الْخَمْسَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَزَادَ الْخَاتَمَ، لَكِنْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَأَنَا الْعَاقِبُ قَالَ: يَعْنِي الْخَاتَمَ، وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ: أَحْمَدُ وَمُحَمَّدُ وَالْحَاشِرُ وَالْمُقَفِّي وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ. وَكَذَا فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْحَاشِرَ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْعَدَدَ لَيْسَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الرَّاوِي بِالْمَعْنَى، وَفِيهِ نَظَرٌ لِتَصْرِيحِهِ فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ: إِنَّ لِي خَمْسَةَ أَسْمَاءٍ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ لِي خَمْسَةَ أَسْمَاءٍ أَخْتَصُّ بِهَا لَمْ يُسَمَّ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِي، أَوْ مُعَظَّمَةٌ أَوْ مَشْهُورَةٌ فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ، لَا أَنَّهُ أَرَادَ الْحَصْرَ فِيهَا.
قَالَ عِيَاضٌ: حَمَى اللَّهُ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ أَنْ يُسَمَّى بِهَا أَحَدٌ قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا تَسَمَّى بَعْضُ الْعَرَبِ مُحَمَّدًا قُرْبَ مِيلَادِهِ لِمَا سَمِعُوا مِنَ الْكُهَّانِ وَالْأَحْبَارِ أَنَّ نَبِيًّا سَيُبْعَثُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ يُسَمَّى مُحَمَّدًا فَرَجَوْا أَنْ يَكُونُوا هُمْ فَسَمَّوْا أَبْنَاءَهُمْ بِذَلِكَ، قَالَ: وَهُمْ سِتَّةٌ لَا سَابِعَ لَهُمْ، كَذَا قَالَ، وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ: لَا يُعْرَفُ فِي الْعَرَبِ مَنْ تَسَمَّى مُحَمَّدًا قَبْلَ النَّبِيِّ ﷺ إِلَّا ثَلَاثَةٌ: مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ مُجَاشِعٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلَاحِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ بْنِ رَبِيعَةَ.
وَسَبَقَ السُّهَيْلِيَّ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالَوَيْهِ فِي كِتَابِ لَيْسَ وَهُوَ حَصْرٌ مَرْدُودٌ، وَقَدْ جَمَعْتُ أَسْمَاءَ مَنْ تَسَمَّى بِذَلِكَ فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ فَبَلَغُوا نَحْوَ الْعِشْرِينَ لَكِنْ مَعَ تَكَرُّرٍ فِي بَعْضِهِمْ وَوَهْمٍ فِي بَعْضٍ، فَيَتَلَخَّصُ مِنْهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ نَفْسًا، وَأَشْهَرُهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ سِوَاءَةَ بْنِ جُشَمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ، رَوَى حَدِيثَهُ الْبَغَوِيُّ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ شَاهِينَ، وَابْنُ السَّكَنِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سَوِيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَوِيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ خَلِيفَةَ بْنِ عَبْدَةَ الْمِنْقَرِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَدِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ كَيْفَ سَمَّاكَ أَبُوكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مُحَمَّدًا؟ قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي عَمَّا سَأَلْتَنِي فَقَالَ: خَرَجْتُ رَابِعَ أَرْبَعَةٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ أَنَا أَحَدُهُمْ وَسُفْيَانُ بْنُ مُجَاشِعٍ، وَيَزِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ رَبِيعَةَ، وَأُسَامَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْعَنْبَرِ نُرِيدُ ابْنَ جَفْنَةَ الْغَسَّانِيَّ بِالشَّامِ، فَنَزَلْنَا عَلَى غَدِيرٍ عِنْدَ دَيْرٍ، فَأَشْرَفَ عَلَيْنَا الدَّيْرَانِيُّ فَقَالَ لَنَا: إِنَّهُ يُبْعَثُ مِنْكُمْ وَشِيكًا نَبِيٌّ فَسَارِعُوا إِلَيْهِ، فَقُلْنَا مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. فَلَمَّا انْصَرَفْنَا وُلِدَ لِكُلٍّ مِنَّا وَلَدٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا لِذَلِكَ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ مُحَارِبٍ، عَنْ قَتَادَةَ بْنِ السَّكَنِ قَالَ: كَانَ فِي بَنِي تَمِيمٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ مُجَاشِعٍ، قِيلَ لِأَبِيهِ: إِنَّهُ سَيَكُونُ نَبِيٌّ فِي الْعَرَبِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَسَمَّى ابْنَهُ مُحَمَّدًا فَهَؤُلَاءِ أَرْبَعَةٌ لَيْسَ فِي السِّيَاقِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَهُ صُحْبَةٌ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَدِيٍّ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ سَعْدٍ لَمَّا ذَكَرَهُ فِي الصَّحَابَةِ: عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَذَكَرَ عَبْدَانُ الْمَرْوَزِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلَاحِ أَوَّلُ مَنْ تَسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ مُحَمَّدًا، وَكَأَنَّهُ تَلَقَّى ذَلِكَ مِنْ قِصَّةِ تُبَّعٍ لَمَّا حَاصَرَ الْمَدِينَةَ وَخَرَجَ إِلَيْهِ أُحَيْحَةُ الْمَذْكُورُ هُوَ وَالْحَبْرُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُمْ بِيَثْرِبَ فَأَخْبَرَهُ الْحَبْرُ أَنَّ هَذَا بَلَدُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ يُسَمَّى مُحَمَّدًا فَسَمَّى ابْنَهُ مُحَمَّدًا.
وَذَكَرَ الْبِلَاذُرِيُّ مِنْهُمْ مُحَمَّدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أُحَيْحَةَ، فَلَا أَدْرِي أَهُمَا وَاحِدٌ نُسِبَ مَرَّةً إِلَى جَدِّهِ أَمْ هُمَا اثْنَانِ. وَمِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْبَرَاءِ الْبَكْرِيُّ ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَضَبَطَ الْبِلَاذُرِيُّ أَبَاهُ فَقَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ بَرٍّ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ لَيْسَ بَعْدَهَا أَلِفٌ ابْنُ طَرِيفِ بْنِ عُتْوَارَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ، وَلِهَذَا نَسَبُوهُ أَيْضًا الْعُتْوَارِيَّ.
وَغَفَلَ ابْنُ دِحْيَةَ فَعَدَّ فِيهِمْ مُحَمَّدَ بْنَ عُتْوَارَةَ وَهُوَ هُوَ نُسِبَ لِجَدِّهِ الْأَعْلَى. وَمِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْيَحْمَدَ الْأَزْدِيُّ، ذَكَرَهُ الْمُفَجَّعُ الْبَصْرِيُّ فِي كِتَابِ الْمَقْعَدِ وَمُحَمَّدُ بْنُ خَوْلِيٍّ الْهَمْدَانِيُّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ دُرَيْدٍ. وَمِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ حِرْمَازَ بْنِ مَالِكٍ الْيَعْمُرِيُّ، ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى فِي الذَّيْلِ. وَمِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ بْنِ أَبِي حُمْرَانَ، وَاسْمُهُ رَبِيعَةُ بْنُ مَالِكٍ الْجُعْفِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالشُّوَيْعِرِ، ذَكَرَهُ الْمَرْزُبَانِيُّ فَقَالَ: هُوَ أَحَدُ مَنْ سُمِّيَ مُحَمَّدًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَهُ قِصَّةٌ مَعَ امْرِئِ الْقَيْسِ.
وَمِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ خُزَاعِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ حِرَابَةَ السُّلَمِيُّ مِنْ بَنِي ذَكْوَانَ، ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْفَضْلِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute