﵁ فَقَالَ: وَجَدْتُ صُرَّةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلًا، فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُ فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلًا، فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلًا فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الرَّابِعَةَ فَقَالَ: اعْرِفْ عِدَّتَهَا وَوِكَاءَهَا وَوِعَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا اسْتَمْتِعْ بِهَا.
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بِهَذَا قَالَ: فَلَقِيتُهُ بَعْدُ بِمَكَّةَ فَقَالَ: لَا أَدْرِي أَثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ أَوْ حَوْلًا وَاحِدًا.
قَوْلُهُ: (بَابُ هَلْ يَأْخُذُ اللُّقَطَةَ وَلَا يَدَعُهَا تَضِيعُ حَتَّى لَا يَأْخُذَهَا مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَسَقَطَتْ لَا بَعْدَ حَتَّى عِنْدَ ابْنِ شَبَّوَيْهِ، وَأَظُنُّ الْوَاوَ سَقَطَتْ مِنْ قَبْلِ حَتَّى، وَالْمَعْنَى لَا يَدَعْهَا فَتَضِيعَ وَلَا يَدَعْهَا حَتَّى يَأْخُذَهَا مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ وَأَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ كَرِهَ اللُّقَطَةَ، وَمِنْ حُجَّتِهِمْ حَدِيثُ الْجَارُودِ مَرْفُوعًا: ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرَقُ النَّارِ، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَحَمَلَ الْجُمْهُورُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَا يُعَرِّفُهَا، وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: مَنْ آوَى الضَّالَّةَ فَهُوَ ضَالٌّ، مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا، وَأَمَّا مَا أَخَذَهُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ فَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ ﷺ لَمْ يُنْكِرْ عَلَى أُبَيٍّ أَخْذَهُ الصُّرَّةَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ شَرْعًا، وَيَسْتَلْزِمُ اشْتِمَالَهُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ وَإِلَّا كَانَ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، وَتِلْكَ الْمَصْلَحَةُ تَحْصُلُ بِحِفْظِهَا وَصِيَانَتِهَا عَنِ الْخَوَنَةِ وَتَعْرِيفِهَا لِتَصِلَ إِلَى صَاحِبِهَا، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَرْجَحُ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ، فَمَتَى رَجَحَ أَخْذُهَا وَجَبَ أَوِ اسْتُحِبَّ، وَمَتَى رَجَحَ تَرْكُهَا حَرُمَ أَوْ كُرِهَ، وَإِلَّا فَهُوَ جَائِزٌ.
قَوْلُهُ: (سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ أَبُو أُمَيَّةَ الْجُعْفِيُّ، تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ النَّبِيَّ ﷺ وَكَانَ فِي زَمَنِهِ رَجُلًا وَأَعْطَى الصَّدَقَةَ فِي زَمَنِهِ وَلَمْ يَرَهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ صَلَّى خَلْفَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ، وَإِنَّمَا قَدِمَ المَدِينَةَ حِينَ نَفَضُوا أَيْدِيَهُمْ مِنْ دَفْنِهِ ﷺ ثُمَّ شَهِدَ الْفُتُوحَ وَنَزَلَ الْكُوفَةَ وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ ثَمَانِينَ أَوْ بَعْدَهَا وَلَهُ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرُ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: أَنَا لِدَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا أَصْغَرُ مِنْهُ بِسَنَتَيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ عَنْ عَلِيٍّ فِي ذِكْرِ الْخَوَارِجِ.
قَوْلُهُ: (مَعَ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ) هُوَ الْبَاهِلِيُّ يُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ، وَيُقَالُ لَهُ: سَلْمَانُ الْخَيْلِ لِخِبْرَتِهِ بِهَا، وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى بَعْضِ الْمَغَازِي فِي فُتُوحِ الْعِرَاقِ فِي عَهْدِ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ وَلِيَ قَضَاءُ الْكُوفَةِ، وَاسْتُشْهِدَ فِي خِلَافَتِهِ فِي فُتُوحِ الْعِرَاقِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ.
قَوْلُهُ: (وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ أَيْضًا الْعَبْدِيُّ، تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ مُخَضْرَمٌ أَيْضًا، وَزَعَمَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ أَنَّ لَهُ صُحْبَةً. وَرَوَى أَبُو يُعْلَى مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَنْ سَبَقَهُ بَعْضُ أَعْضَائِهِ إِلَى الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ، وَكَانَ قُدُومُ زَيْدٍ فِي عَهْدِ عُمَرَ وَشَهِدَ الْفُتُوحَ، وَرَوَى ابْنُ مَنْدَهْ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ قَالَ: سَاقَ النَّبِيُّ ﷺ لَيْلَةً فَقَالَ: زَيْدٌ زَيْدُ الْخَيْرِ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: رَجُلٌ تَسْبِقُهُ يَدُهُ إِلَى الْجَنَّةِ، فَقُطِعَتْ يَدُ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ فِي بَعْضِ الْفُتُوحِ، وَقُتِلَ مَعَ عَلِيِّ يَوْمَ الْجَمَلِ.
قَوْلُهُ (فِي غَزَاةٍ) زَادَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْعُذَيْبِ وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ مُصَغَّرٌ: مَوْضِعٌ، وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ شُعْبَةَ فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ غَزَاتِنَا حَجَجْتُ.
قَوْلُهُ: (مِائَةُ دِينَارٍ) اسْتُدِلَّ بِهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي تَفْرِقَتِهِ بَيْنَ قَلِيلِ اللُّقَطَةِ وَكَثِيرِهَا فَيُعَرَّفُ الْكَثِيرُ سَنَةً وَالْقَلِيلُ أَيَّامًا، وَحَدُّ الْقَلِيلِ عِنْدَهُ مَا لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ وَهُوَ مَا دُونُ الْعَشَرَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْخِلَافَ فِي مُدَّةِ التَّعْرِيفِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَالْخِلَافَ فِي الْقَدْرِ الْمُلْتَقَطِ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَتَيْتُهُ الرَّابِعَةَ فَقَالَ اعْرِفْ عِدَّتَهَا) هِيَ رَابِعَةٌ بِاعْتِبَارِ مَجِيئِهِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ