للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النَّضْرُ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا قُوِّمَ عَلَيْهِ فَاسْتُسْعِيَ بِهِ) فِي رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنْ سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: ثُمَّ يُسْتَسْعَى فِي نَصِيبِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ الْحَدِيثَ. وَفِي رِوَايَةِ عَبْدَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ؛ كِلَاهُمَا عَنْ سَعِيدٍ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ ذَلِكَ الْعَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ وَاسْتُسْعِيَ فِي قِيمَتِهِ لِصَاحِبِهِ الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: (غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ) تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: مَعْنَاهُ لَا يُسْتَغْلَى عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: غَيْرَ مُكَاتَبٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا. وَفِي ثُبُوتِ الِاسْتِسْعَاءِ حُجَّةٌ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ حَيْثُ قَالَ: يُعْتَقُ نَصِيبُ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.

قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ حَجَّاجُ بْنُ حَجَّاجٍ، وَأَبَانُ، وَمُوسَى بْنُ خَلَفٍ، عَنْ قَتَادَةَ وَاخْتَصَرَهُ شُعْبَةُ) أَرَادَ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا الرَّدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الِاسْتِسْعَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَأَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ تَفَرَّدَ بِهِ، فَاسْتَظْهَرَ لَهُ بِرِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ بِمُوَافَقَتِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ ثَلَاثَةً تَابَعُوهُمَا عَلَى ذِكْرِهَا؛ فَأَمَّا رِوَايَةُ حَجَّاجٍ فَهُوَ فِي نُسْخَةِ حَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ، عَنْ قَتَادَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ حَفْصٍ أَحَدِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ حَجَّاجٍ وَفِيهَا ذِكْرُ السِّعَايَةِ، وَرَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ أَيْضًا حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ. وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبَانَ فَأَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ، وَلَفْظُهُ: فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ بَقِيَّتَهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ الْحَدِيثَ، وَلِأَبِي دَاوُدَ: فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَهُ كُلَّهُ وَالْبَاقِي سَوَاءٌ، وَأَمَّا رِوَايَةُ مُوسَى بْنِ خَلَفٍ فَوَصَلَهَا الْخَطِيبُ فِي كِتَابِ الْفَصْلِ وَالْوَصْلِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي ظَفَرٍ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ مُظْهِرٍ عَنْهُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ، وَلَفْظُهُ: مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَ لٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا رِوَايَةُ شُعْبَةَ فَأَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ عَنْهُ عَنْ قَتَادَةَ بِإِسْنَادِهِ، وَلَفْظِهِ: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْمَمْلُوكِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيُعْتِقُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، قَالَ: يَضْمَنُ، وَمِنْ طَرِيقِ مُعَاذٍ، عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ: مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ مَمْلُوكٍ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ مَالِهِ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ الطَّيَالِسِيِّ، عَنْ شُعْبَةَ، وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ رَوْحٍ، عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ: مَنْ أَعْتَقَ مَمْلُوكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ. وَقَدِ اخْتَصَرَ ذِكْرَ السِّعَايَةِ أَيْضًا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ إِلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ فِيهِ النَّضْرَ بْنَ أَنَسٍ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَذْكُرْهُ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ بِالْوَجْهَيْنِ، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ جَمِيعًا مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ: مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ عَتَقَ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَى هِشَامٍ فِي هَذَا الْقَدْرِ مِنَ الْمَتْنِ.

وَغَفَلَ عَبْدُ الْحَقِّ فَزَعَمَ أَنَّ هِشَامًا، وَشُعْبَةَ ذَكَرَا الِاسْتِسْعَاءَ فَوَصَلَاهُ، وَتَعَقَّبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ابْنُ الْمَوَّاقِ فَأَجَادَ، وَبَالَغَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فَقَالَ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الِاسْتِسْعَاءِ لَيْسَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ. وَنَقَلَ الْخَلَّالُ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ ضَعَّفَ رِوَايَةَ سَعِيدٍ فِي الِاسْتِسْعَاءِ، وَضَعَّفَهَا أَيْضًا الْأَثْرَمُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَاسْتَنَدَ إِلَى أَنَّ فَائِدَةَ الِاسْتِسْعَاءِ أَنْ لَا يَدْخُلَ الضَّرَرُ عَلَى الشَّرِيكِ، قَالَ: فَلَوْ كَانَ الِاسْتِسْعَاءُ مَشْرُوعًا لَلَزِمَ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهُ مَثَلًا كُلَّ شَهْرٍ دِرْهَمَيْنِ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ، وَفِي ذَلِكَ غَايَةُ الضَّرَرِ عَلَى الشَّرِيكِ اهـ، وَبِمِثْلِ هَذَا لَا تُرَدُّ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ، قَالَ النَّسَائِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ هَمَّامًا رَوَاهُ فَجَعَلَ هَذَا الْكَلَامَ - أَيِ الِاسْتِسْعَاءَ - مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ، وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ مُسْنَدًا، وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ عَلَى مَا رَوَاهُ هَمَّامٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْخَطَّابِيُّ: هَذَا الْكَلَامُ الْأَخِيرُ مِنْ فُتْيَا قَتَادَةَ لَيْسَ فِي الْمَتْنِ.

قُلْتُ: وَرِوَايَةُ هَمَّامٍ قَدْ أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْهُ عَنْ قَتَادَةَ، لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الِاسْتِسْعَاءَ أَصْلًا، وَلَفْظُهُ: أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ غُلَامٍ، فَأَجَازَ النَّبِيُّ ﷺ عِتْقَهُ وَغَرَّمَهُ بَقِيَّةَ ثَمَنِهِ. نَعَمْ، رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، عَنْ هَمَّامٍ فَذَكَرَ فِيهِ السِّعَايَةَ وَفَصَلَهَا مِنَ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ، أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ،