عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ ﵁، - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ - قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُرِيدُ غَزْوَةً إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا.
٢٩٤٨ - حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ ﵁ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَلَّمَا يُرِيدُ غَزْوَةً يَغْزُوهَا إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ فَغَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَاسْتَقْبَلَ غَزْوَ عَدُوٍّ كَثِيرٍ، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ، وَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ.
٢٩٤٩ - وَعَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ ﵁ كَانَ يَقُولُ: لَقَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَخْرُجُ إِذَا خَرَجَ فِي سَفَرٍ إِلَّا يَوْمَ الْخَمِيسِ.
٢٩٥٠ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ أَرَادَ غَزْوَةً فَوَرَّى بِغَيْرِهَا، وَمَنْ أَحَبَّ الْخُرُوجَ إِلَى السَّفَرِ يَوْمَ الْخَمِيسِ) أَمَّا الْجُمْلَةُ الْأُولَى فَمَعْنَى وَرَّى سَتَرَ وَتُسْتَعْمَلُ فِي إِظْهَارِ شَيْءٍ مَعَ إِرَادَةِ غَيْرِهِ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْوَرْيِ بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ وَهُوَ مَا يُجْعَلُ وَرَاءَ الْإِنْسَانِ لِأَنَّ مَنْ وَرَّى بِشَيْءٍ كَأَنَّهُ جَعَلَهُ وَرَاءَهُ، وَقِيلَ: هُوَ فِي الْحَرْبِ أَخْذُ الْعَدُوِّ عَلَى غِرَّةٍ، وَقَيَّدَهُ السِّيرَافِيُّ فِي شَرْحِ سِيبَوَيْهِ بِالْهَمْزَةِ قَالَ: وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ لَمْ يَضْبُطُوا فِيهِ الْهَمْزَةَ وَكَأَنَّهُمْ سَهَّلُوهَا.
وَأَمَّا الْخُرُوجُ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَلَعَلَّ سَبَبَهُ مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ: بُورِكَ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ نُبَيْطٍ، بِنُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرٌ، ابْنِ شَرِيطٍ، بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ أَوَّلَهُ. وَكَوْنُهُ ﷺ كَانَ يُحِبُّ الْخُرُوجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْمُوَاظَبَةَ عَلَيْهِ لِقِيَامِ مَانِعٍ مِنْهُ، وَسَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ أَنَّهُ خَرَجَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ يَوْمَ السَّبْتِ. ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ أَطْرَافًا مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الطَّوِيلِ فِي قِصَّةِ غَزْوَةِ تَبُوكَ ظَاهِرَةً فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ، وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُتَيْبَةَ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا سَافَرَ أَحَبَّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ. وَقَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ: وَعَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الطَّرِيقَ الثَّانِيَةَ مُعَلَّقَةٌ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ بِالْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا بِالْوَجْهَيْنِ. نَعَمْ تَوَقَّفَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ مِنْ جَدِّهِ، وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ رِوَايَةَ الزُّهْرِيِّ لِلْجُمْلَةِ الْأُولَى هِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَرِوَايَتُهُ لِلْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِيَوْمِ الْخَمِيسِ هِيَ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْب بْنِ مَالِكٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute