للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شَيْءٌ بَعَثَتْ بِهِ أُمُّ عَطِيَّةَ مِنْ الشَّاةِ الَّتِي بَعَثْتَ إِلَيْهَا مِنْ الصَّدَقَةِ، قَالَ: إِنَّه قَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا.

رَابِعُهُا: حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، وَقَدْ مَضَى مَا يَتَعَلَّقُ بِشِرَاءِ بَرِيرَةَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ قَرِيبًا، وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ قَوْلُهُ: هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ التَّحْرِيمَ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الصِّفَةِ لَا عَلَى الْعَيْنِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ: فَقِيلَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: هَذَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (بَابُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَهُوَ تَكْرَارٌ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ. وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى تَرْجَمَةِ قَبُولِ هَدِيَّةِ الصَّيْدِ مِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ. وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَفِيِّ بَابٌ مَنْ قَبِلَ الْهَدِيَّةَ وَذَكَرَ فِيهِ سِتَّةَ أَحَادِيثَ:

الْأَوَّلُ: حَدِيثُ عَائِشَةَ (كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ) وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: مَرْضَاتَ هُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الرِّضَا، وَقَوْلُهُ فِيهِ: (يَبْتَغُونَ) بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُعْجَمَةِ مِنَ الْبُغْيَةِ، وَرُوِيَ يَتَّبِعُونَ بِتَقْدِيمِ مُثَنَّاةٍ مُثَقَّلَةٍ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالْمُهْمَلَةِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

ثَانِيهَا: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ (أَهْدَتْ أُمُّ حُفَيْدٍ) وَهِيَ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ مُصَغَّرٌ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْأَطْعِمَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الضَّبِّ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: وَتَرَكَ الْأَضُبَّ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَلِغَيْرِهِ الضَّبَّ وَالْأَضُبُّ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ ضَبٍّ مِثْلُ أَكُفٍّ وَكَفٍّ، وقَوْلُهُ: (تَقَذُّرًا) بِالْقَافِ وَالْمُعْجَمَةِ، تَقُولُ قَذِرْتُ الشَّيْءَ وَتَقَذَّرْتُهُ إِذَا كَرِهْتَهُ.

وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ لَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ النَّبِيِّ ﷺ اسْتِدْلَالٌ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ التَّقْرِيرِ.

ثَالِثُهَا: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَبُولِهِ ﷺ الْهَدِيَّةَ وَرَدِّهِ الصَّدَقَةَ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ، زَادَ أَحْمَدُ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ: مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ.

قَوْلُهُ: (ضَرَبَ بِيَدِهِ) أَيْ شَرَعَ فِي الْأَكْلِ مُسْرِعًا، وَمِثْلُهُ ضَرَبَ فِي الْأَرْضِ إِذَا أَسْرَعَ السَّيْرَ فِيهَا.

وَوَقَعَ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ هُنَا: فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: هَذَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ؟ هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ. فَجَعَلَ السُّؤَالَ وَالْجَوَابَ مِنْ كَلَامِهِ ﷺ، وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ، وَهُوَ الثَّابِتُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَيْضًا.

خَامِسُهَا: حَدِيثُ أَنَسٍ فِي ذَلِكَ. قوله (عن أنس في رواية الإسماعيلي) من طريق معاذ عن شعبة عن قتادة سمع أنس بن مالك.

سَادِسُهَا: حَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي الشَّاةِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَأَنَّهَا بَلَغَتْ مَحِلَّهَا.

قَوْلُهُ فِيهِ: (الَّذِي بَعَثْ إِلَيْهَا) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِصِيغَةِ الْمُخَاطَبِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بُعِثَتْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ.

قَوْلُهُ: (إِنَّهُ قَدْ بَلَغَتْ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: إِنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ يَقَعُ عَلَى الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ، أَيْ: زَالَ عَنْهَا حُكْمُ الصَّدَقَةِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيَّ وَصَارَتْ لِي حَلَالًا.

(تَنْبِيهٌ): أُمُّ عَطِيَّةَ اسْمُهَا نُسَيْبَةُ بِنُونٍ وَمُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي أَوَاخِرِ الزَّكَاةِ، وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، نَسِيبَةُ بِفَتْحِ النُّونِ، وَمِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، نُسَيْبَةُ بِالتَّصْغِيرِ وَهُوَ الصَّوَابُ. ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الْحَذَّاءِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: بَعَثَتْ إِلَيَّ نُسَيْبَةُ الْأَنْصَارِيَّةُ بِشَاةٍ فَأَرْسَلْتُ إِلَى عَائِشَةَ مِنْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: لَا إِلَّا مَا أَرْسَلَتْ بِهِ نُسَيْبَةُ .. الْحَدِيثَ.

قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نُسَيْبَةَ غَيْرُ أُمِّ عَطِيَّةَ. قُلْتُ: سَبَبُ ذَلِكَ تَحْرِيفٌ وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ فِي قَوْلِهِ: بَعَثَ، وَالصَّوَابُ بُعِثَتْ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَفِيهِ نَوْعُ التَّجْرِيدِ لِأَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ أَخْبَرَتْ عَنْ نَفْسِهَا بِمَا يُوهِمُ أَنَّ الَّذِي تُخْبِرُ عَنْهُ غَيْرُهَا.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ لِأَنَّهَا أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَلِأَنَّ أَخْذَ الصَّدَقَةِ مَنْزِلَةُ ضَعَةٍ، وَالْأَنْبِيَاءُ مُنَزَّهُونَ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ﷺ كَانَ كَمَا وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى﴾ وَالصَّدَقَةُ لَا تَحِلُّ لِلْأَغْنِيَاءِ. وَهَذَا بِخِلَافِ الْهَدِيَّةِ فَإِنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِالْإِثَابَةِ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ