للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْطَى مِنَ الْخُمُسِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَعْطَاهُمْ مِنْ جَمِيعِ الْغَنِيمَةِ لِكَوْنِهِمْ وَصَلُوا قَبْلَ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ وَبَعْدَ حَوْزِهَا، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ. وَهَذَا الِاحْتِمَالُ يَتَرَجَّحُ بِقَوْلِهِ أَسْهَمَ لَهُمْ لِأَنَّ الَّذِي يُعْطَى مِنَ الْخُمُسِ لَا يُقَالُ فِي حَقِّهِ أَسْهَمَ لَهُ إِلَّا تَجَوُّزًا، وَلِأَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ يَقْتَضِي الِافْتِخَارَ وَيَسْتَدْعِي الِاخْتِصَاصَ بِمَا لَمْ يَقَعْ لِغَيْرِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

السَّادِسُ حَدِيثُ جَابِرٍ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ، وَسُفْيَانُ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ.

قَوْلُهُ: (لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ) سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي أَوَّلِ بَابِ الْجِزْيَةِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَأَنَّهُ مِنَ الْجِزْيَةِ، لَكِنْ فِيهِ فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الَّذِي وَعَدَ بِهِ النَّبِيُّ جَابِرًا كَانَ بَعْدَ السَّنَةِ الَّتِي قَدِمَ فِيهَا أَبُو عُبَيْدَةَ بِالْمَالِ، وَظَهَرَ بِذَلِكَ جِهَةُ الْمَالِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّهُ مِنَ الْجِزْيَةِ، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ قَوْلِ ابْنِ بَطَّالٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْخُمُسِ أَوْ مِنَ الْفَيْءِ.

قَوْلُهُ: (أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِلَالًا.

قَوْلُهُ: (فَحَثَى لِي) بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مَرَّةً) الْقَائِلُ هُوَ سُفْيَانُ بِهَذَا السَّنَدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي الْهِبَةِ بِالسَّنَدِ الْأَوَّلِ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ إِلَى آخِرِهَا، وَتَقَدَّمَتِ الزِّيَادَةُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ إِلَى قَوْلِهِ خُذْ مِثْلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (قَالَ سُفْيَانُ) هُوَ مُتَّصِلٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ، وَعَمْرٌو هُوَ ابْنُ دِينَارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَيْ ابْنُ الْحُسَيْنِ بْنُ عَلِيٍّ. وَظَهَرَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ فَحَثَى لِي ثَلَاثًا لَكِنَّ قَوْلَهُ فَحَثَى لِي حَثْيَةً مَعَ قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَجَعَلَ سُفْيَانُ يَحْثُو بِكَفَّيْهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَثْيَةَ مَا يُؤْخَذُ بِالْيَدَيْنِ جَمِيعًا، وَالَّذِي قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّ الْحَثْيَةَ مَا يَمْلَأُ الْكَفَّ، وَالْحَفْنَةُ مَا يَمْلَأُ الْكَفَّيْنِ. نَعَمْ ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ أَنَّ الْحَثْيَةَ وَالْحَفْنَةَ بِمَعْنًى وَهَذَا الْحَدِيثُ شَاهِدٌ لِذَلِكَ. وَقَوْلُهُ حَثْيَةً مِنْ حَثَى يَحْثِي، وَيَجُوزُ حَثْوَةً مِنْ حَثَا يَحْثُو وَهُمَا لُغَتَانِ، وَقَوْلُهُ تَبْخَلُ عَنِّي أَيْ مِنْ جِهَتِي.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ يَعْنِي ابْنَ الْمُنْكَدِرِ) الَّذِي قَالَ وَقَالَ هُوَ سُفْيَانُ الَّذِي قَالَ يَعْنِي هُوَ عَلِيُّ ابْنُ الْمَدِينِيِّ

قَوْلُهُ: (وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ) قَالَ عِيَاضٌ: كَذَا وَقَعَ أَدْوَى غَيْرَ مَهْمُوزٍ، مِنْ دَوَى إِذَا كَانَ بِهِ مَرَضٌ فِي جَوْفِهِ، وَالصَّوَابُ أَدْوَأُ بِالْهَمْزِ لِأَنَّهُ مِنَ الدَّاءِ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُمْ سَهَّلُوا الْهَمْزَةَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ فِي حَدِيثِهِ فَظَهَرَ بِذَلِكَ اتِّصَالُهُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بِخِلَافِ رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ فَإِنَّهَا تُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ أَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْكَفَالَةِ تَوْجِيهُ وَفَاءِ أَبِي بَكْرٍ لِعِدَاتِ النَّبِيِّ ، وَكَذَا فِي كِتَابِ الْهِبَةِ، وَأَنَّ وَعْدَهُ لَا يَجُوزُ إِخْلَافُهُ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الضَّمَانِ فِي الصِّحَّةِ، وَقِيلَ: إِنَّمَا فَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ عَلَى سَبِيلِ التَّطَوُّعِ، وَلَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ ذَلِكَ، وَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَنْ أُمِرَ بِإِنْجَازِ الْوَعْدِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ أَوْلَى، وَأَنَّ جَابِرًا لَمْ يَدَّعِ أَنَّ لَهُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ النَّبِيِّ فَلَمْ يُطَالِبْهُ أَبُو بَكْرٍ بِبَيِّنَةٍ وَوَفَّى ذَلِكَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ الْمَوْكُولِ الْأَمْرِ فِيهِ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، وَعَلَى ذَلِكَ يَحُومُ الْمُصَنِّفُ وَبِهِ تَرْجَمَ، وَإِنَّمَا أَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ إِعْطَاءَ جَابِرٍ حَتَّى قَالَ لَهُ مَا قَالَ إِمَّا لِأَمْرٍ أَهَمَّ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ خَشْيَةَ أَنْ يَحْمِلَهُ ذَلِكَ عَلَى الْحِرْصِ عَلَى الطَّلَبِ، أَوْ لِئَلَّا يَكْثُرَ الطَّالِبُونَ لِمِثْلِ ذَلِكَ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الْمَنْعَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلِهَذَا قَالَ مَا مِنْ مَرَّةٍ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ وَسَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ الْجِزْيَةِ بَيَانُ

الْخِلَافِ فِي مَصْرِفِهَا، وَظَاهِرُ إِيرَادِ الْبُخَارِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ هُنَا أَنَّ مَصْرِفَهَا عِنْدَهُ مَصْرِفُ الْخُمُسِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَدِيثُ السَّابِعُ قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا قُرَّةُ) بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ ثُمَّ هَاءٍ، وَفِي الْإِسْنَادِ بَصْرِيَّانِ هُوَ وَالرَّاوِي عَنْهُ، وَحِجَازِيَّانِ شَيْخُهُ وَالضَّحَّاكُ، وَقَدْ خَالَفَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، مُسْلِمَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ فِيهِ فَقَالَ: عَنْ قُرَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ بَدَلَ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَسِيَاقُهُ أَتَمُّ ; وَرِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ