عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ.
[الحديث ٣٣٧٢ - أطرافه في: ٣٣٧٥، ٣٣٨٧، ٤٥٣٧، ٤٦٩٤، ٦٩٩٢]
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِهِ: ﴿وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ﴾ الْآيَةَ. لَا تَوْجَلْ: لَا تَخَفْ) كَذَا اقْتَصَرَ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى تَفْسِيرِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَقَالَ: سَاقَ الْآيَتَيْنِ بِلَا حَدِيثٍ انْتَهَى. وَالتَّفْسِيرُ الْمَذْكُورُ مَرْوِيٌّ عَنْ عِكْرِمَةَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَلَعَلَّهُ كَانَ عَقِبَ هَذَا فِي الْأَصْلِ بَيَاضٌ فَحُذِفَ. وَقِصَّةُ أَضْيَافِ إِبْرَاهِيمَ أَوْرَدَهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ مُبَيَّنَةً، وَفِيهَا أَنَّهُ لَمَّا قَرَّبَ إِلَيْهِمُ الْعِجْلَ قَالُوا: إِنَّا لَا نَأْكُلُ طَعَامًا إِلَّا بِثَمَنٍ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ لَهُ ثَمَنًا، قَالُوا: وَمَا ثَمَنُهُ؟ قَالَ: تَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَى أَوَّلِهِ وَتَحْمَدُونَهُ عَلَى آخِرِهِ، قَالَ: فَنَظَرَ جِبْرِيلُ إِلَى مِيكَائِيلَ فَقَالَ: حُقَّ لِهَذَا أَنْ يَتَّخِذَهُ رَبُّهُ خَلِيلًا. فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُمْ لَا يَأْكُلُونَ فَزِعَ مِنْهُمْ. وَمِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ مُحْصَنٍ قَالَ: كَانُوا أَرْبَعَةً: جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ وَرَفَايِيلُ وَمِنْ طَرِيقِ نُوحِ بْنِ أَبِي شَدَّادٍ أَنَّ جِبْرِيلَ مَسَحَ بِجَنَاحَيْهِ الْعِجْلَ فَقَامَ يَدْرُجُ حَتَّى لَحِقَ بِأُمِّهِ فِي الدَّارِ.
قَوْلُهُ: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى﴾. كَذَا وَقَعَ هَذَا الْكَلَامُ لِأَبِي ذَرٍّ مُتَّصِلًا بِالْبَابِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ بَدَلَ قَوْلِهِ: ﴿وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ وَحَكَى الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَهُ بَابُ قَوْلِهِ: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ، إِلَخْ وَسَقَطَ كُلُّ ذَلِكَ لِلنَّسَفِيِّ فَصَارَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ تَكْمِلَةَ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، فَكَمُلَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ عِشْرِينَ حَدِيثًا، وَهُوَ مُتَّجَهٌ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ) فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، وَسَعِيدٌ كَذَا قَالَ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ، الزُّهْرِيِّ فَقَالَ إِنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، وَأَبَا عُبَيْدَةَ أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ لِلْمُصَنِّفِ قَرِيبًا، وَتَابَعَ مَالِكًا، أَبُو أُوَيْسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِهِ، وَرَجَحَ ذَلِكَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ جَنَحَ إِلَى تَصْحِيحِ الطَّرِيقَيْنِ فَأَخْرَجَهُمَا مَعًا، وَهُوَ نَظَرٌ صَحِيحٌ، لِأَنَّ الزُّهْرِيَّ صَاحِبُ حَدِيثٍ، وَهُوَ المَعْرُوف بِالرِّوَايَةِ عَنْ هَؤُلَاءِ فَلَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُمْ جَمِيعًا، ثُمَّ هُوَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي حَدَّثَ بِهَا مَالِكٌ خَارِجَ الْمُوَطَّأ وَاشْتُهِرَ أَنَّ جُوَيْرِيَةَ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ، وَلَكِنْ تَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ مَالِكٍ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبَ مِنْ طَرِيقِهِ.
قَوْلُهُ: (نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ) سَقَطَ لَفْظُ الشَّكِّ مِنْ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ. وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْمُرَادِ بِالشَّكِّ هُنَا، فَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالَ: كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَحَمَلَهُ أَيْضًا الطَّبَرِيُّ عَلَى ظَاهِرِهِ وَجَعَلَ سَبَبَهُ حُصُولَ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ، لَكِنَّهَا لَمْ تَسْتَقِرَّ وَلَا زَلْزَلَتِ الْإِيمَانَ الثَّابِتَ، وَاسْتَنَدَ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ هُوَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَرْجَى آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى﴾ الْآيَةَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا لِمَا يَعْرِضُ فِي الصُّدُورِ وَيسوسُ بِهِ الشَّيْطَانُ، فَرَضِيَ اللَّهُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ ﵇ بِأَنْ قَالَ: بَلَى.
وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، وَهَذِهِ طُرُقٌ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا وَإِلَى ذَلِكَ جَنَحَ عَطَاءٌ فَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَأَلْتُ عَطَاءً عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: دَخَلَ قَلْبَ إِبْرَاهِيمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute