للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْمٌ أَنَّ الْأَمْرَ بِغَلْقِ الْأَبْوَابِ عَامٌّ فِي الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مُقَيَّدٌ بِاللَّيْلِ ; وَكَأَنَّ اخْتِصَاصَ اللَّيْلِ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّهَارَ غَالِبًا مَحَلُّ التَّيَقُّظِ بِخِلَافِ اللَّيْلِ، وَالْأَصْلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يَسُوقُ الْفَأْرَةَ إِلَى حَرْقِ الدَّارِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَحَبِيبٌ، عَنْ عَطَاءٍ فَإِنَّ لِلشَّيَاطِينِ) يَعْنِي أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، وَحَبِيبًا - وَهُوَ الْمعَلِّمُ - رَوَيَا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ كَمَا رَوَاهُ كَثِيرُ بْنُ شِنْظِيرٍ، إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا فِي رِوَايَتِهِمَا: فَإِنَّ لِلشَّيْطَانِ بَدَلَ قَوْلِ كَثِيرٍ فِي رِوَايَتِهِ فَإِنَّ لِلْجِنِّ وَرِوَايَةُ ابْنِ جُرَيْجٍ قَدْ تَقَدَّمَتْ مَوْصُولَةً فِي أَوَائِلِ هَذَا الْبَابِ، وَرِوَايَةُ حَبِيبٍ وَصَلَهَا أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حَبِيبٍ الْمَذْكُورِ.

وَعَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ. قَالَ: وَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ رَطْبَةً. وَتَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ.

وَقَالَ حَفْصٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قِصَّةِ الْحَيَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَعَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ الْأَعْمَشِ) يَعْنِي أَنَّ يَحْيَى بْنَ آدَمَ رَوَاهُ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ شَيْخَيْنِ أَفْرَدَهُمَا، وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ فِي أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ النَّخَعِيُّ، عَنْ عَلْقَمَةَ.

قَوْلُهُ: (رَطْبَةٌ) أَيْ غَضَّةٌ طَرِيَّةٌ فِي أَوَّلِ مَا تَلَاهَا وَوُصِفَتْ هِيَ بِالرُّطُوبَةِ، وَالْمُرَادُ بِالرُّطُوبَةِ رُطُوبَةُ فِيهِ أَيْ أَنَّهُمْ أَخَذُوهَا عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ رِيقُهُ مِنْ تِلَاوَتِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَصَفَهَا بِالرُّطُوبَةِ لِسُهُولَتِهَا، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ. وَقَوْلُهُ وُقِيَتْ شَرَّكُمْ وَوُقِيتُمْ شَرَّهَا أَيْ قَتْلُكُمْ إِيَّاهَا هُوَ شَرٌّ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا وَإِنْ كَانَ خَيْرًا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ.

وَفِيهِ جَوَازُ قَتْلِ الْحَيَّةِ فِي الْحَرَمِ، وَجَوَازُ قَتْلِهَا فِي جُحْرِهَا، وَالْجُحْرُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ مَعْرُوفٌ.

قَالَ: وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ مِثْلَهُ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ، وَالْخَامِسَ عَشَرَ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ مَعًا، وَهُوَ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بِالتَّصْغِيرِ وَهُوَ ابْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْقَائِلُ قَالَ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْبَصْرِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَتَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ) أَيْ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَطَرِيقُ أَبِي عَوَانَةَ سَتَأْتِي فِي تَفْسِيرِ (الْمُرْسَلَاتِ).

قَوْلُهُ: (وَقَالَ حَفْصٌ) هُوَ ابْنُ غِيَاثٍ (وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) يَعْنِي أَنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ خَالَفُوا إِسْرَائِيلَ فَجَعَلُوا الْأَسْوَدَ بَدَلَ عَلْقَمَةَ. وَرِوَايَةُ حَفْصٍ وَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الْحَجِّ، وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي مُعَاوِيَةَ فَأَخْرَجَهَا أَحْمَدُ عَنْهُ وَهِيَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَأَمَّا رِوَايَةُ سُلَيْمَانَ بْنِ قَرْمٍ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهَا مَوْصُولَةً.

قَوْلُهُ: (دَخَلَتِ امْرَأَةٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهَا حِمْيَرِيَّةٌ، وَفِي أُخْرَى أَنَّهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَذَا لِمُسْلِمٍ، وَلَا تَضَادَّ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ طَائِفَةً مِنْ حِمْيَرٍ كَانُوا قَدْ دَخَلُوا فِي الْيَهُودِيَّةِ فَنُسِبَتْ إِلَى دِينِهَا تَارَةً وَإِلَى قَبِيلَتِهَا أُخْرَى، وَقَدْ وَقَعَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْبَعْثِ لِلْبَيْهَقِيِّ وَأَبْدَاهُ عِيَاضٌ احْتِمَالًا، وَأَغْرَبَ النَّوَوِيُّ فَأَنْكَرَهُ.

قَوْلُهُ: (فِي هِرَّةٍ) أَيْ بِسَبَبِ هِرَّةٍ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ جَرَّا هِرَّةٍ، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ، وَجَرَّا - بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ - مَقْصُورٌ وَيَجُوزُ فِيهِ الْمَدُّ، وَالْهِرَّةُ أُنْثَى السِّنَّوْرِ وَالْهِرُّ الذَّكَرُ، وَيُجْمَعُ الْهِرُّ عَلَى هِرَرَةٍ كَقِرْدٍ وَقِرَدَةٍ، وَتُجْمَعُ الْهِرَّةُ عَلَى هِرَرٍ كَقِرْبَةٍ وَقِرَبٍ. وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْمَاضِي فِي الْكُسُوفِ وَعُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ فَرَأَيْتُ فِيهَا امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ تُعَذَّبُ فِي هِرَّةٍ لَهَا الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: (مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا وَكَسْرُهَا، وَبِمُعْجَمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ الْأُولَى خَفِيفَةٌ، وَالْمُرَادُ هَوَامُّ الْأَرْضِ وَحَشَرَاتُهَا مِنْ فَأْرَةٍ وَنَحْوِهَا، وَحَكَى النَّوَوِيُّ أَنَّهُ رُوِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْمُرَادُ نَبَاتُ الْأَرْضِ، قَالَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ أَوْ غَلَطٌ، وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَرْأَةَ عُذِّبَتْ بِسَبَبِ قَتْلِ هَذِهِ الْهِرَّةِ بِالْحَبْسِ، قَالَ عِيَاضٌ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ كَافِرَةً فَعُذِّبَتْ بِالنَّارِ حَقِيقَةً، أَوْ بِالْحِسَابِ لِأَنَّ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ. ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ كَافِرَةً فَعُذِّبَتْ بِكُفْرِهَا وَزِيدَتْ عَذَابًا بِسَبَبِ ذَلِكَ، أَوْ مُسْلِمَةً وَعُذِّبَتْ