للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ يَحْيَى: كَأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهَا لَهُ بِمُجَرَّدِ التَّحْجِيرِ حَتَّى يُحْيِيَهَا.

قَوْلُهُ: (وَيُرْوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، عَنِ النَّبِيِّ أَيْ مِثْلَ حَدِيثِ عُمَرَ هَذَا.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ فِيهِ فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ، وَلَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ) وَصَلَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُولُ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا حَقُّ مُسْلِمٍ فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ، وَهُوَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ ثُمَّ الْبَيْهَقِيِّ، وَكَثِيرٌ هَذَا ضَعِيفٌ، وَلَيْسَ لِجَدِّهِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَهُوَ غَيْرُ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْأَنْصَارِيِّ الْبَدْرِيِّ الْآتِي حَدِيثُهُ فِي الْجِزْيَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا عِنْدَهُ غَيْرُهُ. وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَقَالَ عُمَرُ، وَابْنُ عَوْفٍ (١) عَلَى أَنَّ الْوَاوَ عَاطِفَةٌ وَعُمَرُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ ; وَشَرَحَهُ الْكَرْمَانِيُّ ثُمَّ قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذِكْرُ عُمَرَ مُكَرَّرًا، وَأَجَابَ بِأَنَّ فِيهِ فَوَائِدَ؛ كَوْنَهُ تَعْلِيقًا بِالْجَزْمِ وَالْآخَرِ بِالتَّمْرِيضِ، وَكَوْنَهُ بِزِيَادَةٍ وَالْآخَرِ بِدُونِهَا، وَكَوْنَهُ مَرْفُوعًا وَالْأَوَّلِ مَوْقُوفٌ، ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَمْرٌو بِفَتْحِ الْعَيْنِ.

قُلْتُ: فَضَاعَ مَا تَكَلَّفَهُ مِنَ التَّوْجِيهِ. وَلِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُعَلَّقِ شَاهِدٌ قَوِيٌّ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ مُرْسَلًا وَزَادَ: قَالَ عُرْوَةُ: فَلَقَدْ خَبَّرَنِي الَّذِي حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ غَرَسَ أَحَدُهُمَا نَخْلًا فِي أَرْضِ الْآخَرِ فَقَضَى لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِأَرْضِهِ وَأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْلِ أَنْ يُخْرِجَ نَخْلَهُ مِنْهَا.

وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَعَنْ سَمُرَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَالْبَيْهَقِيِّ وَعَنْ عُبَادَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ، وَعَنْ أَبِي أُسَيْدٍ عِنْدَ يَحْيَى بْنِ آدَمَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ. وَفِي أَسَانِيدِهَا مَقَالٌ، لَكِنْ يَتَقَوَّى بَعْضُهَا بِبَعْضٍ.

قَوْلُهُ: (لِعِرْقٍ ظَالِمٍ) فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ بِتَنْوِينِ عِرْقٍ، وَظَالِمٍ نَعْتٌ لَهُ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى صَاحِبِ الْعِرْقِ أَيْ لَيْسَ لِذِي عِرْقٍ ظَالِمٍ، أَوْ إِلَى الْعِرْقِ أَيْ لَيْسَ لِعِرْقٍ ذِي ظُلْمٍ، وَيُرْوَى بِالْإِضَافَةِ وَيَكُونُ الظَّالِمُ صَاحِبَ الْعِرْقِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْعِرْقِ الْأَرْضُ، وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْأَزْهَرِيُّ، وَابْنُ فَارِسٍ وَغَيْرُهُمْ، وَبَالَغَ الْخَطَّابِيُّ فَغَلَّطَ رِوَايَةَ الْإِضَافَةِ، قَالَ رَبِيعَةُ: الْعِرْقُ الظَّالِمُ يَكُونُ ظَاهِرًا وَيَكُونُ بَاطِنًا فَالْبَاطِنُ مَا احْتَفَرَهُ الرَّجُلُ مِنَ الْآبَارِ أَوِ اسْتَخْرَجَهُ مِنَ الْمَعَادِنِ، وَالظَّاهِرُ مَا بَنَاهُ أَوْ غَرَسَهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الظَّالِمُ مَنْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ أَوْ بَنَى أَوْ حَفَرَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا شُبْهَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَيُرْوَى فِيهِ) أَيْ فِي الْبَابِ أَوِ الْحُكْمِ (عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ وَصَلَهُ أَحْمَدُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرٍ فَذَكَرَهُ وَلَفْظُهُ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ، وَمَا أَكَلَتِ الْعَوَافِي مِنْهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ وَصَحَّحَهُ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى هِشَامٍ فَرَوَاهُ عَنْهُ عَبَّادٌ هَكَذَا، وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَأَبُو ضَمْرَةَ وَغَيْرُهُمَا عَنْهُ عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ جَابِرٍ، وَرَوَاهُ أَيُّوبُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا. وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عُرْوَةَ فَرَوَاهُ أَيُّوبُ عَنْ هِشَامٍ مَوْصُولًا، وَخَالَفَهُ أَبُو الْأَسْوَدِ فَقَالَ: عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَمَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا كَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي تَرْكِ جَزْمِ الْبُخَارِيِّ بِهِ.

(تَنْبِيهٌ): اسْتَنْبَطَ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ الَّتِي فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَهِيَ قَوْلُهُ: فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يَمْلِكُ الْمَوَاتَ بِالْإِحْيَاءِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْكَافِرَ لَا أَجْرَ لَهُ، وَتَعَقَّبَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّ الْكَافِرَ إِذَا


(١) لعل صواب العبارة " وقال عمرو بن عوف"