للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النَّبِيَّ لَمْ يَغْدِرْ بِاسْتِحْلَالِ الْقِتَالِ بِمَكَّةَ، بَلْ كَانَ بِإِحْلَالِ اللَّهِ لَهُ سَاعَةً، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا جَازَ لَهُ. قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَقَعَ مِنْ سَبَبِ الْفَتْحِ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ غَدْرُ قُرَيْشٍ بِخُزَاعَةَ حُلَفَاءِ النَّبِيِّ لَمَّا تَحَارَبُوا مَعَ بَنِي بَكْرٍ حُلَفَاءِ قُرَيْشٍ، فَأَمَدَّتْ قُرَيْشٌ بَنِي بَكْرٍ وَأَعَانُوهُمْ عَلَى خُزَاعَةَ وَبَيَّتُوهُمْ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ جَمَاعَةً، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ شَاعِرُهُمْ يُخَاطِبُ النَّبِيَّ :

إِنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا … وَنَقَضُوا مِيثَاقَكَ الْمُؤَكَّدَا

وَسَيَأْتِي شَرْحُ ذَلِكَ فِي الْمَغَازِي مُفَصَّلًا، فَكَانَ عَاقِبَةُ نَقْضِ قُرَيْشٍ الْعَهْدَ بِمَا فَعَلُوهُ أَنْ غَزَاهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى فَتَحُوا مَكَّةَ وَاضْطَرُّوا إِلَى طَلَبِ الْأَمَانِ وَصَارُوا بَعْدَ الْعِزِّ وَالْقُوَّةِ فِي غَايَةِ الْوَهَنِ إِلَى أَنْ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ وَأَكْثَرُهُمْ لِذَلِكَ كَارِهٌ، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ بِالْبَرِّ إِلَى الْمُسْلِمِينَ وَبِالْفَاجِرِ إِلَى خُزَاعَةَ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَهَمْ إِذْ ذَاكَ لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ بَعْدُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(خَاتِمَةٌ):

اشْتَمَلَتْ أَحَادِيثُ فَرْضِ الْخُمُسِ وَالْجِزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ - وَهِيَ فِي التَّحْقِيقِ بَقَايَا الْجِهَادِ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهَا زِيَادَةً فِي الْإِيضَاحِ، كَمَا أُفْرِدَتِ الْعُمْرَةُ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ - مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى مِائَةٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ حَدِيثًا، الْمُعَلَّقُ مِنْهَا سَبْعَةَ عَشَرَ طَرِيقًا وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ، الْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهَا وَفِيمَا مَضَى سَبْعَةٌ وَسِتُّونَ حَدِيثًا وَالْبَقِيَّةُ خَالِصَةٌ، وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى حَدِيثِ أَنَسٍ فِي صِفَةِ نَقْشِ الْخَاتَمِ، وَحَدِيثِهِ فِي النَّعْلَيْنِ، وَحَدِيثِهِ فِي الْقَدَحِ، وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: مَا أُعْطِيكُمْ وَلَا أَمْنَعُكُمْ، وَحَدِيثِ خَوْلَةَ: إِنَّ رِجَالًا يَخُوضُونَ، وَحَدِيثِ تَرِكَةِ الزُّبَيْرِ، وَحَدِيثِ سُؤَالِ هَوَازِنَ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَحَدِيثِ إِعْطَاءِ جَابِرٍ مِنْ تَمْرِ خَيْبَرَ، وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: لَمْ يَعْتَمِرْ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ، وَحَدِيثِهِ: كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَسَلَ فَهَذِهِ فِي الْخُمُسِ، وَحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي الْمَجُوسِ، وَحَدِيثِ عُمَرَ فِيهِ، وَحَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو: مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا، وَحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ فِيمَنْ سَحَرَ، وَحَدِيثِ عَوْفٍ فِي الْمَلَاحِمِ، وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا لَمْ تَجْتَبُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا؟ وَفِيهَا مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ عِشْرُونَ أَثَرًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.