فِي قِدْرٍ لَهَا، فَتَجْعَلُ فِيهِ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ - لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِيهِ شَحْمٌ وَلَا وَدَكٌ - فَإِذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ زُرْنَاهَا فَقَرَّبَتْهُ إِلَيْنَا، فَكُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَمَا كُنَّا نَتَغَدَّى وَلَا نَقِيلُ إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ.
وَقَوْلُهُ: (لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِيهِ شَحْمٌ وَلَا وَدَكٌ) الْوَدَكُ بِفَتْحَتَيْنِ: دَسَمُ اللَّحْمِ وَهُوَ مِنْ قَوْلِ يَعْقُوبَ.
٢٣٥٠ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: يَقُولُونَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ، وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ. وَيَقُولُونَ: مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ؟ وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَءا مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ، وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ. وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمًا: لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ مِنْكُمْ ثَوْبَهُ - حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي هَذِهِ - ثُمَّ يَجْمَعَهُ إِلَى صَدْرِهِ فَيَنْسَى مِنْ مَقَالَتِي شَيْئًا أَبَدًا، فَبَسَطْتُ نَمِرَةً لَيْسَ عَلَيَّ ثَوْبٌ غَيْرُهَا حَتَّى قَضَى النَّبِيُّ ﷺ مَقَالَتَهُ ثُمَّ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالَتِهِ تِلْكَ إِلَى يَوْمِي هَذَا. وَاللَّهِ لَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا أَبَدًا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى﴾ - إِلَى - ﴿الرَّحِيمُ﴾
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغَرْسِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ إِنْ كُنَّا لَنَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ، وَغَرَضُهُ مِنْهُ هُنَا قَوْلُهُ: كُنَّا نَغْرِسُهُ فِي أَرْبِعَائِنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْأَرْبِعَاءِ. وَالسِّلْقُ بِكَسْرِ السِّينِ.
وحديث أبي هريرة (يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ) أَيْ رِوَايَةَ الْحَدِيثِ.
قَوْلُهُ: (وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ وَعِنْدَ اللَّهِ الْمَوْعِدُ، لِأَنَّ الْمَوْعِدَ إِمَّا مَصْدَرٌ وَإِمَّا ظَرْفُ زَمَانٍ أَوْ ظَرْفُ مَكَانٍ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يُخْبَرُ بِهِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمُرَادُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحَاسِبُنِي إِنْ تَعَمَّدْتُ كَذِبًا وَيُحَاسِبُ مَنْ ظَنَّ بِي ظَنَّ السَّوْءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْعِلْمِ، وَيَأْتِي مِنْهُ شَيْءٌ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَغَرَضُهُ مِنْهُ هُنَا قَوْلُهُ: (وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ) فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْعَمَلِ الشُّغْلُ فِي الْأَرَاضِي بِالزِّرَاعَةِ وَالْغَرْسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(خَاتِمَةٌ): اشْتَمَلَ كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ وَمَا أُضِيفَ إِلَيْهِ مِنْ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى أَرْبَعِينَ حَدِيثًا، الْمُعَلَّقُ مِنْهَا تِسْعَةٌ وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ، الْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى اثْنَانِ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا، وَالْخَالِصُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيثًا، وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى جَمِيعِهَا سِوَى حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ فِي آلَةِ الْحَرْثِ، وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي سُؤَالِ الْأَنْصَارِ الْقِسْمَةَ، وَحَدِيثِ عُمَرَ لَوْلَا آخِرُ الْمُسْلِمِينَ. وَحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَجَابِرٍ، وَعَائِشَةَ فِي إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ، وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ. وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ أَثَرًا. وَاللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute