للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْبَاطِلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (وَكِتْمَانُ الشَّهَادَةِ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ، أَيْ وَمَا قِيلَ فِي كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ بِالْحَقِّ مِنَ الْوَعِيدِ.

قَوْلُهُ: (ولِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿عَلِيمٌ﴾ وَالْمُرَادُ مِنْهَا قَوْلُهُ: ﴿فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾

قَوْلُهُ: (تَلْوُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِالشَّهَادَةِ) هُوَ تَفْسِيرُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا﴾ أَيْ تَلْوُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِالشَّهَادَةِ أَوْ تُعْرِضُوا عَنْهَا، وَمِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: تَلْوِي لِسَانَكَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَهِيَ اللَّجْلَجَةُ فَلَا تُقِيمُ الشَّهَادَةَ عَلَى وَجْهِهَا، وَالْإِعْرَاضُ عَنْهَا التَّرْكُ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ مِنْ طُرُقٍ حَاصِلُهَا أَنَّهُ فَسَّرَ اللَّيَّ بِالتَّحْرِيفِ، وَالْإِعْرَاضَ بِالتَّرْكِ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِنَظْمِ كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ مَعَ شَهَادَةِ الزُّورِ إِلَى هَذَا الْأَثَرِ، وَإِلَى أَنَّ تَحْرِيمَ شَهَادَةِ الزُّورِ لِكَوْنِهَا سَبَبًا لِإِبْطَالِ الْحَقِّ، فَكِتْمَانُ الشَّهَادَةِ أَيْضًا سَبَبٌ لِإِبْطَالِ الْحَقِّ، وَإِلَى الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ - فَذَكَرَ أَشْيَاءَ ثُمَّ قَالَ - وَظُهُورَ شَهَادَةِ الزُّورِ، وَكِتْمَانَ شَهَادَةِ الْحَقِّ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَيْنِ أحدهما:

قَوْلُهُ: (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ) فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْآتِيَةِ فِي الْأَدَبِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ.

قَوْلُهُ: (سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ عَنِ الْكَبَائِرِ) زَادَ بَهْزٌ، عَنْ شُعْبَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ أَوْ ذَكَرَهَا وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ذَكَرَ الْكَبَائِرَ أَوْ سُئِلَ عَنْهَا وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَبَائِرِ أَكْبَرُهَا كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ الَّذِي يَلِيهِ، وَكَذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ عَنْ شُعْبَةَ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ، وَلَيْسَ الْقَصْدُ حَصْرَ الْكَبَائِرِ فِيمَا ذَكَرَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي تَعْرِيفِهَا، وَالْإِشَارَةُ إِلَى تَعْيِينِهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ وَهُوَ فِي آخِرِ كِتَابِ الْوَصَايَا.

قَوْلُهُ: (وَشَهَادَةُ الزُّورِ) فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَوْلُ الزُّورِ أَوْ قَالَ شَهَادَةُ الزُّورِ قَالَ شُعْبَةُ: وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ قَالَ: شَهَادَةُ الزُّورِ.

قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ غُنْدَرٌ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَذْكُورُ.

قَوْلُهُ: (وَأَبُو عَامِرٍ، وَبَهْزٌ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ) أَمَّا رِوَايَةُ أَبِي عَامِرٍ وَهُوَ الْعَقْدِيُ فَوَصَلَهَا أَبُو سَعِيدٍ النَّقَّاشُ فِي كِتَابِ الشُّهُودِ، وَابْنُ مَنْدَهْ فِي كِتَابِ الْأيمَانِ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ الْحَدِيثَ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الدِّيَاتِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ.

وَأَمَّا رِوَايَةُ بَهْزٍ وَهُوَ ابْنُ أَسَدٍ الْمَذْكُورِ فَأَخْرَجَهَا أَحْمَدُ عَنْهُ. وأَمَّا رِوَايَةُ عَبْدِ الصَّمَدِ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ فَوَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الدِّيَاتِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ) فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَقَدْ عَلَّقَهَا الْمُصَنِّفُ آخِرَ الْبَابِ.

قَوْلُهُ: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ) هَذَا يُقَوِّي - إِنْ كَانَ الْمَجْلِسُ مُتَّحِدًا - أَحَدَ الْوَجْهَيْنِ مِمَّا شَكَّ فِيهِ شُعْبَةُ: هَلْ قَالَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً أَوْ لَمَّا سُئِلَ؟ وَقَدْ نَظَمَ كُل مِنَ الْعُقُوقِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ بِالشِّرْكِ فِي آيَتَيْنِ. إِحْدَاهُمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ ثَانِيهِمَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾

قَوْلُهُ: (ثَلَاثًا) أَيْ قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَكَرَّرَهُ تَأْكِيدًا لِيَنْتَبِهَ السَّامِعُ عَلَى إِحْضَارِ فَهْمِهِ، وَوَهَمَ مَنْ قَالَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ عَدَدُ الْكَبَائِرِ، وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ فِي الْعِلْمِ مَنْ أَعَادَ الْحَدِيثَ ثَلَاثًا لِيُفْهَمَ عَنْهُ وَذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْلِيقًا.

قَوْلُهُ: (الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ) يَحْتَمِلُ مُطْلَقَ الْكُفْرِ وَيَكُونُ تَخْصِيصُهُ بِالذِّكْرِ لِغَلَبَتِهِ فِي الْوُجُودِ، وَلَا سِيَّمَا فِي بِلَادِ الْعَرَبِ، فَذَكَرَهُ تَنْبِيهًا عَلَى غَيْرِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ