للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَقَوْلِهِ: مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ.

قَوْلُهُ: (الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ) أَيِ الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ إِلَى الْمَوْهُوبِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا﴾

قَوْلُهُ: (كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ) هَذَا التَّمْثِيلُ وَقَعَ فِي طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَيْضًا عِنْدَ مُسْلِمٍ، أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ عَنْهُ بِلَفْظِ مَثَلُ الَّذِي يَرْجِعُ فِي صَدَقَتِهِ كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ فَيَأْكُلُهُ، وَلَهُ فِي رِوَايَةِ بُكَيْرٍ الْمَذْكُورَةِ إِنَّمَا مَثَلُ الَّذِي يَتَصَدَّقُ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ يَعُودُ فِي صَدَقَتِهِ كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَأْكُلُ قَيْئَهُ. الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ عُمَرَ:

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالزَّايِ وَالْمُهْمَلَةِ، مَكِّيٌّ قَدِيمٌ، لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ غَيْرُ الْبُخَارِيِّ.

قَوْلُهُ: (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) سَيَأْتِي فِي آخِرِ حَدِيثٍ فِي الْهِبَةِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ فَقَالَ: سَمِعْتُ أَبِي فَذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا، وَلِمَالِكٍ فِيهِ إِسْنَادٌ آخَرُ سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَهُ فِيهِ إِسْنَادٌ ثَالِثٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْأَحْنَفِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.

قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ) زَادَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهِيَ فِي الْمُوَطَّآتِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ.

قَوْلُهُ: (حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ) زَادَ الْقَعْنَبِيُّ فِي الْمُوَطَّأِ عَتِيقٍ وَالْعَتِيقُ الْكَرِيمُ الْفَائِقُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهَذَا الْفَرَسُ أَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ بِسَنَدِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي تَسْمِيَةِ خَيْلِ النَّبِيِّ قَالَ: وَأَهْدَى تَمِيمٌ الدَّارِيُّ لَهُ فَرَسًا يُقَالُ لَهُ الْوَرْدُ فَأَعْطَاهُ عُمَرَ فَحَمَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَجَدَهُ يُبَاعُ .. الْحَدِيثَ، فَعُرِفَ بِهَذَا تَسْمِيَتُهُ وَأَصْلُهُ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ وَسَاقَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْتَخْرَجِهِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ رَجُلًا لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ عُمَرَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ فَوَّضَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ اخْتِيَارَ مَنْ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ أَوِ اسْتَشَارَهُ فِيمَنْ يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ، فَأَشَارَ بِهِ عَلَيْهِ، فَنُسِبَتْ إِلَيْهِ الْعَطِيَّةُ لِكَوْنِهِ أَمْرَهُ بِهَا.

قَوْلُهُ: (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَيْهِ حَمْلَ تَمْلِيكٍ لِيُجَاهِدَ بِهِ، إِذْ لَوْ كَانَ حَمْلَ تَحْبِيسٍ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، وَقِيلَ بَلَغَ إِلَى حَالَةٍ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيمَا حُبِسَ فِيهِ، وَهُوَ مُفْتَقِرٌ إِلَى ثُبُوتِ ذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ قَوْلُهُ: الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ وَلَوْ كَانَ حَبْسًا لَقَالَ فِي حَبْسِهِ أَوْ وَقْفِهِ. وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِسَبِيلِ اللَّهِ الْجِهَادُ لَا الْوَقْفُ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ أَجَازَ بَيْعَ الْمَوْقُوفِ إِذَا بَلَغَ غَايَةً لَا يُتَصَوَّرُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيمَا وُقِفَ لَهُ.

قَوْلُهُ: (فَأَضَاعَهُ) أَيْ لَمْ يُحْسِنِ الْقِيَامَ عَلَيْهِ وَقَصَّرَ فِي مؤنَتِهِ وَخِدْمَتِهِ، وَقِيلَ أَيْ لَمْ يَعْرِفْ مِقْدَارَهُ فَأَرَادَ بَيْعَهُ بِدُونِ قِيمَتِهِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِ مَا جُعِلَ لَهُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَوَجَدَهُ قَدْ أَضَاعَهُ وَكَانَ قَلِيلَ الْمَالِ فَأَشَارَ إِلَى عِلَّةِ ذَلِكَ وَإِلَى الْعُذْرِ الْمَذْكُورِ فِي إِرَادَةِ بَيْعِهِ.

قَوْلُهُ: (لَا تَشْتَرِهِ) سَمَّى الشِّرَاءَ عَوْدًا فِي الصَّدَقَةِ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِالْمُسَامَحَةِ مِنَ الْبَائِعِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي، فَأَطْلَقَ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي يُسَامِحُ بِهِ رُجُوعًا وَأَشَارَ إِلَى الرُّخْصِ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ قَدْ مَلَكَهُ وَلَوْ كَانَ مُحْبَسًا كَمَا ادَّعَاهُ مَنْ تَقَدَّمُ ذِكْرُهُ وَجَازَ بَيْعُهُ لِكَوْنِهِ صَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيمَا حُبِسَ لَهُ لِمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ إِلَّا بِالْقِيمَةِ الْوَافِرَةِ، وَلَا كَانَ لَهُ أَنْ يُسَامِحَ مِنْهَا بِشَيْءٍ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُحْبِسَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدِ اسْتَشْكَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَقَالَ: إِذَا كَانَ شَرْطُ الْوَاقِفِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي وَقْفِ عُمَرَ لَا يُبَاعُ أَصْلُهُ وَلَا يُوهَبُ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ الْفَرَسُ الْمَوْهُوبُ؟ وَكَيْفَ لَا يَنْهَى بَائِعَهُ أَوْ يَمْنَعَ مِنْ بَيْعِهِ؟ قَالَ: فَلَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنَّ عُمَرَ جَعَلَهُ صَدَقَةً يُعْطِيهَا مَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ إِعْطَاءَهُ فَأَعْطَاهَا النَّبِيُّ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ فَجَرَى مِنْهُ مَا ذَكَرَ وَيُسْتَفَادُ مِنَ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ مَثَلًا يُبَاعُ بِأَغْلَى مِنْ ثَمَنِهِ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ النَّهْيُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ إِلَخْ) حَمَلَ الْجُمْهُورُ هَذَا النَّهْيَ