إِلَى أَنْ يُبْعَثُوا لِإِعَانَةِ الْمَهْدِيِّ. وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ بِسَنَدٍ وَاهٍ أَنَّهُمْ يَحُجُّونَ مَعَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ.
قَوْلُهُ: (وَالرَّقِيمُ الْكِتَابُ مَرْقُومٌ مَكْتُوبٌ مِنَ الرَّقْمِ) رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الرَّقِيمُ الْكِتَابُ، وَقَوْلُهُ مَرْقُومٌ مَكْتُوبٌ، هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَهُ تَفْسِير قَوْلِهِ: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ وَوَرَاءُ ذَلِكَ أَقْوَالٌ أُخْرَى، فَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، وَمِنْ طَرِيقِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وَكَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الرَّقِيمُ الْوَادِي الَّذِي فِيهِ الْكَهْفُ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ قَالَ: هُوَ اسْمُ الْقَرْيَةِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ الرَّقِيمَ اسْمُ الْكَلْبِ، وَقِيلَ: الرَّقِيمُ هُوَ الْغَارُ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ فِي حَدِيثِ الْغَارِ، وَقِيلَ: الرَّقِيمُ الصَّخْرَةُ الَّتِي أَطْبَقَتْ عَلَى الْوَادِي، وَسَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْكَهْفِ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ الرَّقِيمَ لَوْحٌ مِنْ رَصَاصٍ كُتِبَتْ فِيهِ أَسْمَاءُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ لَمَّا تَوَجَّهُوا عَنْ قَوْمِهِمْ وَلَمْ يَدْرُوا أَيْنَ تَوَجَّهُوا، وَسَأُشِيرُ إِلَيْهِ هُنَا مُخْتَصَرًا. وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي كَانَ مَكْتُوبًا فِي الرَّقِيمِ شَرْعُهُمُ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ. وَقِيلَ: الرَّقِيمُ الدَّوَاةُ. وَقَالَ قَوْمٌ: أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَلَمْ يُخْبِرْ عَنْ قِصَّةِ أَصْحَابِ الرَّقِيمِ. قُلْتُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلِ السِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ هُمْ أَصْحَابُ الرَّقِيمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (رَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ: أَلْهَمْنَاهُمْ صَبْرًا) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ.
قَوْلُهُ: (شَطَطًا: إِفْرَاطًا) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾ أَيْ جَوْرًا وَغُلُوًّا، قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلَا يَا لَقَوْمِي قَدْ أَشَطَّتْ عَوَاذِلِي … وَيَزْعُمْنَ أَنْ أَوْدَى بِحَقِّي بَاطِلِي
وَرَوَى الطَّبَرِيُّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ ﴿شَطَطًا﴾ قَالَ: كَذِبًا.
قَوْلُهُ: (الْوَصِيدُ الْفِنَاءُ) هُوَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالْمَدِّ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.
قَوْلُهُ: (وَجَمْعُهُ وَصَائِدُ وَوُصُدٌ، وَيُقَالُ: الْوَصِيدُ الْبَابُ، ﴿مُؤْصَدَةٌ﴾ مُطْبَقَةٌ آصَدُ الْبَابَ وَأُوصِدُ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ﴾ أَيْ عَلَى الْبَابِ وَبِفِنَاءِ الْبَابِ ; لِأَنَّ الْبَابَ يُؤْصَدُ، أَيْ يُغْلَقُ، وَالْجَمْعُ وَصَائِدُ وَوُصُدٌ، وَقَالُوا الْوَصِيدُ عَتَبَةُ الْبَابِ أَيْضًا تَقُولُ: أَوْصِدْ بَابَكَ وَآصِدْهُ، وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ أَنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ وَتِهَامَةَ يَقُولُونَ الْوَصِيدُ، وَأَهْلُ نَجْدٍ يَقُولُونَ الْأَصِيدُ.
قَوْلُهُ: ﴿مُؤْصَدَةٌ﴾ مُطْبَقَةٌ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: نَارٌ مُؤْصَدَةٌ أَيْ مُطْبَقَةٌ تَقُولُ: أَوْصَدْتُ وَآصَدْتُ أَيْ أَطْبَقْتُ، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ اسْتِطْرَادًا.
قَوْلُهُ: ﴿بَعَثْنَاهُمْ﴾ أَحْيَيْنَاهُمْ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: ﴿أَزْكَى﴾ أَكْثَرُ رِيعًا) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا أَيْ أَكْثَرُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
قَبَائِلُنَا سَبْعٌ وَأَنْتُمْ ثَلَاثَةٌ … وَلَلسَّبْعُ أَزْكَى مِنْ ثَلَاثٍ وَأَطْيَبُ
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَزْكَى طَعَامًا﴾ قَالَ: خَيْرٌ طَعَامًا، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَحَلَّ، وَرَجَّحَهُ الطَّبَرِيُّ.
قَوْلُهُ: (فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى آذَانِهِمْ فَنَامُوا) هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا سَأَذْكُرُهُ مِنْ طَرِيقِهِ، وَقِيلَ مَعْنَى: فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ، أَيْ سَدَّدْنَا عَنْ نُفُوذِ الْأَصْوَاتِ إِلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (رَجْمًا بِالْغَيْبِ لَمْ يَسْتَبِنْ) قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: رَجْمًا بِالْغَيْبِ قَالَ: قَذْفًا بِالظَّنِّ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: رَجْمًا بِالْغَيْبِ قَالَ: الرَّجْمُ مَا لَمْ يَسْتَيْقِنْهُ مِنَ الظَّنِّ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا الْحَرْبُ إِلَّا مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمُ … وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ الْمُرَجَّمِ