وَتَابَعَهُ مَعْمَرٌ، وَاللَّيْثُ وَغَيْرُهُمَا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحُفَّاظُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. وَشَذَّ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْهُ فَقَالَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ: الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ الرَّفْعُ أَيْ: بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ فَحَذَفَ الْمُضَافَ لِلْعِلْمِ بِهِ، أَوِ الْمَعْنَى الذَّهَبُ يُبَاعُ بِالذَّهَبِ، وَيَجُوزُ النَّصْبُ أَيْ: بِيعُوا الذَّهَبَ، وَالذَّهَبُ يُطْلَقُ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِهِ الْمَضْرُوبَةِ وَغَيْرِهَا، وَالْوَرِقِ الْفِضَّةِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبِإِسْكَانِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَجُوزُ فَتْحُهُمَا، وَقِيلَ: بِكَسْرِ الْوَاوِ الْمَضْرُوبَةُ وَبِفَتْحِهَا الْمَالُ، وَالْمُرَادُ هُنَا جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْفِضَّةِ مَضْرُوبَةً وَغَيْرَ مَضْرُوبَةٍ.

قَوْلُهُ: (إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ) بِالْمَدِّ فِيهِمَا وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَقِيلَ: بِالْكَسْرِ، وَقِيلَ: بِالسُّكُونِ، وَحُكِيَ الْقَصْرُ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَخَطَّأَهَا الْخَطَّابِيُّ، وَرَدَّ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَقَالَ: هِيَ صَحِيحَةٌ لَكِنْ قَلِيلَةٌ، وَالْمَعْنَى خُذْ وَهَاتِ، وَحُكِيَ هَاكَ بِزِيَادَةِ كَافٍ مَكْسُورَةٍ، وَيُقَالُ: هَاءِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى هَاتِ وَبِفَتْحِهَا بِمَعْنَى خُذْ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ، وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: هَاءَ وَهَاءَ هُوَ أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْبَيِّعَيْنِ هَاءَ فَيُعْطِيهِ مَا فِي يَدِهِ كَالْحَدِيثِ الْآخَرِ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ يَعْنِي: مُقَابَضَةً فِي الْمَجْلِسِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ خُذْ وَأَعْطِ، قَالَ: وَغَيْرُ الْخَطَّابِيِّ يُجِيزُ فِيهَا السُّكُونَ عَلَى حَذْفِ الْعِوَضِ وَيَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ هَا الَّتِي لِلتَّنْبِيهِ. وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ: هَا اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى خُذْ، وَإِنْ وَقَعَتْ بَعْدَ إِلَّا فَيَجِبُ تَقْدِيرُ قَوْلٍ قَبْلَهُ يَكُونُ بِهِ مَحْكِيًّا فَكَأَنَّهُ قِيلَ: وَلَا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مَقُولًا عِنْدَهُ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ: هَاءَ وَهَاءَ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: كَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْمُنَاوَلَةِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ قَوْلِهِ: هَاءَ وَهَاءَ أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لِصَاحِبِهِ: هَاءَ فَيَتَقَابَضَانِ فِي الْمَجْلِسِ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: حَقُّهَا أَنْ لَا تَقَعَ بَعْدُ إِلَّا كَمَا لَا يَقَعُ بَعْدَهَا خُذْ، قَالَ: فَالتَّقْدِيرُ لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مَقُولًا بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ هَاءَ وَهَاءَ.

وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّقَابُضِ فِي الصَّرْفِ فِي الْمَجْلِسِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ إِلَّا عِنْدَ الْإِيجَابِ بِالْكَلَامِ، وَلَوِ انْتَقَلَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إِلَى آخَرَ لَمْ يَصِحَّ تَقَابُضُهُمَا، وَمَذْهَبُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ تَرَاخِي الْقَبْضِ فِي الصَّرْفِ سَوَاءٌ كَانَا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ تَفَرَّقَا، وَحُمِلَ قَوْلُ عُمَرَ: لَا يُفَارِقُهُ عَلَى الْفَوْرِ