للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قُلْتُ: وَكَذَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْغَرَائِبِ مِنْ طَرِيقِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ، وَأَخْرَجَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى) أَيِ ابْنِ عَلِيٍّ الْكَاتِبُ.

قَوْلُهُ: (فَدَعَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ، الْفَدَعُ بِفَتْحَتَيْنِ زَوَالُ الْمِفْصَلِ، فُدِعَتْ يَدَاهُ إِذَا أُزِيلَتَا مِنْ مَفَاصِلِهِمَا. وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْفَدَعُ عِوَجٌ فِي الْمَفَاصِلِ، وَفِي خَلْقِ الْإِنْسَانِ الثَّابِتِ إِذَا زَاغَتِ الْقَدَمُ مِنْ أَصْلِهَا مِنَ الْكَعْبِ وَطَرَفِ السَّاقِ فَهُوَ الْفَدَعُ، وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: هُوَ زَيْغٌ فِي الْكَفِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّاعِدِ وَفِي الرِّجْلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّاقِ، هَذَا الَّذِي فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ وَعَلَيْهَا شَرْحُ الْخَطَّابِيِّ وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ السَّكَنِ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ فَدَغَ وَجَزَمَ بِهِ الْكَرْمَانِيُّ، وَهُوَ وَهَمٌ لِأَنَّ الْفَدَغَ بِالْمُعْجَمَةِ كَسْرُ الشَّيْءِ الْمُجَوَّفِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ لِابْنِ عُمَرَ فِي الْقِصَّةِ.

قَوْلُهُ: (فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: كَأَنَّ الْيَهُودَ سَحَرُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَالْتَوَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ، كَذَا قَالَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونُوا ضَرَبُوهُ وَيُؤَيِّدُهُ تَقْيِيدُهُ بِاللَّيْلِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ الَّتِي عَلَّقَ الْمُصَنِّفُ إِسْنَادَهَا آخِرَ الْبَابِ بِلَفْظِ: فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ عُمَرَ غَشُّوا الْمُسْلِمِينَ وَأَلْقَوُا ابْنَ عُمَرَ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ فَفَدَعُوا يَدَيْهِ الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: (تُهَمَتُنَا) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَيَجُوزُ إِسْكَانُهَا، أَيِ الَّذِينَ نَتَّهِمُهُمْ بِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ رَأَيْتُ إِجْلَاءَهُمْ، فَلَمَّا أَجْمَعَ) أَيْ عَزَمَ، وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ: أَجْمَعَ عَلَى كَذَا أَيْ جَمَعَ أَمْرَهُ جَمِيعًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مُفَرَّقًا، وَهَذَا لَا يَقْتَضِي حَصْرَ السَّبَبِ فِي إِجْلَاءِ عُمَرَ إِيَّاهُمْ، وَقَدْ وَقَعَ لِي فِيهِ سَبَبَانِ آخَرَانِ: أَحَدُهُمَا: رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: مَا زَالَ عُمَرُ حَتَّى وَجَدَ الثَّبْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجْتَمِعُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ فَقَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ عَهْدٌ فَلْيَأْتِ بِهِ أَنْفُذُهُ لَهُ، وَإِلَّا فَإِنِّي مُجْلِيكُمْ. فَأَجَلَاهُمْ. أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ. ثَانِيهِمَا: رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ قَالَ: لَمَّا كَثُرَ الْعِيَالُ - أَيِ الْخَدَمُ - فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ، وَقَوُوا عَلَى الْعَمَلِ فِي الْأَرْضِ أَجَلَاهُمْ عُمَرُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ جُزْءَ عِلَّةٍ فِي إِخْرَاجِهِمْ. وَالْإِجْلَاءُ الْإِخْرَاجُ عَنِ الْمَالِ وَالْوَطَنِ عَلَى وَجْهِ الْإِزْعَاجِ وَالْكَرَاهَةِ.

قَوْلُهُ: (أَحَدُ بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ) بِمُهْمَلَةٍ وَقَافَيْنِ مُصَغَّرٌ، وَهُوَ رَأْسُ يَهُودِ خَيْبَرَ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبَرْقَانِيِّ فَقَالَ رَئِيسُهُمْ: لَا تُخْرِجْنَا وَابْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ الْآخَرُ هُوَ الَّذِي زَوَّجَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقُتِلَ بِخَيْبَرَ وَبَقِيَ أَخُوهُ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ.

قَوْلُهُ: (تَعْدُو بِكَ قَلُوصُكَ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ: النَّاقَةُ الصَّابِرَةُ عَلَى السَّيْرِ وَقِيلَ الشَّابَّةُ وَقِيلَ أَوَّلُ مَا يُرْكَبُ مِنْ إِنَاثِ الْإِبِلِ وَقِيلَ الطَّوِيلَةُ الْقَوَائِمِ، وَأَشَارَ إِلَى إِخْرَاجِهِمْ مِنْ خَيْبَرَ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ إِخْبَارِهِ بِالْمُغَيَّبَاتِ قَبْلَ وُقُوعِهَا.

قَوْلُهُ: (كَانَ ذَلِكَ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ كَانَتْ هَذِهِ.

قَوْلُهُ: (هُزَيْلَةٌ) تَصْغِيرُ الْهَزْلِ وَهُوَ ضِدُّ الْجَدِّ.

قَوْلُهُ: (مَالًا) تَمْيِيزٌ لِلْقِيمَةِ، وَعَطْفُ الْإِبِلِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْعُرُوضُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْمَالِ النَّقْدُ خَاصَّةً وَالْعُرُوضُ مَا عَدَا النَّقْدَ، وَقِيلَ مَا لَا يَدْخُلُهُ الْكَيْلُ وَلَا يَكُونُ حَيَوَانًا وَلَا عَقَارًا.

قَوْلُهُ: (رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ) بِالتَّصْغِيرِ هُوَ الْعُمَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (أَحْسَبُهُ عَنْ نَافِعٍ) أَيْ أَنَّ حَمَّادًا شَكَّ فِي وَصْلِهِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو يَعْلَى فِي رِوَايَتِهِ الْآتِيَةِ، وَزَعَمَ الْكَرْمَانِيُّ أَنَّ فِي قَوْلِهِ عَنِ النَّبِيِّ قَرِينَةً تَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَمَّادًا اقْتَصَرَ فِي رِوَايَتِهِ عَلَى مَا نَسَبَهُ إِلَى النَّبِيِّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ دُونَ مَا نُسِبَ إِلَى عُمَرَ. قُلْتُ: وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ اخْتَصَرَ مِنَ الْمَرْفُوعِ دُونَ الْمَوْقُوفِ، وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَقَدْ رُوِّينَاهُ فِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى وَفَوَائِدِ الْبَغَوِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَلَفْظُهُ قَالَ عُمَرُ: مَنْ كَانَ لَهُ سَهْمٌ بِخَيْبَرَ فَلْيَحْضُرْ حَتَّى نَقْسِمَهَا، فَقَالَ رَئِيسُهُمْ: