للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النُّبُوَّةِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ: لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُنْفِقَتْ كُنُوزُهُمَا فِي الْمَغَانِمِ.

ثَالِثُهَا: حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مِثْلُهُ، وَإِسْحَاقُ هُوَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ، وَجَرِيرٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ هُوَ ابْنُ عُمَيْرٍ. وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَرَ إِسْحَاقَ هَذَا مَنْسُوبًا لِأَحَدٍ مِنَ الرُّوَاةِ، لَكِنْ وَجَدْنَاهُ بَعْدَهُ فِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ بِهَذَا السِّيَاقِ، فَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ الْمُرَادُ.

خَامِسُهَا: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَائِلِ الْجِهَادِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ فِي آخِرِهِ: مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ.

سَادِسُهَا: حَدِيثُهُ فِي قِصَّةِ النَّبِيِّ الَّذِي غَزَا الْقَرْيَةَ.

قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ) كَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ، لَكِنْ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَوْ غَيْرِهِ وَهَذَا الشَّكُّ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنْ أَبِي يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَحْدَهُ بِهِ.

قَوْلُهُ: (غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ) أَيْ: أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ، وَهَذَا النَّبِيُّ هُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَبَيَّنَ تَسْمِيَةَ الْقَرْيَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ وَرَدَ أَصْلُهُ مِنْ طَرِيقٍ مَرْفُوعَةٍ صَحِيحَةٍ، أَخْرَجَهَا أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ لِبَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ بْنِ نُونٍ لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَغْرَبَ ابْنُ بَطَّالٍ فَقَالَ فِي بَابِ اسْتِئْذَانِ الرَّجُلِ الْإِمَامَ: فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثٌ لِدَاوُدَ أَنَّهُ قَالَ فِي غَزْوَةٍ خَرَجَ إِلَيْهَا: لَا يَتْبَعُنِي مَنْ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَلَمْ يَبْنِ بِهَا، أَوْ بَنَى دَارًا وَلَمْ يَسْكُنْهَا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مُسْنَدًا، لَكِنْ أَخْرَجَ الْخَطِيبُ فِي ذَمِّ النُّجُومِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حذَيْفَةَ، وَالْبُخَارِيُّ فِي الْمُبْتَدَأِ لَهُ بِإِسْنَادٍ لَهُ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: سَأَلَ قَوْمٌ يُوشَعَ مِنْهُ أَنْ يُطْلِعَهُمْ عَلَى بَدْءِ الْخَلْقِ وَآجَالِهِمْ، فَأَرَاهُمْ ذَلِكَ فِي مَاءٍ مِنْ غَمَامَةٍ أَمْطَرَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَعْلَمُ مَتَى يَمُوتُ، فَبَقُوا عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ قَاتَلَهُمْ دَاوُدُ عَلَى الْكُفْرِ، فَأَخْرَجُوا إِلَى دَاوُدَ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ، فَكَانَ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ دَاوُدَ وَلَا يُقْتَلُ مِنْهُمْ، فَشَكَى إِلَى اللَّهِ وَدَعَاهُ فَحُبِسَتْ عَلَيْهِمُ الشَّمْسُ، فَزِيدَ فِي النَّهَارِ، فَاخْتَلَطَتِ الزِّيَادَةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَاخْتَلَطَ عَلَيْهِمْ حِسَابُهُمْ، قُلْتُ: وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ عِنْدَ أَحْمَدَ أَوْلَى؛ فَإِنَّ رِجَالَ إِسْنَادِهِ مُحْتَجٌّ بِهِمْ فِي الصَّحِيحِ، فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَمْ تُحْبَسْ إِلَّا لِيُوشَعَ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمُبْتَدَأِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا أَمَرَ مُوسَى بِالْمَسِيرِ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ، أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ تَابُوتَ يُوسُفَ، فَلَمْ يُدَلَّ عَلَيْهِ حَتَّى كَادَ الْفَجْرُ أَنْ يَطْلُعَ، وَكَانَ وَعَدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَسِيرَ بِهِمْ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، فَدَعَا رَبَّهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الطُّلُوعَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ أَمْرِ يُوسُفَ فَفَعَلَ؛ لِأَنَّ الْحَصْرَ إِنَّمَا وَقَعَ فِي حَقِّ يُوشَعَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ، فَلَا يَنْفِي أَنْ يُحْبَسَ طُلُوعُ الْفَجْرِ لِغَيْرِهِ، وَقَدِ اشْتَهَرَ حَبْسُ الشَّمْسِ لِيُوشَعَ حَتَّى قَالَ أَبُو تَمَّامٍ فِي قَصِيدَةٍ:

فَوَاللَّهِ لَا أَدْرِي أَأَحْلَامُ نَائِمٍ … أَلَمَّتْ بِنَا أَمْ كَانَ فِي الرَّكْبِ يُوشَعُ

وَلَا يُعَارِضُهُ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ فِي زِيَادَاتِهِ فِي مَغَازِي ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ النَّبِيَّ لَمَّا أَخْبَرَ قُرَيْشًا صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ أَنَّهُ رَأَى الْعِيرَ الَّتِي لَهُمْ وَأَنَّهَا تَقْدَمُ مَعَ شُرُوقِ الشَّمْسِ، فَدَعَا اللَّهَ فَحُبِسَتِ الشَّمْسُ حَتَّى دَخَلَتِ الْعِيرُ وَهَذَا مُنْقَطِعٌ، لَكِنْ وَقَعَ فِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَ الشَّمْسَ فَتَأَخَّرَتْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّ الْحَصْرَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا مَضَى لِلْأَنْبِيَاءِ قَبْلَ نَبِيِّنَا ، فَلَمْ تُحْبَسِ الشَّمْسُ إِلَّا لِيُوشَعَ، وَلَيْسَ فِيهِ نَفْيُ أَنَّهَا تُحْبَسُ بَعْدَ ذَلِكَ لِنَبِيِّنَا . وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ