للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ قَاتَل لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا) أَيْ فَضْلُهُ، أَوِ الْجَوَابُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عَمْرٍو) هُوَ ابْنُ مُرَّةَ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى) فِي رِوَايَةِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ فِي فَرْضِ الْخُمُسِ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، حَدَّثَنَا أَبو مُوسَى.

قَوْلُهُ: (جَاءَ رَجُلٌ) فِي رِوَايَةِ غُنْدَرٍ الْمَذْكُورَةِ قَالَ أَعْرَابِيٌّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وَهْمِ مَا وَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرَهُ، فَإِنَّ أَبَا مُوسَى وَإِنْ جَازَ أَنْ يُبْهِمَ نَفْسَهُ لَكِنْ لَا يَصِفَهَا بِكَوْنِهِ أَعْرَابِيًّا، وَهَذَا الْأَعْرَابِيُّ يَصْلُحُ أَنْ يُفَسَّرَ بِلَاحِقِ بْنِ ضُمَيْرَةَ، وَحَدِيثُهُ عِنْدَ أَبِي مُوسَى الْمَدِينِيِّ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ عُفَيْرِ بْنِ مَعْدَانَ سَمِعْتُ لَاحِقَ بْنَ ضُمَيْرَةَ الْبَاهِلِيَّ قَالَ: وَفَدْتُ عَلَى النَّبِيِّ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ فَقَالَ: لَا شَيْءَ لَهُ الْحَدِيثَ، وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَرُوِينَا فِي فَوَائِدِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْحَدِيدِ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ بَنِي سَلَمَةَ يُقَاتِلُ فَمِنْهُمْ مَنْ يُقَاتِلُ رِيَاءً. . . الْحَدِيثَ فَلَوْ صَحَّ لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مُعَاذٌ أَيْضًا سَأَلَ عَمَّا سَأَلَ عَنْهُ الْأَعْرَابِيُّ، لِأَنَّ سُؤَالَ مُعَاذٍ خَاصٌّ وَسُؤَالُ الْأَعْرَابِيِّ عَامٌّ، وَمُعَاذٌ أَيْضًا لَا يُقَالُ لَهُ أَعْرَابِيٌّ فَيُحْمَلُ عَلَى التَّعَدُّدِ.

قَوْلُهُ: (الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ) فِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ الْمَاضِيَةِ فِي الْعِلْمِ فَقَالَ مَا الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ.

قَوْلُهُ: (وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ) أَيْ لِيُذْكَرَ بَيْنَ النَّاسِ وَيَشْتَهِرَ بِالشَّجَاعَةِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ الْآتِيَةِ فِي التَّوْحِيدِ حَيْثُ قَالَ وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً.

قَوْلُهُ: (وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيَرَى مَكَانَهُ) فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ وَيُقَاتِلُ رِيَاءً فَمَرْجِعُ الَّذِي قَبْلَهُ إِلَى السُّمْعَةِ وَمَرْجِعُ هَذَا إِلَى الرِّيَاءِ وَكِلَاهُمَا مَذْمُومٌ، وَزَادَ فِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ، وَالْأَعْمَشِ وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً أَيْ لِمَنْ يُقَاتِلُ لِأَجْلِهِ مِنْ أَهْلٍ أَوْ عَشِيرَةٍ أَوْ صَاحِبٍ، وَزَادَ فِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ وَيُقَاتِلُ غَضَبًا أَيْ لِأَجْلِ حَظِّ نَفْسِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَسَّرَ الْقِتَالُ لِلَّحْمِيَّةِ بِدَفْعِ الْمَضَرَّةِ، وَالْقِتَالُ غَضَبًا بِجَلْبِ الْمَنْفَعَةِ، فَالْحَاصِلُ مِنْ رِوَايَاتِهِمْ أَنَّ الْقِتَالَ يَقَعُ بِسَبَبِ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: طَلَبِ الْمَغْنَمِ، وَإِظْهَارِ الشَّجَاعَةِ، وَالرِّيَاءِ، وَالْحَمِيَّةِ، وَالْغَضَبِ، وَكُلٌّ مِنْهَا يَتَنَاوَلُهُ الْمَدْحُ وَالذَّمُّ، فَلِهَذَا لَمْ يَحْصُلِ الْجَوَابُ بِالْإِثْبَاتِ وَلَا بِالنَّفْيِ.

قَوْلُهُ: (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) الْمُرَادُ بِكَلِمَةِ اللَّهِ دَعْوَةُ اللَّهِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ كَانَ سَبَبُ قِتَالِهِ طَلَبَ إِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ فَقَطْ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ إِلَى ذَلِكَ سَبَبًا مِنَ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ أَخَلَّ بِذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُخِلَّ إِذَا حَصَلَ ضِمْنًا لَا أَصْلًا وَمَقْصُودًا وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الطَّبَرِيُّ فَقَالَ: إِذَا كَانَ أَصْلُ الْبَاعِثِ هُوَ الْأَوَّلُ لَا يَضُرُّهُ مَا عَرَضَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُورُ، لَكِنْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَا لَهُ؟ قَالَ لَا شَيْءَ لَهُ، فَأَعَادَهَا ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا شَيْءَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى مَنْ قَصَدَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ فَلَا يُخَالِفُ الْمُرَجَّحَ أَوَّلًا، فَتَصِيرُ الْمَرَاتِبُ خَمْسًا: أَنْ يَقْصِدَ الشَّيْئَيْنِ مَعًا، أَوْ يَقْصِدَ أَحَدَهُمَا صِرْفًا أَوْ يَقْصِدَ أَحَدَهُمَا وَيَحْصُلُ الْآخَرُ ضِمْنًا، فَالْمَحْذُورُ أَنْ يَقْصِدَ غَيْرَ الْإِعْلَاءِ، فَقَدْ يَحْصُلُ الْإِعْلَاءُ ضِمْنًا، وَقَدْ لَا يَحْصُلُ وَيَدْخُلُ تَحْتَهُ مَرْتَبَتَانِ، وَهَذَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى، وَدُونَهُ أَنْ يَقْصِدَهُمَا مَعًا فَهُوَ مَحْذُورٌ أَيْضًا عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ