حُمَيْدٍ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ وَيَوْمِهَا جَفْنَةً مَنْ حَيْسٍ. . . الْحَدِيثَ، وَاسْتَفَدْنَا مِنْهُ مَعْرِفَةَ الطَّعَامِ الْمَذْكُورِ. وَوَقَعَ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ مَعَ أُمِّ سَلَمَةَ؛ فَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا أَتَتْ بِطَعَامٍ فِي صَحْفَةٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ، فَجَاءَتْ عَائِشَةُ مُتَّزِرَةً بِكِسَاءٍ وَمَعَهَا فِهْرٌ، فَفَلَقَتْ بِهِ الصَّحْفَةَ. . . الْحَدِيثَ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى ثَابِتٍ، فَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ أَنَسٍ، وَرَجَّحَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ عَنْهُ رِوَايَةَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَقَالَ: إِنَّ غَيْرَهَا خَطَأٌ، فَفِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ إِذْ أُتِيَ بِصَحْفَةِ خُبْزٍ وَلَحْمٍ مِنْ بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَ: فَوَضَعْنَا أَيْدِيَنَا وَعَائِشَةُ تَصْنَعُ طَعَامًا عَجِلَةً، فَلَمَّا فَرَغْنَا جَاءَتْ بِهِ وَرَفَعَتْ صَحْفَةَ أُمِّ سَلَمَةَ فَكَسَرَتْهَا، الْحَدِيثَ.
وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِمْرَانَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ مَعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ يَنْتَظِرُونَ طَعَامًا، فَسَبَقَتْهَا - قَالَ عِمْرَانُ: أَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهَا حَفْصَةُ - بِصَحْفَةٍ فِيهَا ثَرِيدٌ فَوَضَعَتْهَا، فَخَرَجَتْ عَائِشَةُ - وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ - فَضَرَبَتْ بِهَا فَانْكَسَرَتِ. . . الْحَدِيثَ. وَلَمْ يُصِبْ عِمْرَانُ فِي ظَنِّهِ أَنَّهَا حَفْصَةُ؛ بَلْ هِيَ أُمُّ سَلَمَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، نَعَمْ وَقَعَتِ الْقِصَّةُ لِحَفْصَةَ أَيْضًا وَذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُوَاءَةَ غَيْرِ مُسَمًّى عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَ أَصْحَابِهِ، فَصَنَعْتُ لَهُ طَعَامًا، وَصَنَعَتْ لَهُ حَفْصَةُ طَعَامًا فَسَبَقَتْنِي، فَقُلْتُ لِلْجَارِيَةِ: انْطَلِقِي فَأَكْفِئِي قَصْعَتَهَا. فَأَكْفَأَتْهَا فَانْكَسَرَتْ وَانْتَشَرَ الطَّعَامُ، فَجَمَعَهُ عَلَى النِّطَعِ فَأَكَلُوا، ثُمَّ بَعَثَ بِقَصْعَتِي إِلَى حَفْصَةَ فَقَالَ: خُذُوا ظَرْفًا مَكَانَ ظَرْفِكُمْ. وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ، وَهِيَ قِصَّةٌ أُخْرَى بِلَا رَيْبٍ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ الْجَارِيَةَ هِيَ الَّتِي كَسَرَتِ الصَّحْفَةَ، وَفِي الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّ عَائِشَةَ نَفْسَهَا هِيَ الَّتِي كَسَرَتْهَا.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَسْرَةَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ صَانِعَةَ طَعَامٍ مِثْلَ صَفِيَّةَ، أَهَدَتْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ إِنَاءً فِيهِ طَعَامٌ، فَمَا مَلَكْتُ نَفْسِي أَنْ كَسَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَفَّارَتُهُ؟ قَالَ: إِنَاءٌ كَإِنَاءٍ وَطَعَامٌ كَطَعَامٍ. إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَلِأَحْمَدَ، وَأَبِي دَاوُدَ عَنْهَا: فَلَمَّا رَأَيْتُ الْجَارِيَةَ أَخَذَتْنِي رِعْدَةٌ. فَهَذِهِ قِصَّةٌ أُخْرَى أَيْضًا، وَتَحَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَنْ أُبْهِمَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ هِيَ زَيْنَبُ لِمَجِيءِ الْحَدِيثِ مِنْ مُخَرِّجِهِ وَهُوَ حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَقَصَصٌ أُخْرَى لَا يَلِيقُ بِمَنْ يُحَقِّقُ أَنْ يَقُولَ فِي مِثْلِ هَذَا: قِيلَ: الْمُرْسِلَةُ فُلَانَةٌ، وَقِيلَ: فُلَانَةٌ. . . إِلَخْ، مِنْ غَيْرِ تَحْرِيرٍ.
قَوْلُهُ: (بِقَصْعَةٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ: إِنَاءٌ مِنْ خَشَبٍ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُلَيَّةَ فِي النِّكَاحِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ: بِصَحْفَةٍ؛ وَهِيَ قَصْعَةٌ مَبْسُوطَةٌ، وَتَكُونُ مِنْ غَيْرِ الْخَشَبِ.
قَوْلُهُ: (فَضَرَبَتْ بِيَدِهَا فَكَسَرَتِ الْقَصْعَةَ) زَادَ أَحْمَدُ: نِصْفَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ: فَجَاءَتْ عَائِشَةُ وَمَعَهَا فِهْرٌ فَفَلَقَتْ بِهِ الصَّحْفَةَ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُلَيَّةَ: فَضَرَبَتِ الَّتِي فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ. وَالْفَلْقُ بِالسُّكُونِ الشَّقُّ، وَدَلَّتِ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَلَى أَنَّهَا انْشَقَّتْ ثُمَّ انْفَصَلَتْ.
قَوْلُهُ: (فَضَمَّهَا) فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُلَيَّةَ: فَجَمَعَ النَّبِيُّ ﷺ فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ: غَارَتْ أُمُّكُمْ. وَلِأَحْمَدَ: فَأَخَذَ الْكِسْرَتَيْنِ فَضَمَّ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى فَجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ، وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حُمَيْدٍ نَحْوَهُ، وَزَادَ: كُلُوا، فَأَكَلُوا.
قَوْلُهُ: (وَحَبَسَ الرَّسُولُ) زَادَ ابْنُ عُلَيَّةَ: حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا.
قَوْلُهُ: (فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةِ) زَادَ ابْنُ عُلَيَّةَ: إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ. زَادَ الثَّوْرِيُّ: وَقَالَ: إِنَاءٌ كَإِنَاءٍ، وَطَعَامٌ كَطَعَامٍ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ فِيمَنِ اسْتَهْلَكَ عُرُوضًا أَوْ حَيَوَانًا، فَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا اسْتَهْلَكَ. قَالُوا: وَلَا يُقْضَى بِالْقِيمَةِ إِلَّا عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute