وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ يُقَالُ دَكَّهُ: زَلْزَلَهُ ﴿فَدُكَّتَا﴾ فَدُكِكْنَ جَعَلَ الْجِبَالَ كَالْوَاحِدَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا﴾ وَلَمْ يَقُلْ كُنَّ رَتْقًا: مُلْتَصِقَتَيْنِ، ﴿وَأُشْرِبُوا﴾ ثَوْبٌ مُشَرَّبٌ مَصْبُوغٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿فَانْبَجَسَتْ﴾ انْفَجَرَتْ، ﴿وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ﴾ رَفَعْنَا.
٣٣٩٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ﵁، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: النَّاسُ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ.
٣٣٩٩ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَوْلَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزْ اللَّحْمُ، وَلَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ سَاقَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ الْآيَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا. وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ﴾ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُوَاعَدَةَ وَقَعَتْ مَرَّتَيْنِ، وَقَوْلُهُ: صَعِقًا، أَيْ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (يُقَالُ دَكَّهُ زَلْزَلَهُ) هَذَا ذَكَرَهُ هُنَا لِقَوْلِهِ فِي قِصَّةِ مُوسَى ﵇: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا﴾ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: جَعَلَهُ دَكًّا أَيْ مُسْتَوِيًا مَعَ وَجْهِ الْأَرْضِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ جُعِلَ صِفَةً، وَيُقَالُ نَاقَةٌ دَكَّاءُ أَيْ ذَاهِبَةُ السَّنَامِ مُسْتَوٍ ظَهْرُهَا. وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ مَرْدُوَيْهِ مَرْفُوعًا: أنَّ الْجَبَلَ سَاخَ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ يَهْوِي فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَسَنَدُهُ وَاهٍ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَالِكٍ رَفَعَهُ: لَمَّا تَجَلَّى اللَّهُ لِلْجَبَلِ طَارَتْ لِعَظَمَتِهِ سِتَّةُ أَجْبُلٍ فَوَقَعَتْ ثَلَاثَةٌ بِمَكَّةَ: حِرَى وَثَوْرٌ وَثَبِيرٌ، وَثَلَاثَةٌ بِالْمَدِينَةِ: أُحُدٌ وَرَضْوَى وَوَرْقَانُ، وَهَذَا غَرِيبٌ مَعَ إِرْسَالِهِ.
قَوْلُهُ: ﴿فَدُكَّتَا﴾ فَدُكِكْنَ جَعَلَ الْجِبَالَ كَالْوَاحِدَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا﴾ وَلَمْ يَقُلْ كُنَّ رَتْقًا) ذَكَرَ هَذَا اسْتِطْرَادًا إِذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِقِصَّةِ مُوسَى، وَكَذَا قَوْلُهُ: رَتْقًا مُلْتَصِقَتَيْنِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الرَّتْقُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ثُقْبٌ، ثُمَّ فَتَقَ اللَّهُ السَّمَاءَ بِالْمَطَرِ وَفَتَقَ الْأَرْضَ بِالشَّجَرِ.
قَوْلُهُ: ﴿وَأُشْرِبُوا﴾ ثَوْبٌ مُشْرَبٌ مَصْبُوغٌ) يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الشُّرْبِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ﴾ أَيْ سُقُوهُ حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْحذْفِ أَيْ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ حُبَّ الْعِجْلِ. وَمَنْ قَالَ إِنَّ الْعِجْلَ أُحْرِقَ ثُمَّ ذُرِّيَ فِي الْمَاءِ فَشَرِبُوهُ فَلَمْ يُعْرَفْ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، لِأَنَّهَا لَا تَقُولُ فِي الْمَاءِ: أُشْرِبَ فُلَانٌ فِي قَلْبِهِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿فَانْبَجَسَتْ﴾ انْفَجَرَتْ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: ﴿وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ﴾ رَفَعْنَا) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ أَيْضًا. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: حَدَيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي أَنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ (١) وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ قَرِيبًا.
ثَانِيهَا: حَدَيثُهُ لَوْلَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزِ اللَّحْمُ، وَسَبَقَ شَرْحُهُ فِي تَرْجَمَةِ آدَمَ.
(١) حديث الصعق إنما هو عن أبي سعيد