للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا﴾ هَذَا الْبَابُ مَعْقُودٌ لِأَخْبَارِ عِيسَى Object، وَالْأَبْوَابُ الَّتِي قَبْلَهُ لِأَخْبَارِ أُمِّهِ مَرْيَمَ، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ: أَصَابَ مَرْيَمَ حَيْضٌ فَخَرَجَتْ مِنَ الْمَسْجِدِ فَأَقَامَتْ شَرْقِيَّ الْمِحْرَابِ.

قَوْلُهُ: (فَنَبَذْنَاهُ: أَلْقَيْنَاهُ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَنَبَذْنَاهُ﴾ قَالَ: أَلْقَيْنَاهُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِذِ انْتَبَذَتْ﴾ أَيِ اعْتَزَلَتْ وَتَنَحَّتْ.

قَوْلُهُ: (اعْتَزَلَتْ شَرْقِيًّا مِمَّا يَلِي الشَّرْقَ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿مَكَانًا شَرْقِيًّا﴾ مِمَّا يَلِي الشَّرْقَ، وَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ خَيْرٌ مِنَ الْغَرْبِيِّ الَّذِي يَلِي الْغَرْبَ.

قَوْلُهُ: (فَأَجَاءَهَا: أَفَعَلْتُ مِنْ جِئْتُ وَيُقَالُ أَلْجَأَهَا اضْطَرَّهَا) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ﴾ مَجَازُهُ أَفْعَلَهَا مِنْ جَاءَتْ، وَأَجَاءَهَا غَيْرُهَا إِلَيْهِ، يَعْنِي فَهُوَ مِنْ مَزِيدِ جَاءَ، قَالَ زُهَيْرٌ:

وَجَاءَ وَسَارَ مُعْتَمِدًا إِلَيْكُمْ … أَجَاءَتْهُ الْمَخَافَةُ وَالرَّجَاءُ

وَالْمَعْنَى أَلْجَأَتْهُ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إِنَّ أَجَاءَ مَنْقُولٌ مِنْ جَاءَ، إِلَّا أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ تَغَيَّرَ بَعْدَ النَّقْلِ إِلَى مَعْنَى الْإِلْجَاءِ.

قَوْلُهُ: ﴿تُسَاقِطْ﴾ تُسْقِطُ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَضُبِطَ تُسْقِطُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَالْفَاعِلُ النَّخْلَةُ عِنْدَ مَنْ قَرَأَهَا بِالْمُثَنَّاةِ، أَوِ الْجِذْعُ عِنْدَ مَنْ قَرَأَهَا بِالتَّحْتَانِيَّةِ.

قَوْلُهُ: ﴿قَصِيًّا﴾ قَاصِيًا) هُوَ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْهُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿مَكَانًا قَصِيًّا﴾ أَيْ بَعِيدًا.

قَوْلُهُ: ﴿فَرِيًّا﴾ عَظِيمًا) هُوَ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْهُ، وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ كَذَلِكَ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا﴾ أَيْ عَجَبًا فَائِقًا.

قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَسْيًا لَمْ أَكُنْ شَيْئًا) وَصَلَهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا﴾ أَيْ لَمْ أُخْلَقْ وَلَمْ أَكُنْ شَيْئًا.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ غَيْرُهُ النَّسْيُ الْحَقِيرُ) هُوَ قَوْلُ السُّدِّيِّ، وَقِيلَ هُوَ مَا سَقَطَ فِي مَنَازِلِ الْمُرْتَحِلِينَ مِنْ رُذَالَةِ أَمْتِعَتِهِمْ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَكُنْتُ نَسْيًا﴾ أَيْ شَيْئًا لَا يُذْكَرُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ: عَلِمَتْ مَرْيَمُ أَنَّ التَّقِيَّ ذُو نُهْيَةٍ حِينَ قَالَتْ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ قَالَ: قَرَأَ أَبُو وَائِلٍ ﴿إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾ قَالَ: لَقَدْ عَلِمَتْ مَرْيَمُ أَنَّ التَّقِيَّ ذُو نُهْيَةٍ، وَقَوْلُهُ نُهْيَةٍ: بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْهَاءِ أَيْ ذُو عَقْلٍ وَانْتِهَاءٍ عَنْ فِعْلِ الْقَبِيحِ، وَأَغْرَبَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ اسْمُ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ تَقِيٌّ كَانَ مَشْهُورًا بِالْفَسَادِ فَاسْتَعَاذَتْ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ إِلَخْ) ذَكَرَ خَلَفٌ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ وَصَلَهُ عَنْ يَحْيَى، عَنْ وَكِيعٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي التَّفْسِيرِ، وَلَمْ نَقِفْ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ النُّسَخِ، فَلَعَلَّهُ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ شَاكِرٍ، عَنِ الْبُخَارِيِّ.

قَوْلُهُ: (سَرِيًّا: نَهَرٌ صَغِيرٌ بِالسُّرْيَانِيَّةِ) كَذَا ذَكَرَهُ مَوْقُوفًا مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ مُعَلَّقًا، وَأَوْرَدَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ مِثْلَهُ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ آدَمَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ بِهِ لَكِنْ لَمْ يَقُلْ بِالسُّرْيَانِيَّةِ وَإِنَّمَا قَالَ الْبَرَاءُ: السَّرِيُّ الْجَدْوَلُ وَهُوَ النَّهَرُ الصَّغِيرُ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَنَّ السَّرِيَّ النَّهَرُ الصَّغِيرُ بِالْعَرَبِيَّةِ أَيْضًا وَأَنْشَدَ لِلَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ:

فَرَمَى بِهَا عُرْضَ السَّرِيِّ فَغَادَرَا … مَسْجُورَةً مُتَجَاوِزٌ أَقْلَامُهَا

وَالْعُرْضُ بِالضَّمِّ النَّاحِيَةُ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: السَّرِيُّ الْجَدْوَلُ، وَمِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: السَّرِيُّ هُوَ عِيسَى، وَهَذَا شَاذٌّ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ