يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ ثُمَّ تَقَنَّعَ بِرِدَائِهِ وَهُوَ عَلَى الرَّحْلِ".
٣٣٨١ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبٌ حَدَّثَنَا أَبِي سَمِعْتُ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ قال رسول الله ﷺ: "لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ".
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللِّهِ تَعَالَى: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا﴾ - وَقَوْلُهُ - ﴿كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ﴾ هُوَ صَالِحُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَسِيفِ بْنِ مَاشَخِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ حَاجِرِ بْنِ ثَمُودَ بْنِ عَامرِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وَكَانَتْ مَنَازِلُهُمْ بِالْحِجْرِ، وَهُوَ بَيْنَ تَبُوكَ وَالْحِجَازِ.
قَوْلُهُ: (الْحِجْرُ مَوْضِعُ ثَمُودَ، وَأَمَّا حَرْثٌ حِجْرٌ: حَرَامٌ) هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ﴾ أَيْ حَرَامٌ.
قَوْلُهُ: (وَكُلُّ مَمْنُوعٍ فَهُوَ حِجْرٌ، وَمِنْهُ حِجْرًا مَحْجُورًا) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا﴾ أَيْ حَرَامًا مُحَرَّمًا.
قَوْلُهُ: (وَالْحِجْرُ كُلُّ بِنَاءٍ بَنَيْتَهُ، وَمَا حَجَرْتَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ فَهُوَ حِجْرٌ، وَمِنْهُ سُمِّيَ حَطِيمُ الْبَيْتِ حِجْرًا) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَمِنَ الْحَرَامِ سُمِّيَ حِجْرُ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمِّيَ حُطَامًا لِأَنَّهُ أُخْرِجَ مِنَ الْبَيْتِ وَتُرِكَ هُوَ مَحْطُومًا، وَقِيلَ: الْحَطِيمُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ، سُمِّيَ حَطِيمًا لِازْدِحَامِ النَّاسِ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (كَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ مَحْطُومٍ) أَيِ الْحَطِيمَ (مِثْلُ قَتِيلٍ مِنْ مَقْتُولٍ) وَهَذَا عَلَى رَأْيِ الْأَكْثَرِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ حَطِيمًا لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَطْرَحُ فِيهِ ثِيَابَهَا الَّتِي تَطُوفُ فِيهَا وَتَتْرُكُهَا حَتَّى تَتَحَطَّمَ وَتَفْسُدَ بِطُولِ الزَّمَانِ، وَسَيَأْتِي هَذَا فِيمَا بَعْدُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَعَلَى هَذَا هُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، وَقِيلَ: سُمِّيَ حَطِيمًا لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْكَعْبَةِ، فَأُخْرِجَ عَنْهَا؛ وَكَأَنَّهُ كُسِرَ مِنْهَا. فَيَصِحُّ لَهُمْ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وَقَوْلُهُ: مُشْتَقٌّ لَيْسَ هُوَ مَحْمُولًا عَلَى الِاشْتِقَاقِ الَّذِي حَدَثَ اصْطِلَاحُهُ.
قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ لِلْأُنْثَى مِنَ الْخَيْلِ حِجْرٌ، وَيُقَالُ لِلْعَقْلِ حِجْرٌ وَحِجَى) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِذِي حِجْرٍ﴾ أَيْ عَقْلٍ، قَالَ: وَيُقَالُ لِلْأُنْثَى مِنَ الْخَيْلِ: حِجْرٌ.
قَوْلُهُ: (وَأَمَّا حِجْرُ الْيَمَامَةِ فَهُوَ الْمَنْزِلُ) ذَكَرَهُ اسْتِطْرَادًا، وَإِلَّا فَهَذَا بِفَتْحِ أَوَّلِهِ هِيَ قَصَبَةُ الْيَمَامَةِ الْبَلَدُ الْمَشْهُورُ بَيْنَ الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ فِي ذِكْرِ عَاقِرِ النَّاقَةِ.
قَوْلُهُ: (وَمَنَعَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالنُّونِ وَالْمُهْمَلَةِ.
قَوْلُهُ: (فِي قَوْمِهِ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ، وَالسَّرَخْسِيِّ فِي قُوَّةٍ.
قَوْلُهُ: (كَأَبِي زَمْعَةَ) هُوَ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ حَيْثُ سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ مُطَوَّلًا.
وَلَيْسَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ، وَقَدْ فَرَّقَهَا فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ. وَعَاقِرُ النَّاقَةِ اسْمُهُ قِدَارُ بْنُ سَالِفٍ، قِيلَ: كَانَ أَحْمَرَ أَزْرَقَ أَصْهَبَ. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمُبْتَدَأِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ سَبَبَ عَقْرِهِمُ النَّاقَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا اقْتَرَحُوهَا عَلَى صَالِحٍ ﵇، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ تَعَنَّتُوا فِي وَصْفِهَا، فَأَخْرَجَ اللَّهُ لَهُ نَاقَةً مِنْ صَخْرَةٍ بِالصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ، فَآمَنَ بَعْضٌ وَكَفَرَ بَعْضٌ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَتْرُكُوا النَّاقَةَ تَرْعَى حَيْثُ شَاءَتْ وَتَرِدُ الْمَاءَ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، وَكَانَتْ إِذَا وَرَدَتْ تَشْرَبُ مَاءَ الْبِئْرِ كُلِّهِ، وَكَانُوا يَرْفَعُونَ حَاجَتَهُمْ مِنَ الْمَاءِ فِي يَوْمِهِمْ لِلْغَدِ، ثُمَّ ضَاقَ بِهِمُ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ فَانْتَدَبَ تِسْعَةَ رَهْطٍ - مِنْهُمْ قِدَارُ الْمَذْكُورُ فَبَاشَرَ عَقْرَهَا، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ صَالِحًا ﵇ أَعْلَمَهُمْ بِأَنَّ الْعَذَابَ سَيَقَعُ بِهِمْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَوَقَعَ كَذَلِكَ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ ﷾ فِي كِتَابِهِ.
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَفَعَهُ: أنَّ النَّاقَةَ كَانَتْ تَرِدُ يَوْمَهَا فَتَشْرَبُ