للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَلَّمْتُهُ أُعَلِّمُهُ تَعْلِيمًا، وَالتَّأْبِيرُ التَّشْقِيقُ وَالتَّلْقِيحُ، وَمَعْنَاهُ شَقُّ طَلْعِ النَّخْلَةِ الْأُنْثَى لِيَذُرَّ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ طَلْعِ النَّخْلَةِ الذَّكَرِ، وَالْحُكْمُ مُسْتَمِرٌّ بِمُجَرَّدِ التَّشْقِيقِ، وَلَوْ لَمْ يَضَعْ فِيهِ شَيْئًا. وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ قَالَ: مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ بِقَوْمٍ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ فَقَالَ: مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: يُلَقِّحُونَهُ يَجْعَلُونَ الذَّكَرَ فِي الْأُنْثَى فَيُلَقَّحُ الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ) يَعْنِي: ابْنَ مُوسَى الرَّازِيَّ، وَهِشَامٌ شَيْخُهُ هُوَ ابْنُ يُوسُفَ الصَّنْعَانِيُّ.

قَوْلُهُ: (أَيُّمَا نَخْلٍ) هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ مَوْقُوفًا، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَنَافِعٌ يَرْوِي حَدِيثَ النَّخْلِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ وَحَدِيثَ الْعَبْدِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ مَوْقُوفًا. قُلْتُ: وَقَدْ أَسْنَدَ الْمُؤَلِّفُ حَدِيثَ الْعَبْدِ مَرْفُوعًا، كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ، وَنَذْكُرُ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا وَقَعَ لِصَاحِبِ الْعُمْدَةِ وَشَارِحِيهَا مِنَ الْوَهَمِ فِيهِ، وَحَدِيثُ الْحَارِثِ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَالرِّوَايَةُ الْمَوْصُولَةُ ذَكَرَهَا مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ كَمَا تَرَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَفِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي الْبَابَ الَّذِي بَعْدَهُ، وَوَصَلَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ وَغَيْرُهُمَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قِصَّةَ النَّخْلِ دُونَ غَيْرِهَا. وَاخْتُلِفَ عَلَى نَافِعٍ، وَسَالِمٍ فِي رَفْعِ مَا عَدَا النَّخْلَ، فَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا فِي قِصَّةِ النَّخْلِ وَالْعَبْدِ مَعًا، هَكَذَا أَخْرَجَهُ الْحُفَّاظُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَخَالَفَهُمْ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ فَزَادَ فِيهِ ابْنَ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا لِجَمِيعِ الْأَحَادِيثِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَرَوَى مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَأَيُّوبُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قِصَّةَ النَّخْلِ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ قِصَّةَ الْعَبْدِ مَوْقُوفَةً، كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ بِالْإِسْنَادَيْنِ مَعًا، وَسَيَأْتِي فِي الشُّرْبِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ الْعَبْدِ مَوْقُوفَةً.

وَجَزَمَ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، والدَّارَقُطْنِيُّ بِتَرْجِيحِ رِوَايَةِ نَافِعٍ الْمُفَصَّلَةِ عَلَى رِوَايَةِ سَالِمٍ، وَمَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَالْبُخَارِيُّ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إِلَى تَرْجِيحِ رِوَايَةِ سَالِمٍ، وَرُوِيَ عَنْ نَافِعٍ رَفْعُ الْقِصَّتَيْنِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْهُ وَهُوَ وَهَمٌ، وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: مَا هُوَ إِلَّا عَنْ عُمَرَ شَأْنُ الْعَبْدِ؛ وَهَذَا لَا يَدْفَعُ قَوْلَ مَنْ صَحَّحَ الطَّرِيقَيْنِ، وَجَوَّزَ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ عِنْدَ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْحَرْثُ) يُشِيرُ بِالْعَبْدِ إِلَى حَدِيثِ: مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ وَصُورَةُ تَشْبِيهِهِ بِالنَّخْلِ مِنْ جِهَةِ الزَّوَائِدِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَأَمَّا الْحَرْثُ فَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إِبَارُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ أَنَّهُ إِذَا فُعِلَ فِيهِ نَبَتَتِ الثَّمَرَةُ، ثَمَرَتُهُ وَانْعَقَدَتْ فِيهِ، ثُمَّ قَدْ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ وَعَنِ انْعِقَادِهَا وَإِنْ لَمْ يُفْعَلْ فِيهَا شَيْءٌ.

قَوْلُهُ: (مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ) فِي رِوَايَةِ نَافِعٍ الْآتِيَةِ بَعْدَ يَسِيرٍ: أَيُّمَا رَجُلٍ أَبَّرَ نَخْلًا ثُمَّ بَاعَ أَصْلَهَا إِلَخْ وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ بَاعَ نَخْلًا وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ مُؤَبَّرَةٌ لَمْ تَدْخُلِ الثَّمَرَةُ فِي الْبَيْعِ بَلْ تَسْتَمِرُّ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ، وَبِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَتَكُونُ لِلْمُشْتَرِي، وَبِذَلِكَ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، وَخَالَفَهُمُ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، فَقَالَا: تَكُونُ لِلْبَائِعِ قَبْلَ التَّأْبِيرِ وَبَعْدَهُ، وَعَكَسَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى فَقَالَ: تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا. وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ إِطْلَاقِ بَيْعِ النَّخْلِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلثَّمَرَةِ، فَإِنْ شَرَطَهَا الْمُشْتَرِي بِأَنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ النَّخْلَ بِثَمَرَتِهَا كَانَتْ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ شَرَطَهَا الْبَائِعُ لِنَفْسِهِ قَبْلَ التَّأْبِيرِ كَانَتْ لَهُ. وَخَالَفَ مَالِكٌ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ شَرْطُهَا لِلْبَائِعِ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ مَنْطُوقِهِ حُكْمَانِ وَمِنْ مَفْهُومِهِ حُكْمَانِ أَحَدُهُمَا بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ، وَالْآخَرُ بِمَفْهُومِ الِاسْتِثْنَاءِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْقَوْلُ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ يَعْنِي: بِالْمَفْهُومِ فِي هَذَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حُكْمُ غَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ حُكْمَ الْمُؤَبَّرَةِ لَكَانَ تَقْيِيدُهُ بِالشَّرْطِ لَغْوًا لَا فَائِدَةَ فِيهِ.

(تَنْبِيهٌ): لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّأْبِيرِ أَنْ يُؤَبِّرَهُ أَحَدٌ، بَلْ لَوْ تَأَبَّرَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَخْتَلِفِ الْحُكْمُ عِنْدَ جَمِيعِ الْقَائِلِينَ بِهِ.

قَوْلُهُ: (إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ) الْمُرَادُ بِالْمُبْتَاعِ الْمُشْتَرِي بِقَرِينَةِ الْإِشَارَةِ إِلَى الْبَائِعِ بِقَوْلِهِ: مَنْ بَاعَ، وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذَا