أولياء اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ أَمْ بُعِثَ قَبْلِي.
٣٤١٥ - وَلَا أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى.
[الحديث ٣٤١٥ - أطرافه في: ٣٤١٦، ٤٦٠٤، ٤٦٣١، ٤٨٠٥]
٣٤١٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿وَهُوَ مُلِيمٌ﴾ هُوَ يُونُسُ بْنُ مَتَّى بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ مَقْصُورٌ، وَوَقَعَ فِي تَفْسِيرِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّهُ اسْمُ أُمِّهِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ فَهَذَا أَصَحُّ، وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ عَلَى اتِّصَالِ نَسَبِهِ، وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ مِنَ الْفُرْسِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ مُجَاهِدٌ: مُذْنِبٌ) يَعْنِي تَفْسِيرَ قَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ مُلِيمٌ﴾ وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ: ﴿فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ﴾ مِنْ أَلَامَ الرَّجُلُ إِذَا أَتَى بِمَا يُلَامُ عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ الطَّبَرِيُّ: الْمُلِيمُ هُوَ الْمُكْتَسِبُ اللَّوْمَ.
قَوْلُهُ: (وَالْمَشْحُونُ الْمُوقَرُ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ الْمَشْحُونُ الْمَمْلُوءُ، وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَشْحُونُ الْمُوقَرُ.
قَوْلُهُ: ﴿فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ - الْآيَةَ - ﴿فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ﴾ بِوَجْهِ الْأَرْضِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ﴾ أَيْ بِوَجْهِ الْأَرْضِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ نَبَذْتُهُ بِالْعَرَاءِ أَيْ بِالْأَرْضِ الْفَضَاءِ، قَالَ الشَّاعِرُ: وَنَبَذْتُ بِالْبَلَدِ الْعَرَاءِ ثِيَابِي وَالْعَرَاءُ الَّذِي لَا شَيْءَ فِيهِ يُوَارِي مِنْ شَجَرٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَاءُ الْمَكَانُ الْخَالِي.
قَوْلُهُ: (مِنْ يَقْطِينٍ: مِنْ غَيْرِ ذَاتِ أَصْلٍ، الدُّبَّاءُ وَنَحْوُهُ) وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ وَزَادَ: لَيْسَ لَهَا سَاقٌ، وَكَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّ شَجَرَةٍ لَا تَقُومُ عَلَى سَاقٍ فَهِيَ يَقْطِينٌ نَحْوُ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْظَلِ وَالْبِطِّيخِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ الْقَرْعُ، وَقِيلَ التِّينُ وَقِيلَ الْمَوْزُ، وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ فِي الْقَرْعِ هِيَ شَجَرَةُ أَخِي يُونُسَ.
قَوْلُهُ: ﴿وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾. كَظِيمٌ: مَغْمُومٌ) كَذَا فِيهِ، وَالَّذِي قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾ أَيْ مِنَ الْغَمِّ مِثْلُ كَظِيمٍ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾ يَقُولُ: مَغْمُومٌ. ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى، وَحَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى، وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ، وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الْمُسْلِمِ الَّذِي لَطَمَ الْيَهُودِيَّ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهَا فِي أَوَاخِرِ قِصَّةِ مُوسَى، وَقَالَ فِي آخِرِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: وَلَا أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلَ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى. وَحَدِيثَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُخْتَصَرًا مُقْتَصِرًا عَلَى مِثْلِ لَفْظِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ بِلَفْظِ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَقُولَ. . . إِلَخْ. وَهَذَا يُؤَيِّدُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الطَّرِيقِ الْأُولَى: إِنَّ الْمُرَادَ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ سَبَّحَ اللَّهَ فِي الظُّلُمَاتِ فَأَشَارَ إِلَى جِهَةِ الْخَيْرِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الرَّدِّ