٢٩٢٠ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ ﵁، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرَ شَكَوَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يَعْنِي الْقَمْلَ فَأَرْخَصَ لَهُمَا فِي الْحَرِيرِ فَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا فِي غَزَاةٍ.
٢٩٢١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ قَالَ: رَخَّصَ النَّبِيُّ ﷺ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي حَرِيرٍ.
٢٩٢٢ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَخَّصَ أَوْ رُخِّصَ لَهُمَا لِحِكَّةٍ بِهِمَا.
قَوْلُهُ: (بَابُ الْحَرِيرِ فِي الْحَرْبِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي الرُّخْصَةِ لِلزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي قَمِيصِ الْحَرِيرِ، ذَكَرَهُ مِنْ خَمْسَةِ طُرُقٍ، فَفِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا وَكَذَا قَالَ شُعْبَةُ فِي أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ يَعْنِي الْقَمْلَ، وَرَجَّحَ ابْنُ التِّينِ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِيهَا الْحِكَّةُ وَقَالَ: لَعَلَّ أَحَدَ الرُّوَاةِ تَأَوَّلَهَا فَأَخْطَأَ، وَجَمَعَ الدَّاوُدِيُّ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ إِحْدَى الْعِلَّتَيْنِ بِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَدْ وَرَدَ أَنَّهُ أَرْخَصَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَالْإِفْرَادُ يَقْتَضِي أَنَّ لِكُلٍّ حِكْمَةً.
قُلْتُ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَأَنَّ الْحِكَّةَ حَصَلَتْ مِنَ الْقَمْلِ فَنُسِبَتِ الْعِلَّةُ تَارَةً إِلَى السَّبَبِ وَتَارَةً إِلَى سَبَبِ السَّبَبِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ غُنْدَرٍ رَخَّصَ أَوْ أَرْخَصَ كَذَا بِالشَّكِّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ غُنْدَرٍ بِلَفْظِ: رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَكَذَا قَالَ وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ، وَأَمَّا تَقْيِيدُهُ بِالْحَرْبِ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ: فَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا فِي غَزَاةٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ فِي السَّفَرِ مِنْ حِكَّةٍ، وَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ فِي اللِّبَاسِ مَا يُرَخَّصُ لِلرِّجَالِ مِنَ الْحَرِيرِ لِلْحِكَّةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْحَرْبِ، فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْحَرْبَ فِي التَّرْجَمَةِ بِالْجِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ؛ لِأَنَّهَا لَا يَبْقَى لَهَا فِي أَبْوَابِ الْجِهَادِ مُنَاسَبَةٌ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ إِعَادَةُ التَّرْجَمَةِ فِي اللِّبَاسِ، إِذِ الْحِكَّةُ وَالْجَرَبُ مُتَقَارِبَانِ. وَجَعَلَ الطَّبَرِيُّ جَوَازَهُ فِي الْغزْوِ مُسْتَنْبَطًا مِنْ جَوَازِهِ لِلْحِكَّةِ فَقَالَ: دَلَّتِ الرُّخْصَةُ فِي لُبْسِهِ بِسَبَبِ الْحِكَّةِ أَنَّ مَنْ قَصَدَ بِلُبْسِهِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ أَذَى الْحِكَّةِ كَدَفْعِ سِلَاحِ الْعَدُوِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَقَدْ تَبِعَ التِّرْمِذِيُّ، الْبُخَارِيَّ فَتَرْجَمَ لَهُ.
بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ فِي الْحَرْبِ ثُمَّ الْمَشْهُورُ عَنِ الْقَائِلِينَ بِالْجَوَازِ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالسَّفَرِ، وَعَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ يَخْتَصُّ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ مَنَعَ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْخُصُوصِيَّةَ بِالزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَا تَصِحُّ تِلْكَ الدَّعْوَى.
قُلْتُ: قَدْ جَنَحَ إِلَى ذَلِكَ عُمَرُ ﵁، فَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَوْفٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: أَنَّ عُمَرَ رَأَى عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَمِيصَ حَرِيرٍ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَذَكَرَ لَهُ خَالِدٌ قِصَّةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ: وَأَنْتَ مِثْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ أَوْ لَكَ مِثْلُ مَا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ ثُمَّ أَمَرَ مَنْ حَضَرَهُ فَمَزَّقُوهُ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا. وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي لِبَاسِهِ فَمَنَعَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ مُطْلَقًا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ بِالْجَوَازِ لِلضَّرُورَةِ، وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْحَرْبِ، وَقَالَ الْمُهَلَّبُ: لِبَاسُهُ فِي الْحَرْبِ لِإِرْهَابِ الْعَدُوِّ وَهُوَ مِثْلُ الرُّخْصَةِ فِي الِاخْتِيَالِ فِي الْحَرْبِ انْتَهَى. وَوَقَعَ فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِلْحِكَّةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْبُرُودَةِ، وَتُعُقِّبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute