للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتْ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ - وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ - فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ. قَالَ: يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى.

[الحديث ٢٨٠٩ - أطرافه في: ٣٩٨٢، ٦٥٥٠، ٦٥٦٧]

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ أَتَاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ) بِتَنْوِينِ سَهْمٍ وَبِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) جَزَمَ الْكَلَابَاذِيُّ وَتَبِعَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ الذُّهْلِيُّ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، نَسَبَهُ الْبُخَارِيُّ إِلَى جَدِّهِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمُخَرَّمِيُّ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ ابْنُ السَّكَنِ نَسَبَهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَمَا قَالَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي التَّوْحِيدِ مِنْ صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمَرْوَزِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ) كَذَا لِجَمِيعِ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْأَوَّلُ وَهْمٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ آخِرِهِمْ الدِّمْيَاطِيُّ فَقَالَ: قَوْلُهُ أُمُّ الرُّبَيِّعِ بِنْتُ الْبَرَاءِ وَهْمٌ، وَإِنَّمَا هِيَ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ النَّضْرِ عَمَّةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ ضَمْضَمِ بْنِ عَمْرٍو، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ قَتْلِ أَخِيهَا أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ وَذَكَرَهَا فِي آخِرِ حَدِيثِهِ قَرِيبًا وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَدِيٍّ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، ومُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُمَا فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ رَمَاهُ حِبَّانُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ ثَقِيلَةٌ ابْنُ الْعَرِقَةِ - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا قَافٌ - وَهُوَ عَلَى حَوْضٍ فَأَصَابَ نَحْرَهُ فَمَاتَ.

قُلْتُ: وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ الْبَرَاءِ بِحَذْفِ أُمِّ فَهَذَا أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ، لَكِنْ لَيْسَ فِي نَسَبِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ النَّضْرِ أَحَدٌ اسْمُهُ الْبَرَاءُ فَلَعَلَّهُ كَانَ فِيهِ الرُّبَيِّعُ عَمَّةُ الْبَرَاءِ فَإِنَّ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ أَخُو أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَكُلٌّ مِنْهُمَا ابْنُ أَخِيهَا أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ، وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ فَقَالَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ النَّضْرِ أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ وَكَانَ ابْنُهَا حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ أُصِيبَ يَوْمَ بَدْرٍ الْحَدِيثَ.

وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ انْطَلَقَ حَارِثَةُ ابْنُ عَمَّتِي فَجَاءَتْ عَمَّتِي أُمُّهُ وَحَكَى أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ أَنَّ الْحَكَمَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ رَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ كَذَلِكَ وَقَالَ: حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ الَّذِي وَقَعَ فِي كُتُبِ النَّسَبِ وَالْمَغَازِي وَأَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ أَنَّ أُمَّ حَارِثَةَ هِيَ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ النَّضْرِ عَمَّةُ أَنَسٍ، وَأَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّهُ لَا وَهْمَ لِلْبُخَارِيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ إِلَّا الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِ أَنَسٍ: أَنَّ أُمَّ حَارِثَةَ بْنَ سُرَاقَةَ)، قَالَ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي رِوَايَةِ الْفَرَبْرِيِّ حَاشِيَةٌ لِبَعْضِ الرُّوَاةِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَأُلْحِقَتْ بِالْمَتْنِ انْتَهَى.

وَقَدْ رَاجَعْتُ أَصْلَ النَّسَفِيِّ مِنْ نُسْخَةِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فَوَجَدْتُهَا مُوَافِقَةً لِرِوَايَةِ الْفَرَبْرِيِّ فَالنُّسْخَةُ الَّتِي وَقَعَتْ لِلْكِرْمَانِيِّ نَاقِصَةٌ وَادِّعَاءُ الزِّيَادَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْكِتَابِ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ أُمٍّ وَبِنْتٍ وَهْمٌ كَمَا تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ قَرِيبًا، وَالْخَطْبُ فِيهِ سَهْلٌ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَلَا فِي ضَبْطِ رُوَاتِهِ.

وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ الَّتِي ضَبَطَ فِيهَا اسْمَ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ النَّضْرِ وَهْمٌ فِي اسْمِ ابْنِهَا فَسَمَّاهُ الْحَارِثَ بَدَلَ حَارِثَةَ. وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبَانٌ، عَنْ قَتَادَةَ فَقَالَ: إنَّ أُمَّ حَارِثَةَ لَمْ تَرِدْ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ،