مَشْهُورَيْنِ سَيَأْتِي بَيَانُهُمَا فِي التَّفْسِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَيُقْذَفُونَ: يُرْمَوْنَ، دُحُورًا: مَطْرُودِينَ) يُرِيدُ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورًا﴾ الْآيَةَ، وَقَدْ وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ كَذَلِكَ، وَهَذِهِ صِفَةُ مَنْ يَسْتَرِقُ السَّمْعَ مِنَ الشَّيَاطِينِ، وَسَيَأْتِي بيانه فِي التَّفْسِيرِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَدْحُورًا: مَطْرُودًا) يُرِيدُ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا﴾ وَقَدْ وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ هُنَا؛ اسْتِطْرَادًا لِذِكْرِهِ: دُحُورًا قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ.
قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ مَرِيدًا مُتَمَرِّدًا) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَانًا مَرِيدًا﴾ أَيْ مُتَمَرِّدًا.
قَوْلُهُ: (بَتَكَهُ قَطَعَهُ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ﴾ أَيْ لَيَقْطَعُنَّ، يُقَالُ بَتَكَهُ قَطَعَهُ.
قَوْلُهُ: (وَاسْتَفْزِزْ: اسْتَخِفَّ بِخَيْلِكَ الْفُرْسَانَ، وَالرَّجْلُ الرَّجَّالَةُ وَاحِدُهَا رَاجِلٌ مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ وَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ) هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (لَأَحْتَنِكَنَّ: لَأَسْتَأْصِلَنَّ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلا﴾ يَقُولُ: لَأَسْتَمِيلَنَّهُمْ وَلَأَسْتَأْصِلَنَّهُمْ يُقَالُ: احْتَنَكَ فُلَانٌ مَا عِنْدَ فُلَانٍ إِذَا أَخَذَ جَمِيعَ مَا عِنْدَهُ.
قَوْلُهُ: (قَرِينٌ: شَيْطَانٌ) رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ﴾ قَالَ: شَيْطَانٌ، وَعَنْ غَيْرِ مُجَاهِدٍ خِلَافُهُ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالسُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ﴾ قَالَ شَيَاطِينَ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ حَدِيثًا:
الْأَوَّلُ: حَدِيثُ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُحِرَ النَّبِيُّ ﷺ الْحَدِيثَ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الطِّبِّ، وَوَجْهُ إِيرَادِهِ هُنَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ السِّحْرَ إِنَّمَا يَتِمُّ بِاسْتِعَانَةِ الشَّيَاطِينِ عَلَى ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي إِيضَاحُ ذَلِكَ هُنَاكَ، وَقَدْ أَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ الشُّرَّاحِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ اللَّيْثُ: كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ إِلَخْ) رُوِّينَاهُ مَوْصُولًا فِي نُسْخَةِ عِيسَى بْنِ حَمَّادٍ رِوَايَةَ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي عَقْدِ الشَّيْطَانِ عَلَى رَأْسِ النَّائِمِ، تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَأَخُو إِسْمَاعِيلَ هُوَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَوَهِمَ مَنْ سَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي بَوْلِ الشَّيْطَانِ فِي أُذُنِ النَّائِمِ عَنِ الصَّلَاةِ، تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ أَيْضًا.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي النَّدْبِ إِلَى التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْجِمَاعِ، يَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الصَّلَاةِ، وَالْقَائِلُ: لَا أَدْرِي أَيُّ ذَلِكَ قَالَ هِشَامٌ هُوَ عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّاوِي عَنْهُ، وَقَوْلُهُ: حَاجِبَ الشَّمْسِ هُوَ طَرَفُ قُرْصِهَا الَّذِي يَبْدُوَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيَبْقَى عِنْدَ الْغُرُوبِ، وَقَرْنَا الشَّيْطَانِ جَانِبَا رَأْسِهِ، يُقَالُ: إِنَّهُ يَنْتَصِبُ فِي مُحَاذَاةِ مَطْلَعِ الشَّمْسِ حَتَّى إِذَا طَلَعَتْ كَانَتْ بَيْنَ جَانِبَيْ رَأْسِهِ لِتَقَعَ السَّجْدَةُ لَهُ إِذَا سَجَدَ عَبَدَةُ الشَّمْسِ لَهَا، وَكَذَا عِنْدَ غُرُوبِهَا، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ يُشَاهِدُ الشَّمْسَ عِنْدَ طُلُوعِهَا، فَلَوْ شَاهَدَ الشَّيْطَانَ لَرَآهُ مُنْتَصِبًا عِنْدَهَا. وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ رَدَّ عَلَى أَهْلِ الْهَيْئَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الشَّمْسَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، وَالشَّيَاطِينَ قَدْ مُنِعُوا مِنْ وُلُوجِ السَّمَاءِ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَالْحَقُّ أَنَّ الشَّمْسَ فِي الْفَلَكِ الرَّابِعِ، وَالسَّمَاوَاتُ السَّبْعُ عِنْدَ أَهْلِ الشَّرْعِ غَيْرُ الْأَفْلَاكِ خِلَافًا لِأَهْلِ الْهَيْئَةِ. وَمُحَمَّدٌ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ هُوَ ابْنُ سَلَامٍ ثَبْتَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ السَّكَنِ، وَبِهِ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَالْجَيَّانِيُّ.
السَّادِسُ: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي الْإِذْنِ بِقَتْلِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الصَّلَاةِ.
السَّابِعُ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ.
الثَّامِنُ: حَدِيثُ يَأْتِي الشَّيْطَانُ.
قَوْلُهُ: (مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ) أَيْ عَنْ الِاسْتِرْسَالِ مَعَهُ فِي ذَلِكَ، بَلْ يَلْجَأُ إِلَى اللَّهِ فِي دَفْعِهِ، وَيَعْلَمُ