للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لِلْعَبْدِ فِي الْجَنَّةِ لَخَيْمَةٌ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ طُولُهَا سِتُّونَ مِيلًا.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَا أُعِدَّ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ سَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ السَّجْدَةِ.

الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالسَّابِعُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ مِنْ طَرِيقٍ ثَالِثَةٍ سَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضَهُ فِي صِفَةِ آدَمَ مِنْ وَجْهٍ رَابِعٍ.

قَوْلُهُ: (أَوَّلُ زُمْرَةٍ) أَيْ جَمَاعَةٍ.

قَوْلُهُ: (صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ) أَيْ فِي الْإِضَاءَةِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الرِّقَاقِ بِلَفْظِ: يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ هُنَا: وَالَّذِينَ عَلَى أَثَرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى ثُمَّ هُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنَازِلُ.

قَوْلُهُ: (لَا يَبْصُقُونَ فِيهَا وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ) زَادَ فِي صِفَةِ آدَمَ وَلَا يَبُولُونَ وَلَا يَتْفُلُونَ، وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: لَا يَسْقَمُونَ، وَقَدِ اشْتَمَلَ ذَلِكَ عَلَى نَفْيِ جَمِيعِ صِفَاتِ النَّقْصِ عَنْهُمْ. وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: يَأْكُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَيَشْرَبُونَ ولا يبولون وَلَا يَتَغَوَّطُونَ طَعَامَهُمْ، ذَلِكَ جُشَاءٌ كَرِيحِ الْمِسْكِ وَكَأَنَّهُ مُخْتَصَرٌ مِمَّا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ تَزْعُمُ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيُعْطَى قُوَّةَ مِائَةِ رَجُلٍ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ، قَالَ: الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ تَكُونُ لَهُ الْحَاجَةُ وَلَيْسَ فِي الْجَنَّةِ أَذًى، قَالَ: تَكُونُ حَاجَةُ أَحَدِهِمْ رَشْحًا يَفِيضُ مِنْ جُلُودِهِمْ كَرَشْحِ الْمِسْكِ، وَسَمَّى الطَّبَرَانِيُّ فِي رِوَايَتِهِ هَذَا السَّائِلَ ثَعْلَبَةَ بْنَ الْحَارِثِ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَمَّا كَانَتْ أَغْذِيَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي غَايَةِ اللَّطَافَةِ وَالِاعْتِدَالِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَذًى وَلَا فَضْلَةً تُسْتَقْذَرُ، بَلْ يَتَوَلَّدُ عَنْ تِلْكَ الْأَغْذِيَةِ أَطْيَبُ رِيحٍ وَأَحْسَنُهُ.

قَوْلُهُ: (آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ) زَادَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: وَالْفِضَّةُ، وَقَالَ فِي الْأَمْشَاطِ عَكْسَ ذَلِكَ، وَكَأَنَّهُ اكْتَفَى فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِذِكْرِ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الصِّنْفَانِ لِكُلٍّ مِنْهُمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ لِبَعْضِهِمْ وَالْآخَرُ لِلْبَعْضِ الْآخَرِ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا أنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ دَرَجَةً لَمَنْ يَقُومُ عَلَى رَأْسِهِ عَشَرَةُ آلَافِ خَادِمٍ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ صَحْفَتَانِ وَاحِدَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَالْأُخْرَى مِنْ فِضَّةٍ، الْحَدِيثَ.

(تَنْبِيهٌ):

الْمُشْطُ بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ وَالْأَفْصَحُ ضَمُّهَا.

قَوْلُهُ: (وَمَجَامِرُهُمُ الْأَلُوَّةُ) الْأَلُوَّةُ الْعُودُ الَّذِي يُبَخَّرُ بِهِ، قِيلَ: جُعِلَتْ مَجَامِرُهُمْ نَفْسُ الْعُودِ، لَكِنْ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَوَقُودُ مَجَامِرِهِمُ الْأَلُوَّةُ فَعَلَى هَذَا فِي رِوَايَةِ الْبَابِ تَجَوُّزٌ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الصَّغَانِيِّ بَعْدَ قَوْلِهِ الْأَلُوَّةُ قَالَ أَبُو الْيَمَانِ يَعْنِي الْعُودَ وَالْمَجَامِرُ جَمْعُ مِجْمَرَةٍ وَهِيَ الْمِبْخَرَةُ سُمِّيَتْ مِجْمَرَةً لِأَنَّهَا يُوضَعُ فِيهَا الْجَمْرُ لِيَفُوحَ بِهِ مَا يُوضَعُ فِيهَا مِنَ الْبَخُورِ، وَالْأَلُوَّةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا وَبِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ، وَحَكَى ابْنُ التِّينِ كَسْرَ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفَ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةُ أَصْلِيَّةٌ وَقِيلَ زَائِدَةٌ، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ أَرَاهَا فَارِسِيَّةً عُرِّبَتْ.

وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ رَائِحَةَ الْعُودِ إِنَّمَا تَفُوحُ بِوَضْعِهِ فِي النَّارِ، وَالْجَنَّةُ لَا نَارَ فِيهَا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ: يُنْظَرُ هَلْ فِي الْجَنَّةِ نَارٌ؟ وَيُجَابُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَشْتَعِلَ بِغَيْرِ نَارٍ بَلْ بِقَوْلِهِ: كُنْ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ مِجْمَرَةً بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ فِي الْأَصْلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَشْتَعِلَ بِنَارٍ لَا ضَرَرَ فِيهَا وَلَا إِحْرَاقَ، أَوْ يَفُوحُ بِغَيْرِ اشْتِعَالٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا إِنَّ الرَّجُلَ فِي الْجَنَّةِ لَيَشْتَهِي الطَّيْرَ فَيَخِرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ مَشْوِيًّا وَفِيهِ الِاحْتِمَالَاتُ الْمَذْكُورَةُ، وَقَدْ ذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالْأَرْبَعِينَ مِنْ حَادِي الْأَرْوَاحِ، وَزَادَ فِي الطَّيْرِ أَوْ يُشْوَى خَارِجَ الْجَنَّةِ أَوْ بِأَسْبَابٍ قُدِّرَتْ لِإِنْضَاجِهِ وَلَا تَتَعَيَّنُ النَّارُ، قَالَ: وَقَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ﴾، ﴿أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا﴾ وَهِيَ لَا شَمْسَ فِيهَا، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قَدْ يُقَالُ أَيُّ حَاجَةٍ لَهُمْ إِلَى الْمُشْطِ وَهُمْ مُرْدٌ