للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢٤٧٩ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ "أَنَّهَا كَانَتْ اتَّخَذَتْ عَلَى سَهْوَةٍ لَهَا سِتْرًا فِيهِ تَمَاثِيلُ فَهَتَكَهُ النَّبِيُّ ﷺ فَاتَّخَذَتْ مِنْهُ نُمْرُقَتَيْنِ فَكَانَتَا فِي الْبَيْتِ يَجْلِسُ عَلَيْهِمَا"

[الحديث ٢٤٧٩ - أطرافه في: ٥٩٥٤، ٥٩٥٥، ٦١٠٩]

قَوْلُهُ: (بَابُ هَلْ تُكْسَرُ الدِّنَانُ الَّتِي فِيهَا خَمْرٌ أَوْ تُحرَقُ الزِّقَاقُ؟) لَمْ يُبَيِّنِ الْحُكْمَ، لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهِ التَّفْصِيلُ؛ فَإِنْ كَانَتِ الْأَوْعِيَةُ بِحَيْثُ يُرَاقُ مَا فِيهَا وَإِذَا غُسِلَتْ طَهُرَتْ وَانْتُفِعَ بِهَا لَمْ يَجُزْ إِتْلَافُهَا، وَإِلَّا جَازَ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِكَسْرِ الدِّنَانِ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، اشْتَرَيْتُ خَمْرًا لِأَيْتَامٍ فِي حِجْرِي. قَالَ: أَهْرِقِ الْخَمْرَ وَكسِرِ الدِّنَانَ، وَأَشَارَ بِتَخْرِيقِ الزِّقَاقِ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَخَذَ النَّبِيُّ ﷺ شَفْرَةً وَخَرَجَ إِلَى السُّوقِ وَبِهَا زِقَاقُ خَمْرٍ جُلِبَتْ مِنَ الشَّامِ، فَشَقَّ بِهَا مَا كَانَ مِنْ تِلْكَ الزِّقَاقِ. فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إِلَى أَنَّ الْحَدِيثَيْنِ إِنْ ثَبَتَا فَإِنَّمَا أَمَرَ بِكَسْرِ الدِّنَانِ وَشَقِّ الزِّقَاقِ عُقُوبَةً لِأَصْحَابِهَا، وَإِلَّا فَالِانْتِفَاعُ بِهَا بَعْدَ تَطْهِيرِهَا مُمْكِنٌ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ سَلَمَةَ أَوَّلَ أَحَادِيثِ الْبَابِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَسَرَ صَنَمًا أَوْ صَلِيبًا أَوْ طُنْبُورًا أَوْ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِخَشَبِهِ)؛ أَيْ: هَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا؟ أَمَّا الصَّنَمُ وَالصَّلِيبُ فَمَعْرُوفَانِ؛ يُتَّخَذَانِ مِنْ خَشَبٍ وَمِنْ حَدِيدٍ وَمِنْ نُحَاسٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَأَمَّا الطُّنْبُورُ فَهُوَ بِضَمِّ الطَّاءِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ؛ آلَةٌ مِنْ آلَاتِ الْمَلَاهِي مَعْرُوفَةٌ، وَقَدْ تُفْتَحُ طَاؤُهُ. وَأَمَّا مَا لَا يُنْتَفَعُ بِخَشَبِهِ فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ خُصُوصٌ وَعُمُومٌ، وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: الْمَعْنَى أَوْ كَسَرَ شَيْئًا لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِخَشَبِهِ قَبْلَ الْكَسْرِ كَآلَةِ الْمَلَاهِي؛ يَعْنِي فَيَكُونُ مِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَوْ بِمَعْنَى حَتَّى؛ أَيْ كَسَرَ مَا ذُكِرَ إِلَى حَدٍّ لَا يُنْتَفَعُ بِخَشَبِهِ، أَوْ هُوَ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ كَسَرَ كَسْرًا لَا يُنْتَفَعُ به بَعْدَ الْكَسْرِ. قُلْتُ: وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُ هَذَا الْأَخِيرِ وَبُعْدُ الَّذِي قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: (وَأُتِيَ شُرَيْحٌ فِي طُنْبُورٍ كُسِرَ فَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِشَيْءٍ)؛ أَيْ لَمْ يُضَمِّنْ صَاحِبَهُ، وَقَدْ وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَصِينٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ بِلَفْظِ: إنَّ رَجُلًا كَسَرَ طُنْبُورًا لِرَجُلٍ، فَرَفَعَهُ إِلَى شُرَيْحٍ فَلَمْ يُضَمِّنْهُ شَيْئًا.

ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ؛ أَحَدُهَا: حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فِي غَسْلِ الْقُدُورِ الَّتِي طُبِخَتْ فِيهَا الْخَمْرُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَهُوَ يُسَاعِدُ مَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي التَّرْجَمَةِ مِنَ التَّفْصِيلِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: أَرَادَ التَّغْلِيظَ عَلَيْهِمْ فِي طَبْخِهِمْ مَا نُهِيَ عَنْ أَكْلِهِ، فَلَمَّا رَأَى إِذْعَانَهُمُ اقْتَصَرَ عَلَى غَسْلِ الْأَوَانِي، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ دِنَانَ الْخَمْرِ لَا سَبِيلَ إِلَى تَطْهِيرِهَا لِمَا يُدَاخِلُهَا مِنَ الْخَمْرِ، فَإِنَّ الَّذِي دَاخِلَ الْقُدُورِ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي طُبِخَتْ بِهِ الْخَمْرُ يُطَهِّرُهُ، وَقَدْ أَذِنَ ﷺ فِي غَسْلِهَا فَدَلَّ عَلَى إِمْكَانِ تَطْهِيرِهَا.

قَوْلُهُ: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ الْمُصَنِّفُ (كَانَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ)؛ يَعْنِي شَيْخَهُ إِسْمَاعِيلَ.

قَوْلُهُ: (الْأَنَسِيَّةُ بِنَصْبِ الْأَلِفِ وَالنُّونِ)؛ يَعْنِي أَنَّهَا نُسِبَتْ إِلَى الْأَنَسِ بِالْفَتْحِ ضِدُّ الْوَحْشَةِ، تَقُولُ: أَنَسْتُهُ أَنَسَةً وَأَنْسًا بِإِسْكَانِ النُّونِ وَفَتْحِهَا، وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَاتِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ نِسْبَةً إِلَى الْإِنْسِ؛ أَيْ بَنِي آدَمَ، لِأَنَّهَا تَأْلَفُهُمْ، وَهِيَ ضِدُّ الْوَحْشِيَّةِ.

(تَنْبِيهٌ): ثَبَتَ هَذَا التَّفْسِيرُ لِأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ، وَتَعْبِيرُهُ عَنِ الْهَمْزَةِ بِالْأَلِفِ وَعَنِ الْفَتْحِ بِالنَّصْبِ جَائِزٌ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَإِنْ كَانَ الِاصْطِلَاحُ أَخِيرًا قَدِ اسْتَقَرَّ عَلَى خِلَافِهِ فَلَا يُبَادَرُ إِلَى إِنْكَارِهِ.

ثَانِيهَا: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي طَعْنِ الْأَصْنَامِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ.

قَوْلُهُ: (يَطْعَنُهَا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَبِضَمِّهَا، قَالَ الطَّبَرِيُّ: فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ جَوَازُ كَسْرِ آلَاتِ الْبَاطِلِ وَمَا لَا يَصْلُحُ إِلَّا فِي الْمَعْصِيَةِ حَتَّى