شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَحْضَرَ الْمَاءَ، وَأَنَّهُ أَحْضَرَهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ مِنْ بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَأَنَّهُ رَدَّهُ بَعْدَ فَرَاغِهِمْ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَفِيهِ قَدْرُ مَا كَانَ فِيهِ أَوَّلًا.
وَوَقَعَ عِنْدَهُ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ إِلَى قُبَاءَ، فَأُتِيَ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِهِمْ بِقَدَحٍ صَغِيرٍ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْآتِي التَّصْرِيحُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي سَفَرٍ فَفِي رِوَايَةِ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَمَا فِي الْقَوْمِ مِنْ طَهُورٍ؟ فَجَاءَ رَجُلٌ بِفَضْلَةٍ فِي إِدَاوَةٍ فَصَبَّهُ فِي قَدَحٍ، فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ أَتَوْا بِبَقِيَّةِ الطَّهُورِ فَقَالُوا: تَمَسَّحُوا تَمَسَّحُوا، فَسَمِعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: عَلَى رِسْلِكُمْ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي الْقَدَحِ فِي جَوْفِ الْمَاءِ ثُمَّ قَالَ: أَسْبِغُوا الطُّهُورَ، قَالَ جَابِرٌ: فَوَالَّذِي أَذْهَبَ بَصَرِي لَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى تَوَضَّئُوا أَجْمَعُونَ، قَالَ: حَسِبْتُهُ قَالَ: كُنَّا مِائَتَيْنِ وَزِيَادَةً وَجَاءَ عَنْ جَابِرٍ قِصَّةٌ أُخْرَى أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ فِي أَوَاخِرِ الْكِتَابِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِيهِ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي أَحْضَرُوهُ لَهُ كَانَ قَطْرَةً فِي إِنَاءٍ مِنْ جِلْدٍ لَوْ أَفْرَغَهَا لَشَرِبَهَا يَابِسُ الْإِنَاءِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِي الرَّكْبِ قَطْرَةَ مَاءٍ غَيْرَهَا، قَالَ: فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ ﷺ فَتَكَلَّمَ وَغَمَزَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: نَادِ بِجَفْنَةِ الرَّكْبِ فَجِيءَ بِهَا ; فَقَالَ بِيَدِهِ فِي الْجَفْنَةِ فَبَسَطَهَا، ثُمَّ فَرَّقَ أَصَابِعَهُ وَوَضَعَ تِلْكَ الْقَطْرَةَ فِي قَعْرِ الْجَفْنَةِ فَقَالَ: خُذْ يَا
جَابِرُ فَصُبَّ عَلَيَّ وَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ، فَفَعَلْتُ، قَالَ: فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ فَارَتِ الْجَفْنَةُ وَدَارَتْ حَتَّى امْتَلَأَتْ، فَأَتَى النَّاسُ فَاسْتَقَوْا حَتَّى رَوَوْا، فَرَفَعَ يَدَهُ مِنَ الْجَفْنَةِ وَهِيَ مَلْأَى وَهَذِهِ الْقِصَّةُ أَبْلَغُ مِنْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى قِلَّةِ الْمَاءِ وَعَلَى كَثْرَةِ مَنِ اسْتَقَى مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (زُهَاءَ ثَلَاثِمِائَةٍ) هُوَ بِضَمِّ الزَّايِ وَبِالْمَدِّ أَيْ قَدْرَ ثَلَاثِمِائَةِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ زَهَوْتُ الشَّيْءَ إِذَا حَصَرْتُهُ. وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدٍ قَالَ: ثَلَاثِمِائَةِ بِالْجَزْمِ بِدُونِ قَوْلِهِ زُهَاءَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي نَبْعِ الْمَاءِ أَيْضًا:
قَوْلُهُ: (عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَالنَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ) كَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ، وَوَقَعَ فِي الْأَشْرِبَةِ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لَمَّا حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، وَسَيَأْتِي شَرْحُ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ: (جَهَشَ) هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْهَاءِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ أَيْ أَسْرَعُوا لِأَخْذِ الْمَاءِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَجَهَشَ بِزِيَادَةِ فَاءٍ فِي أَوَّلِهِ، وَقَوْلُهُ: فَجَعَلَ الْمَاءُ يَثُورُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِمُثَلَّثَةٍ، وَلِلكُشمِيهَنِيِّ بِالْفَاءِ وَهُمَا بِمَعْنًى.
وَقَوْلُهُ: (رُوِينَا) بِكَسْرِ الْوَاوِ مِنَ الرِّيِّ.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ الْبَرَاءِ فِي تَكْثِيرِ الْمَاءِ بِبِئْرِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأُبَيِّنُ هُنَاكَ التَّوْفِيقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي قَبْلَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٣٥٧٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ، لِأُمِّ سُلَيْمٍ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا فَلَفَّتْ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدِي وَلَاثَتْنِي بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: بِطَعَامٍ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِمَنْ مَعَهُ: قُومُوا فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute