للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَا إِذَا كَانَا مَعًا عَلَى النَّخْلِ، وَقِيلَ: إِنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا إِذَا كَانَا نَوْعَيْنِ، وَفِي ذَلِكَ فُرُوعٌ أُخَرُ يَطُولُ ذِكْرُهَا. وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِإِلْحَاقِ الْبُسْرِ فِي ذَلِكَ بِالرُّطَبِ.

قَوْلُهُ: (بَيْعُ الثَّمَرِ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَتَحْرِيكِ الْمِيمِ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: ثَمَرِ النَّخْلِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّمْرَ مِنْ غَيْرِ النَّخْلِ؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالتَّمْرِ بِالْمُثَنَّاةِ وَالسُّكُونِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ النَّهْيُ عَنِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ لِكَوْنِهِ مُتَفَاضِلًا مِنْ جِنْسِهِ.

قَوْلُهُ: (كَيْلًا) يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: وَبَيْعُ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا وَالْكَرْمُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ هُوَ شَجَرُ الْعِنَبِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا نَفْسُ الْعِنَبِ كَمَا أَوْضَحَتْهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ، وَفِيهِ جَوَازُ تَسْمِيَةِ الْعِنَبِ كَرْمًا، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْأَدَبِ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ النَّهْيِ عَلَى التَّنْزِيهِ وَيَكُونُ ذِكْرُهُ هُنَا لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَفْسِيرَ الْمُزَابَنَةِ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ ﷺ وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مَوْقُوفًا فَلَا حُجَّةَ عَلَى الْجَوَازِ، فَيُحْمَلُ النَّهْيُ عَلَى حَقِيقَتِهِ. وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ: هَلْ يَلْحَقُ الْعِنَبُ أَوْ غَيْرُهُ بِالرُّطَبِ فِي الْعَرَايَا؟ فَقِيلَ: لَا. وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ مِنْهُمُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، وَقِيلَ: يَلْحَقُ الْعِنَبَ خَاصَّةً وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَقِيلَ: يَلْحَقُ كُلَّ مَا يُدَّخَرُ وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ، وَقِيلَ: يَلْحَقُ كُلَّ ثَمَرَةٍ، وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ) هُوَ الْمَدَنِيُّ، وَكُلُّهُمْ مَدَنِيُّونَ إِلَّا شَيْخَ الْبُخَارِيِّ، وَلَيْسَ لِدَاوُدَ وَلَا لِشَيْخِهِ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ، وَشَيْخُهُ هُوَ أَبُو سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ وَأَبُو سُفْيَانَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ حَتَّى قَالَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ، وَسَبَقَهُمْ إِلَى ذَلِكَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ فِي الْكُنَى، لَكِنْ حَكَى أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ شَيْخِهِ فِيهِ أَنَّ اسْمَهُ قَزْمَانُ، وَابْنُ أَبِي أَحْمَدَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ الْأَسَدِيُّ ابْنُ أَخِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَحَكَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ كَانَ مَوْلًى لِبَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَكَانَ يُجَالِسُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَحْمَدَ فَنُسِبَ إِلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالثَّمَرِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ) زَادَ ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كَيْلًا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَذِكْرُ الْكَيْلِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، بَلْ لِأَنَّهُ صُورَةُ الْمُبَايَعَةِ الَّتِي وَقَعَتْ إِذْ ذَاكَ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ لِخُرُوجِهِ عَلَى سَبَبٍ أَوَّلُهُ مَفْهُومٌ، لَكِنَّهُ مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ؛ لِأَنَّ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنَ الْمَنْطُوقِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ مِعْيَارَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ الْكَيْلُ، وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي آخِرِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: وَالْمُحَاقَلَةُ كِرَاءُ الْأَرْضِ وَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ.

قَوْلُهُ: (عَنِ الشَّيْبَانِيِّ) هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَنِ الْمُحَاقَلَةِ فِي بَابِ بَيْعِ الْمُخَاضَرَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ مِثْلُهُ، وَالْمُزَابَنَةُ فِي النَّخْلِ وَالْمُحَاقَلَةُ فِي الزَّرْعِ.

قَوْلُهُ: (أَرْخَصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ الْجَمْعُ عَرَايَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَهَا لُغَةً.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا) زَادَ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ كَيْلًا وَمِثْلُهُ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، وَسَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ، وَنَحْوُهُ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِلَفْظِ: رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ يَأْخُذُهَا أَهْلُ الْبَيْتِ بِخَرْصِهَا تَمْرًا يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا وَمِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِلَفْظِ: رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرِيَّةِ بِخَرْصِهَا تَمْرًا قَالَ يَحْيَى: الْعَرِيَّةُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ تَمْرَ النَّخَلَاتِ بِطَعَامِ أَهْلِهِ رُطَبًا بِخَرْصِهَا تَمْرًا، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ إِدْرَاجًا، وَأَخْرَجَهُ